محرك بحث "غوغل"، إحدى أكثر الشركات ربحية في التاريخ، على وشك مواجهة التحدي الأكبر، حيث تستعد الحكومة الأميركية لرفع دعوى قضائية لمكافحة الاحتكار تتهم الشركة بسحق المنافسة لحماية احتكارها وتوسيعه.
بعد تحقيق استمر 14 شهراً، تعمل وزارة العدل الأميركية على تحديد ما إذا كانت "غوغل" تحرف نتائج البحث لتفضيل منتجاتها الخاصة، وما إذا كانت تستخدم قبضة حديدية للوصول إلى المستخدمين وغلق الطريق أمام المنافسين، وفقاً لما نقلته مجلة "فورتشن".
"غوغل"... قوة ضاربة ضد المنافسين
تسيطر "غوغل" على حوالي 90% من سوق البحث عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، ولطالما كانت هدفاً للمنافسين الذين يشكون من أنها تستخدم هذه القوة للقضاء على المنافسة عبر الشبكة.
وما بدأ كمشروع بحث جامعي في أواخر التسعينيات يولد الآن حوالي 100 مليار دولار من الإيرادات عالية الربحية كل عام.
ويقرر محرك البحث مصير آلاف الشركات عبر الإنترنت، وتوسعت الشركة في البريد الإلكتروني والفيديو عبر الإنترنت وبرامج الهواتف الذكية والخرائط والحوسبة السحابية والمركبات المستقلة وأشكال من الإعلانات الرقمية.
أميركا ترامب... على خطى أوروبا
فرض منظمو المنافسة الأوروبيون غرامة على "غوغل" تقدر بمليارات اليوروهات، لخرقها قوانين مكافحة الاحتكار.
لكن الأميركيين تركوا الشركة على حالها في أغلب الوقت، منذ أن أغلقت لجنة التجارة الفيدرالية تحقيقاً في أوائل عام 2013 من دون اتخاذ أي إجراء.
الآن، وزير العدل الأميركي وليام بار، على أعتاب ما يمكن أن يكون أكبر قضية احتكار أميركية منذ أن رفعت الحكومة دعوى قضائية ضد شركة "مايكروسوفت" قبل أكثر من عقدين.
وكان بار حليفاً رئيسياً في حملة دونالد ترامب ضد عمالقة التكنولوجيا. انتقد الرئيس الأميركي شركات الإنترنت بزعم فرض رقابة على وجهات النظر المحافظة على الشبكة.
وفق المجلة، قد يتم تأجيل وقت رفع القضية إلى الأسبوع التالي، بعدما كان من المتوقع رفعها في الأيام القليلة المقبلة. ويناقش المدعون العامون ومحامو وزارة العدل الاستعدادات النهائية للقضية هذه الأيام في واشنطن.
ما هي الاتهامات التي تواجه "غوغل"؟
التقى مسؤولون كبار في وزارة العدل بممثلي "غوغل" لمناقشة شقين من التحقيق: تحيز البحث وتوزيع البحث. تحيز البحث هو الادعاء بأنّ "غوغل" تحرف النتائج لصالح ميزاتها الخاصة، مثل خدمة التسوق وحجوزات السفر وقوائم الأنشطة التجارية المحلية.
وخلال جلسة استماع للكونغرس أخيراً، جادل المسؤول في شركة "غوغل"، دون هاريسون، بأن الشركة لا تهيمن على الأسواق التي تعمل فيها.
وتدرس وزارة العدل والولايات أيضاً سلوك "غوغل" في سوق تكنولوجيا الإعلان، حيث تمتلك الشركة العديد من الأنظمة التي تعرض الإعلانات الصورية عبر الويب.
وقالت مصادر المجلة إنّ بعض المدعين العامين الديمقراطيين الذين اطلعوا على القضية يريدون من وزارة العدل تضمين تكنولوجيا الإعلان في الدعوى القضائية وقد يقدمون شكواهم الخاصة بعد انتخابات الرئاسة، في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني.
اشتكى المنافسون من أنّ "غوغل" تقوم بتحويل أموال التسويق عبر البحث الزائدة إلى شبكة الإعلانات المصورة الخاصة بها. يمكن أن تمثل هذه الأموال الإضافية أجزاءً كبيرة من عائدات الناشرين الرقميين، مما يجعلهم أقل عرضة للتخلي عن "غوغل" لصالح مزود تكنولوجيا إعلانات منافس.
طرح المحققون الأميركيون أسئلة مفصلة حول كيفية الحد من قوة "غوغل" في سوق البحث، وفقًا للموقع المنافس DuckDuckGo. في أوروبا، أجبر المنظمون "غوغل" على منح المستهلكين خياراً بشأن محرك البحث الذي يستخدمونه على هواتف "أندرويد".
وحددت ورقة بحثية نُشرت، في يونيو/ حزيران، من قبل شبكة Omidyar Network، وهي منظمة ضد احتكار عمالقة التكنولوجيا، العديد من السيناريوهات التي ربما تكون قد انتهكت فيها "غوغل" قوانين مكافحة الاحتكار. جادلت بأن الصفقة الحصرية مع شركة "آبل" مثلاً ساعدت في ترسيخ احتكارها من خلال منع المنافسين من الوصول إلى المستهلكين.
وابتكرت "غوغل" تأثيراً مشابهاً مع نظام تشغيل "أندرويد" للجوال والاتفاقيات التي أجبرت صانعي الهواتف فعلياً على تثبيت محرك بحث "غوغل" ومتصفحها مسبقاً على هواتفهم.
وجعلت هذه القيود "غوغل" خدمة البحث التلقائية ومنعت كذلك المنافسين من الحصول على حصة في السوق، وفق الورقة، كما فرض الاتحاد الأوروبي غرامة على "غوغل" بسبب ذلك.
قضية "غوغل"... تكرار سيناريو "مايكروسوفت"؟
تشبه الاتهامات الموجهة لـ"غوغل" تلك التي وُجهت ضد "مايكروسوفت" في عام 1998، عندما رفعت وزارة العدل ومجموعة من الدول دعوى قضائية ضد صانع البرمجيات لانتهاكات مكافحة الاحتكار.
في ذلك الوقت، أجبرت شركة "مايكروسوفت" الشركات المصنعة لأجهزة الكمبيوتر على ربط نظام التشغيل "ويندوز" الخاص بها بمتصفح "إنترنت إكسبلورر"، مما جعل من الصعب على المنافسين مثل "نتسكيب" المنافسة.
وعلى الرغم من أنّ المتصفحات الأخرى لم تشكل تهديداً مباشراً لاحتكار "مايكروسوفت" لأنظمة تشغيل الكمبيوتر، فقد كان الخطر يتمثل في أنها قد تنمو يوماً ما لتحدي هيمنتها.
ونقلت المجلة عن أستاذ القانون في جامعة جورج واشنطن والرئيس السابق للجنة التجارة الفيدرالية، ويليام كوفاسيتش، قوله إنّ وزارة العدل يمكن أن تقدم حجة مماثلة حول "غوغل" اليوم.
وأوضح أن "الحجج المتعلقة بالمطالبة بالحصرية كوسيلة لاستبعاد المنافسين هي حجج كانت ناجحة للغاية في حالة "مايكروسوفت"".