استمع إلى الملخص
- **تحديات العمل الصحافي في شمال شرقي سورية**: يواجه الصحافيون صعوبات في الحصول على المعلومات والتصاريح، مع فرض إجراءات بيروقراطية ومعايير مزدوجة، مما يخلق ارتباكاً وفقداناً للثقة.
- **تأسيس شبكات واتحادات صحافية كردية**: منذ الثورة السورية، تأسست شبكات مثل "نقابة صحافيي كردستان - سوريا" و"اتحاد الإعلام الحر"، لكنها تواجه ضغوطاً من الإدارة الذاتية التي تدعم فقط المنابر الموالية لها.
شهد اجتماع عقد الجمعة باسم "شبكة الصحافيين الكرد السوريين" في مدينة القامشلي، شمال شرقي سورية، خلافات في ظل تشكيك بشرعية اللقاء الذي عقده صحافيون متهمون بالارتباط بـ"الإدارة الذاتية"، الذراع الإدارية والمدنية لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تسيطر على شمال شرقي البلاد. وجاءت الدعوة للقاء من صحافيين مقربين من "الإدارة الذاتية"، وهو ما رفضته شبكة الصحافيين الكرد السوريين في بيان رغم أنّ اللقاء عقد تحت اسمها.
ووصفت الشبكة اللقاء بأنه "غير شرعي ويعد انتهاكاً واضحاً للنظام الأساسي للشبكة ولائحتها الداخلية"، لافتةً إلى أن "الأفراد القائمين على هذه المحاولة سبق أن صدرت بحقهم قرارات تجميد عضوية وفصل نهائي من الشبكة نتيجة مخالفتهم المستمرة لقوانين العضوية وسلوكهم غير المنضبط المخالف لميثاق الشرف الصحافي". إضافةً إلى ذلك، لوّحت الشبكة باتخاذ الإجراءات القضائية المناسبة ضد المجموعة التي عقدت المؤتمر واستخدمت اسمها "بشكل غير قانوني"، بحسب البيان.
وذكر أكثر من مصدر أن منظمي اللقاء ضغطوا على الكثير من الصحافيين والناشطين الإعلاميين لحضور هذا الاجتماع، مهددين بعرقلة عمل من لا يحضر. وتضم الشبكة عدداً كبيراً من الصحافيين السوريين الكرد أغلبهم يعيش خارج سورية، علماً أنّها كانت ضمن رابطة الصحافيين السوريين قبل أن ينسحب عدد من الصحافيين الكرد في عام 2015 بسبب خلافات داخلية.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال رئيس شبكة الصحافيين الكرد السوريين علي نمر إنّ الهيئة التي تأسست في عام 2012 "لعبت دوراً أساسياً في الدفاع عن حرية الصحافة، وحماية الصحافيين والصحافيات والدفاع عنهم ضد الانتهاكات". كما أشار إلى أن الشبكة "تهدف إلى نشر الثقافة الكُردية، والقواسم الوطنية السورية المشتركة للعاملين في القطاع الإعلامي بالمنطقة"، مؤكداً أن الشبكة "تقف على مسافة واحدة من الجميع"، مضيفاً: "نحن شبكة نقابية صحافية كردية مستقلة".
وتطرّق نمر إلى الاجتماع الذي عقد في القامشلي، موضحاً أن "مجموعة من الزملاء أنشأوا تكتلاً موازياً بهدف إفشال قرارات الشبكة"، مضيفاً: "حاولنا مراراً وتكراراً استيعابهم للحفاظ على الشبكة من التخريب، إلا أن الأمور وصلت إلى الطريق المسدود، فاضطرت الهيئة الإدارية في الشبكة بأغلبية أعضائها لتشكيل لجنة للتحكيم والتحقيق والمتابعة".
وأشار إلى أنّ اللجنة أصدرت "بعد التحقيق وعقد لقاءات متعددة عدة قرارات، منها تجميد عضوية ستة أعضاء دعوا إلى المؤتمر الاستثنائي غير الشرعي والمخالف للنظام الأساسي، وإنذار عضو آخر بسبب تحريضه المستمر على خطاب الكراهية بين الأعضاء، وفصل عضوين من الهيئة الإدارية فصلاً نهائياً من الشبكة لقيادتهما هذا التكتل، ومحاولتهما المستمرة تخريب الشبكة وتلفيق تهم وإهانات بحق الزملاء".
وقلّل نمر من أهمية الاجتماع، مشيراً إلى أنه "لم يحضره سوى 25 شخصاً بشكل مباشر، ولم يتجاوز عدد المشاركين أونلاين 15 شخصاً، أي أن المجموع لم يتجاوز 40 فرداً من مجموع أعضاء شبكة الصحافيين الكرد السوريين البالغ عددهم 143".
ومنذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011 انخرط عدد كبير من الشبان الصحافيين الكرد السوريين في العمل الإعلامي بعد عقود من كبت الحريات من قبل النظام والتضييق على السوريين عامة، وعلى الكرد بشكل خاص. وعمل الصحافيون والناشطون الإعلاميون الكرد على تأسيس شبكات واتحادات من أجل تنظيم العمل وللدفاع عن حقوقهم سواء في سورية أو في بلدان الاغتراب.
وفضلاً عن الرابطة شكّل الصحافيون الموالون للمجلس الوطني الكردي المعارض "نقابة صحافيي كردستان - سوريا" في مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق. كما عملت الإدارة الذاتية على قوننة وتأطير العمل الإعلامي في مناطق سيطرتها من خلال تأسيس "اتحاد الإعلام الحر"، ودائرة تهتم بأمور الإعلام والإعلاميين.
وقال مراسل موقع إندبندنت العربي في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، عبد الحليم سليمان، لـ"العربي الجديد": "العمل الصحافي والدفاع عن الصحافيين أمر حديث العهد في سورية عامةً، وفي الشمال الشرقي على وجه الخصوص"، مشيراً إلى أنه "لا توجد آليات ووسائل حماية للصحافيين لأن البلاد في حالة حرب، وبالتالي لا سيادة للقانون في معظم المناطق السورية".
لكنه رأى أنّ القانون الذي صدر عن دائرة الإعلام في الإدارة "يتضمن العديد من المواد التي تعد في صالح الصحافيين والدفاع عنهم، سواء المؤسسات التي تعمل من خلال مراسلين أو المؤسسات الحاضرة بكامل هيكلياتها في مناطق الإدارة الذاتية". ولفت إلى أن "اتحاد الإعلام الحر يدافع عن الصحافيين بمستويات محددة ويطمح أن يكون مظلة جامعة للصحافيين، ولكن هناك انتقادات وملاحظات تعتري عمله". وتابع: "هناك أيضاً شبكة الصحافيين الكرد التي تأسست بداية الأزمة السورية، وهي تضم عدداً من الصحافيين وتنشط في الرصد والتوثيق وإصدار البيانات في بعض الأحيان".
من جانبه، قال عضو "نقابة صحافيي كوردستان – سوريا"، عمر كوجري، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية "لا تدعم سوى المنابر الإعلامية التي تتغنى بأمجاد حزب يقيم خارج الحدود (في إشارة الى حزب العمال الكردستاني)". وأشار إلى أن "المعوقات التي تواجه الصحافي ازدادت منذ سيطرة قوات سورية الديمقراطية على شمال شرقي سورية"، مضيفاً: "الإدارة الذاتية تضغط على الإعلاميين المعارضين لها، وارتكبت أخطاءً جسيمةً بحقهم". وتابع: "هناك مؤسسات نقابية واتحادات صحافية شكلها حزب الاتحاد الديمقراطي (أبرز أحزاب الإدارة الذاتية) لها الحظوة في الدعم والمساندة والتوجيه، بينما النقابات الأخرى لم يكن لها دور فاعل على الساحة، وتوقف نشاطها على مجرد إصدار بيانات إدانة لاعتقال الإعلاميين".
أما الصحافي أحمد برو، الذي ينشط في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، فرأى أن "هناك عدة تحديات تواجه العمل الصحافي في شمال شرقي سورية"، مضيفاً: "هناك صعوبة في الحصول على المعلومات أو التصاريح من الجهات الرسمية في الإدارة التي تتعامل فقط مع وسائل الإعلام المقربة منها، أو تلك التي تدور في فلك سياساتها".
وقال لـ"العربي الجديد" إن العراقيل "تصل إلى منع تغطية الاحداث وفرض إجراءات بيروقراطية منهكة من أجل ذلك، وتطبيق معايير مزدوجة في التعامل مع الإعلاميين والصحافيين"، مضيفاً: "تفسير القانون في الكثير من الحالات من قبل دائرة الإعلام ومديرية الاعلام في الإدارة خلق نوعاً من الارتباك وفقدان الثقة بالقانون، الذي من المفترض أنه أقر لتنظيم عمل الصحافيين وحمايتهم وتوضيح المهام والمساحة التي يعملون بها".