رادار في الجو: محاولة لاستكشاف المياه الجوفية

31 مايو 2024
الزراعة هي المستهلك الرئيسي للمياه الجوفية للمنطقة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه شح المياه، مما يؤثر على الزراعة ومياه الشرب، وتحديات في استخراج المياه الجوفية بسبب التكلفة العالية.
- فريق من الباحثين طور نظام "رادار السبر المحمول جوّاً" (Desert-SEA) لتحسين رصد ودراسة المياه الجوفية في الصحراء، مما يساعد في فهم توزيع واستدامة خزانات المياه.
- نظام Desert-SEA يتميز بقدرته على إرسال إشارات تنعكس من الطبقات المشبعة بالمياه، مما يوفر خرائط دقيقة لمنسوب المياه الجوفية ويعد تقدمًا في إدارة الموارد المائية، خاصة للزراعة.

تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشكلة شح المياه التي تؤثر على الزراعة وخدمات مياه الشرب، وغيرها من الأغراض التي تتطلب توفير المياه. ومع تزايد الضغط على الموارد المائية السطحية الشحيحة جدا في بلدان المنطقة، تلجأ البلدان إلى استخراج المياه الجوفية. لكن هذا الأمر تواجهه بعض العقبات، مثل ارتفاع كلفة حفر آبار الاستكشاف.

في دراسة جديدة، طور فريق يضم باحثين من جامعة كاليفورنيا الجنوبية في الولايات المتحدة، وجامعة حمد بن خليفة في دولة قطر، وجهات بحثية أخرى، نموذجاً أولياً جديداً لما يسميه الفريق "رادار السبر المحمول جوّاً لاستكشاف طبقات المياه الجوفية تحت سطح الصحراء"، وسمّوه اختصاراً Desert-SEA.

تتناول الدراسة التي نشرت أخيراً في مجلة IEEE Geoscience and Remote Sensing واستمر العمل عليها أربعة أعوام، تطوير منظومة جوية لرصد ودراسة المياه الجوفية في المناطق الصحراوية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً للمؤلف الرئيسي للدراسة عصام حجي، الباحث في علوم الأرض والاستشعار عن بعد في جامعة كاليفورنيا الجنوبية.

يوضح حجي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل نطاقاً جغرافياً أكبر من مساحة الولايات المتحدة الأميركية، ويصعب فهم آلية حركة وتوزيع المياه الجوفية في هذا الإقليم الصحراوي الشاسع بالاعتماد فقط على الطريقة التقليدية في استخراج المياه الجوفية السطحية، التي تعتمد على حفر الآبار المحدودة والموزعة بشكل غير متصل. لذلك، تهدف الدراسة الجديدة إلى تطوير منظومة لتحسين دراسة وفهم توزيع خزانات المياه الجوفية غير العميقة التي لم ترصدها الخرائط التقليدية لتوزيع الآبار المتفرقة، والتي "لا تعبر تعبيراً صادقاً عن حقيقة توزيع المياه الجوفية في الصحراء العربية".

ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة أن الزراعة هي المستهلك الرئيسي للمياه الجوفية للمنطقة بنسبة 80%، في حين أن 10% فقط من هذه المياه يذهب لأغراض الشرب.

حول العالم
التحديثات الحية

وفقاً للدراسة، سترسم التقنية الجديدة خريطة للجزء العلوي من طبقة المياه الجوفية، التي تمتد على مساحات تصل إلى مئات الكيلومترات باستخدام رادار مثبت على طائرة مروحية على ارتفاعات عالية. عن طريق هذه التقنية، سيقيس الباحثون التقلبات في عمق منسوب المياه الجوفية على نطاق واسع، ما يسمح لعلماء المياه بتقييم استدامة هذه الطبقات الجوفية من دون القيود المرتبطة برسم الخرائط في الموقع في البيئات القاسية والتي يتعذر الوصول إليها.

يرسل الرادار - منخفض التردد - سلسلة من الموجات النبضية إلى الأرض، التي تنعكس عند التفاعل مع الطبقة المشبعة بالمياه الجوفية. ومن خلال الإشارة المنعكسة، وباستخدام مجموعة من الهوائيات المتقدمة جنباً إلى جنب مع التقنيات الحاسوبية، يمكن رسم خرائط منسوب المياه بدقة رأسية ومكانية عالية نسبياً.

عادة ما يظهر منسوب المياه المستقر كعاكس مسطح في عمليات التصوير الجوفي، إذ إن كميات المياه المسحوبة وكمية المياه التي يعاد شحنها تكون متساوية تقريباً. ومع ذلك، إذا كان هناك أي خلل في التوازن، فسينعكس ذلك في الصورة الناتجة التي تظهر انحرافاً لأعلى أو لأسفل في شكل منسوب المياه.

يشير حجي إلى أن قدرات الفحص والمسح التي يتمتع بها النظام المقترح تتفوق على الأنظمة الأخرى من الفئة نفسها سواء كانت سطحية أو محمولة على طائرات من دون طيار، إذ يرسل النظام الجديد إشارات أقوى، ويحتوي على أجهزة استقبال أكثر حساسية، ويعمل بشكل أسرع بعدة أوامر من حيث الحجم.

وفقاً للباحثين، فإن قدرة Desert-SEA على إرسال إشارات عالية الطاقة حتى مع استخدام طائرة صغيرة تحلق بسرعة 200 ميل في الساعة، تُمكّن الفريق في ساعة واحدة من تغطية ما يمكن للباحثين تغطيته عادة في عام من بيانات سجل الآبار التقليدي. ومن خلال دمج الرادار مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد في الوقت الفعلي لمصادر المياه الجوفية.

المساهمون