وصل الشاب التونسي خالد شبّوب إلى رأس أقولاس، أقصى نقطة جنوبيّ القارة الأفريقية، بعد رحلة استغرقت 12 شهراً عَبَر خلالها 21 دولة أفريقية.
وانطلق خالد شبّوب (27 عاماً) يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2022 على متن دراجته الهوائية من مدينة المحرس (وسط شرقيّ تونس)، ليصل إلى النقطة بعد عام كامل.
وعندما قرّر الشاب الانطلاق في رحلة استكشاف قارته، لم يفكر طويلاً ولم يبحث عن الدعم المالي، إذ حمل معه فقط بعض العتاد الخاص بالتخييم ومبلغاً لا يتجاوز الألف دولار، متسلحاً بخبرة طويلة في العمل التطوعي مع الهلال الأحمر التونسي.
وعندما تواصل معه "العربي الجديد"، كان الرحّالة الشاب في مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، بعد أن سجّل وصوله يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول الحالي إلى رأس أقولاس.
خالد شبّوب والـ21 دولة
يقول خالد شبّوب إن رحلته التي قطع خلالها 10 آلاف كيلومتر، مروراً بـ21 دولة أفريقية لم تكن سهلة بالمرة، غير أنها كانت ممتعة، ما يدفعه إلى خوض غمار تجارب جديدة بالانطلاق من كيب تاون نحو مدينة مكة المكرمة ثم العودة إلى بلاده عام 2025.
وأكد الرحالة أن ثراء القارة الأفريقية واكتشاف عادات وحضارات جديدة يستحقان العناء والمجازفة، رغم قلة الإمكانات المالية التي تجاوزها بمساعدات من الأهالي المحليين في البلدان التي زارها.
وتابع: "لم يكن نقص الأموال عائقاً أمام تحقيق حلمي بزيارة كل الدول الأفريقية، حاملاً جواز السفر التونسي ورسالة الأخوة بين شعوب القارة، إذ حصلت على مساعدات مالية من الأهالي في دول عدة، كان أسخاها من الجزائر التي أعتبرها البلد الأجمل والأكثر تنوعاً جغرافياً".
وعلى امتداد الرحلة وثّق خالد شبّوب عبوره لأكثر من 20 دولة بدايةً بالجزائر ثم موريتانيا وغامبيا، والسنغال، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، وسيراليون، وليبيريا، وساحل العاج، وغانا، وتوغو، وبنين، والنيجر، والكاميرون، وغينيا الاستوائية، والغابون، وجمهورية الكونغو، وأنغولا، وناميبيا، وصولاً إلى جنوب أفريقيا.
صعوبات ومخاطر
يروي خالد شبّوب صعوبات عدة تعرّض لها خلال الرحلة، من بينها صعوبة المسالك الصحراوية في دول عدة، ومخاطر الجوع والعطش، وأحياناً رفض السكان المحليين السماح له بنصب خيمته للاستراحة أو قضاء ليلته، ما يضطره إلى مواصلة المسير ليلاً.
ويضيف: "لكن مع ذلك حظيت بالمساعدة في أماكن مختلفة، ودُعيت لزيارة بيوت الأهالي، وقدم لي آخرون الطعام والدعم المالي، كذلك نجوت من محاولة اعتراض خطيرة في دولة النيجر، بتدخل من أحد أبناء القرية، التي كان عدد من أفرادها يحاولون سلبي".
ورغم حصوله على اللقاحات الوقائية اللازمة قبل الانطلاق في الرحلة، تعرّض خالد شبّوب لمخاطر صحية، إذ أصيب بالملاريا في خمس مناسبات نتيجة تعرضه للدغات قوارض وحشرات سامة، ما اضطره إلى تدخلات طبية لمعالجته، بعد أن ساء وضعه عندما كان في أنغولا.
رحلة غيّرت نظرته للدول الأفريقية
يعتبر شبّوب أن رحلته غيّرت نظرته للدول الأفريقية، التي ارتبطت لعقود بالحروب والفقر وانتشار الأوبئة، مؤكداً أن دولاً عدة تشهد نهضة عمرانية وتحولاً كبيراً نحو الرقمنة رغم تواصل بؤر النزاع المسلح في مناطق عدة.
وخلال رحلته، كان الرحالة التونسي "مجبراً أحياناً على تقديم إجابات وتوضيحات لمواطنين في دول عدة حول الوصم بالعنصرية الذي بات يلاحق تونس نتيجة أزمة المهاجرين"، مؤكداً أنه "حاول توضيح الرؤية وتقديم إجابات تظهر الصورة الحقيقية لتونس، البلد المتسامح الذي يستقبل عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء".
وبالرغم من أن الهدف الأول للرحالة خالد شبّوب كان بلوغ أقصى نقطة في القارة الأفريقية، إلا أن متعة المغامرة باتت تدفعه نحو تجربة جديدة هدفها الوصول إلى مكة قبل موسم الحج، مروراً بتنزانيا وكينيا ثم إثيوبيا، قبل أن تنتهي الرحلة بالعودة إلى بلاده في غضون عام 2025.