7 ملايين دولار هو المبلغ الذي خصصته مؤسسة مكافحة معاداة السامية في الولايات المتحدة الأميركية، لإعلان يفترض أن يعرض خلال مباراة سوبر بول، في 11 فبراير/ شباط الحالي. وسوبر بول، هي مباراة البطولة السنوية للرابطة الوطنية لكرة القدم، ويشاهدها أكثر من 100 مليون شخص، ما يجعل منها أشهر موسم إعلاني على التلفزيونات ومواقع التواصل في الولايات المتحدة الأميركية.
الإعلان سيحمل عنوان "أوقفوا كراهية اليهود"، بحسب ما ينقل موقع "ذا نيشن"، وتقف خلفه مؤسسة مكافحة معاداة السامية التي أسسها الملياردير روبرت كرافت (81 عاماً)، صاحب نادي نيو إنغلاند باتريوتس لكرة القدم الأميركية، الذي تربطه علاقة قديمة ووثيقة بدولة الاحتلال الإسرائيلي. فكرافت أحد أبرز الممولين للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية AIPAC، كما أن علاقاته الشخصية والسياسية والمالية بالاحتلال، أبعد من مجرد إعلان أو تبرّع سنوي. الملياردير تزوّج عام 1963 في فلسطين المحتلة من زوجته الحالية ميرا، وبنى هناك مجموعة من العلاقات التي يعلن عنها بشكل واضح ومباشر عبر الموقع الإلكتروني لمجموعة كراتف.
تشير المعلومات على سبيل المثال، إلى تقديم المجموعة مبلغ 20 مليون دولار "لبناء مرافق وتسهيل نمو رياضة كرة القدم الأميركية في جميع أنحاء إسرائيل". كما أن المجموعة تتباهى ببرنامجها "الهبوط في إسرائيل"، حيث يحصل لاعبو اتحاد كرة القدم الأميركي على إجازات مجانية ومنظمة لزيارة "الأرض المقدسة" (فلسطين المحتلة) والعودة إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الترويج لـ "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". كما أن موقع موندويس، سبق وذكر عام 2016 أن كرافت يشارك في حملات جمع التبرعات لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية.
بالعودة إلى الإعلان الذي سيعرض خلال مباراة سوبر بول، فإن الهدف الرئيسي منه هو مواجهة التقارير والصور الواردة من غزة التي تظهر حجم وحشية العدوان الإسرائيلي المتواصل، خصوصاً في ظل انحياز الرأي العام الأميركي الشاب للرواية الفلسطينية، وفق ما تظهره أغلب استطلاعات الرأي الحديثة.
وكان كرافت قد أطل عبر شبكة سي أن أن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مدعياً أن "خمسين في المائة مما ينشر (عن غزة) هو أكاذيب وغير دقيق، وللأسف الشباب يصدقونه".
محتوى الإعلان لم يكشف عنه بعد، لكنّه على الأرجح سيشكّل جزءاً من آلة الدعاية الإسرائيلية في الولايات المتحدة، التي تعمل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على بث المعلومات المضللة والمحرضة على الفلسطينيين، بينما يتواصل سقوط الشهداء في غزة، ليتجاوز 26 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال.
مجهود مجموعة كرافت في ترويج المعلومات المضللة حول حقيقة حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، يتماهى مع عمل مجموعات ضغط وعلاقات عامة كثيرة مناصرة للاحتلال في الولايات المتحدة الأميركية، لعلّ أشهرها رابطة مكافحة التشهير، التي تعمل بجهد منقطع النظير منذ السابع من أكتوبر لتشويه سمعة كل من ينتقد الاحتلال، ووصمه بمعادة السامية.
لنأخذ مثالاً حديثاً للإضاءة الفعلية على طريقة عمل الرابطة: في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي، وعلى وقع تظاهرات استمرت لأسابيع في الولايات المتحدة تأييداً للفلسطينيين في قطاع غزة، نشرت الرابطة تقريراً يشير إلى "3 آلاف حادثة معادية للسامية ارتُكبت خلال الأشهر الثلاثة التي تلت بدء الحرب في غزة". وجاء في التقرير الصادر عن الرابطة أن "الحوادث المعادية للسامية ارتفعت بنسبة 360 في المائة في أعقاب السابع من أكتوبر... إن الجالية اليهودية الأميركية تواجه مستوى تهديد غير مسبوق في التاريخ الحديث". وسريعاً غطت كل وسائل الإعلام الأميركية التقرير، وتصدّر الصفحات الأولى للمواقع بعنوان شبه موحد "الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة تصاعدت بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر".
لكن عند التدقيق في التقرير، يتبيّن أن القسم الأكبر من "حوادث معاداة السامية" المذكورة، هو مجرد احتجاجات ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عملت الرابطة على تصويرها على أنه موجّهة ضد اليهود بسبب هويتهم الدينية. وهو ما أشار له الصحافي أرنو روزنفيلد بشكل واضح في مقال على موقع ذا فوروورد، حيث كتب: "بشكل عام، يبدو أن نسبة كبيرة من الحوادث كانت تعبيراً عن العداء تجاه إسرائيل، ولا تندرج في إطار الأشكال التقليدية لمعاداة السامية التي ركزت عليها الرابطة في السنوات السابقة".