باب كل "تابو"
على الرغم من وعد ديف شابيل في بداية العرض بأنه لن يقدم نكات عن العابرين جنسياً، فإنه لا يتوقف عن الإشارة إليهم والسخرية منهم، في موقف عرف عنه بالسعي إلى مواجهة المحظورات، لينتقل بعدها إلى أصحاب الاحتياجات الخاصة ثم العابرين جنسياً مرة أخرى، طارقاً باب كل "تابو"، ليعود مردداً أنه في حال دخل السجن، فسيقول إنه الآن "امرأة"، ويريد أن يسجن في سجن للنساء، ليتهم بـ"الهوس بالعابرين جنسياً".
لا يبدو في العرض الجديد أن هناك أي إشارات للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، على الرغم من تداول أخبار عن انتقاده الاحتلال الإسرائيلي في أحد عروضه في بوسطن، ما أدى إلى خروج بعض الحاضرين من الصالة.
يعلّق شابيل أيضاً على حادثة الصفعة التي تعرض إليها كريس روك في حفل توزيع جوائز أوسكار، حين ضربه ويل سميث، ثم تعرّضه هو لهجوم أيضاً لاحقاً عام 2022، الأمر الذي "لم يكن مضحكاً بالنسبة إليه"، ليبدأ بعدها في نوع من التعالي الأخلاقي وإطلاق الأحكام، قائلاً إنه يمثلّ كلاً من كريس روك، الرجل الذي صُفع وأتمّ عمله، وويل سميث "الرجل الذي يضع الحدود ولو بالقوة".
هذا الحكم بالرجوليّة يبدو غريباً وخارج السياق، وسعي من شابيل ليتحول إلى نوع من "غورو"، يصب الحكمة في رؤوس مريديّه.
هذه الحكمة يقابلها أيضاً المال، إذ باع ديف شابيل خلال العام الماضي، وعلى طول 31 عرضاً، بطاقات بقيمة 62 مليون دولار، ناهيك عن صفقاته مع "نتفليكس"، ليصبح واحداً من "الذين لا يمكن المساس بهم" بالنسبة إلى المنصة الأميركية، وبإمكانه قول ما يشاء من دون أن "يُلغى". وهنا أيضاً تكمن مفارقة أخرى، إذ يقول ما يشاء إلا في ما يخص الاحتلال الإسرائيلي، هذا خطّ أحمر اعتذر عنه بسرعة لمجرد انتشار بعض الشائعات عن الأمر.
هل من داع للحديث عن نظرية المؤامرة في هوليوود؟ وألا يمكن لشابيل نفسه، المُسلم، الساخر من كانييه ويست بسبب اتهامات معاداة الساميّة، أن يشير، على الأقل، إلى تكميم الأصوات في هوليوود؟ لكن يبدو أن العابرين جنسياً مادة أغنى للضحك من الأطفال الموتى، علماً أن الأخيرة نوع كوميدي يبرع ريكي جيرفيه في توظيفه.
حكم ونصائح
يمكن القول إن ديف شابيل ابتعد عن النكات التقليديّة، منذ عرضه السابق، The Closer، إذ يقارب الحكايات والتجارب الشخصية ذات الأحداث المضحكة، ليوظف أسلوبه في السرد الساخر لتوليد الضحك.
وفي بعض الأحيان نراه يركز على الشائعات في هوليوود أكثر من تقديم مادة متماسكة، وهذا ما لاحظناه في عرضه في صالة أبولو في باريس، إذ اكتفى بحكايات قديمة ونكات مكررة، الأمر الذي بدأ منذ عرضه Sticks & Stones عام 2019، ووصف فيه نفسه بـ"سيد الحرفة".
يكثر ديف شابيل من الحكم والنصائح، كقوله "اتبعوا أحلامكم"، و"لا تخافوا من آرائكم". لكن اللافت في المقالات التي تتناول العرض أنها تركز على كلامه بوصفه "جديّاً" ليس بوصفه نكاتاً، وتهمل التعليق على "الصنعة". صحيح أنه "سيد الحرفة"، لكن في الوقت نفسه، لا نريد الحكمة من الكوميديين، بل الضحك، وهنا مفارقة يشير إليها شابيل نفسه؛ إذ يقول نكتة لجمهور من 20 ألف متفرج، لكن فقط 2 أو 3 يضحكون، وهذا يكفيه.
هل هذا فعلاً هدف العرض الكوميدي؟ أم أننا في عالم شديد الحساسيّة أصبح من الصعب جداً إيجاد نكتة أصيلة، وتصيب حاسة الضحك لدى العشرات على الأقل لا المئات؟