كشفت دراسة جديدة أعدها فريق من الباحثين في جامعة كيرتن الأسترالية، سبباً محتملاً لمرض ألزهايمر، بما يوفر فرصاً جديدة للوقاية والعلاج للمرض الذي يمثل السبب الرئيسي الثاني للوفاة في أستراليا. حددت الدراسة التي نشرت يوم الأربعاء 15 سبتمبر/ أيلول الماضي في مجلة PLOS Biology أن السبب المحتمل لمرض الألزهايمر هو تسرب جزيئات حاملة للدهون تنقل البروتينات السامة من الدم إلى الدماغ.
حدد الباحثون مسار الدم إلى الدماغ المحتمل الذي يمكن أن يؤدي إلى مرض ألزهايمر، وهو أكثر أشكال الخرف انتشاراً على مستوى العالم. وقال جون مامو الباحث الرئيسي في الدراسة والخبير في معهد كيرتن لبحوث الابتكار الصحي، إنه لإيجاد فرص جديدة للوقاية من مرض ألزهايمر وعلاجه، نحتاج إلى فهم الأسباب الفعلية للمرض ولم يتم إثبات ذلك في الوقت الحالي. تظهر هذه الدراسة أن الوفرة المفرطة في الدم لمجمعات البروتين الدهني السامة يمكن أن تلحق الضرر بالأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ والتي تسمى الشعيرات الدموية، وبعد ذلك تتسرب إلى الدماغ مسببة الالتهاب وموت خلايا الدماغ. "بينما كنا نعلم سابقاً أن السمة المميزة للأشخاص المصابين بمرض الألزهايمر هي التراكم التدريجي لرواسب البروتين السامة داخل الدماغ المسمى (بيتا أميلويد)، لم يعرف الباحثون من أين نشأ الأميلويد، أو سبب ترسبه في الدماغ" وفق مامو.
أظهرت الدراسات السابقة أن بيتا أميلويد مصنوع خارج الدماغ باستخدام البروتينات الدهنية، ومن ثم، اختبر فريق مامو مسار الدم إلى الدماغ عن طريق الهندسة الوراثية في الفئران لإنتاج كبد بشري يحتوي على الأميلويد فقط الذي يصنع البروتينات الدهنية. ووجدت الدراسة الحالية أن نماذج الفئران المنتجة للبروتين الدهني في الكبد عانت من التهاب في الدماغ، وتسريع موت خلايا الدماغ وفقدان الذاكرة.
وأوضح الباحث في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هناك سلوكيات غذائية وبعض الأدوية التي يمكن أن تقلل من تركيز الدم لهذه المجمعات البروتينية الدهنية السامة، والتي من شأنها أن تقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أو تبطئ تقدم المرض. هناك خطوات يمكن أن يتخذها كبار السن لتحسين صحتهم العامة والحد من مخاطر الإصابة بمرض الألزهايمر، بناء على النتائج التي توصلت إليها الدراسة. ووفق الباحث الرئيسي في الدراسة، فإن النتائج ستحفز الدراسات السكانية والتجارب السريرية التي تركز على مسار البروتين الدهني / الشعيرات الدموية الدماغية المؤدية إلى مرض ألزهايمر.
من بين الاكتشافات التي توصلت إليها الدراسة، أن الأحماض الدهنية المشبعة تعزز إنتاج وإفراز مركبات البروتين الدهني، وبالتالي فإن اتباع نظام غذائي صحي للقلب يحتوي على مستويات متواضعة من الدهون المشبعة قد يكون مفيدا. بناءً على هذه النتائج، تم إطلاق أول دراسة دوائية للتحقيق على وجه التحديد في ما إذا كان تنظيم وفرة الدم في مجمعات البروتين الدهني يدعم الذاكرة لدى مرضى الألزهايمر.
وأشار مامو إلى أن اضطرابات الشعيرات الدموية في الدماغ هي أول مؤشر على مرض الألزهايمر، يسبقها سنوات عديدة من التدهور المعرفي. وأن تحديد أسباب تلف الشعيرات الدموية ومنع حدوث ذلك بشكل نظري يمكن أن يكون له تأثير كبير على ظهور مرض الألزهايمر وتطوره. وأضاف: "إيجاد تقنيات قوية لقياس وفرة مجمعات البروتين الدهني بدقة لفهم المخاطر بشكل أفضل وتأثير التدخلات المحتملة في تقليل هذا الخطر، يمثل تحديا، لكنه بالتأكيد ليس مستحيلاً".
في أستراليا، حيث أجريت الدراسة، يتم تشخيص إصابة ما يقرب من 250 شخصاً بالخرف يومياً، إضافة إلى نصف مليون أسترالي يعانون بالفعل من الخرف. وبدون الوصول إلى تقدم في علاجات واكتشاف مسببات المرض، يتوقع العلماء أن يتجاوز عدد الأستراليين المصابين بالخرف مليون إنسان بحلول عام 2058. يجري الفريق حاليا تجارب سريرية على مرضى ألزهايمر، تستند إلى النتائج السابقة التي تفيد بأن عامل القلب والأوعية الدموية التاريخي يقلل من إنتاج البروتين الدهني أميلويد ويدعم الأداء المعرفي لدى الفئران.