حلقات كوكب زحل: هل يُحلّ لغزها بعدما حيّر العلماء طويلاً؟

16 سبتمبر 2022
اكتشف غاليليو حلقات زحل قبل 4 قرون (Getty)
+ الخط -

من بين الكواكب الموجودة في مجموعتنا الشمسية، يبرز زحل في كونه أكثرها تحفيزاً للخيال، وذلك بفضل حلقاته الهائلة، التي يغيب الإجماع بين الخبراء حتّى الآن بشأن أصلها وعمرها.

يقول باحثون أجروا دراسة، نشرت نتائجها مجلة ساينس المرموقة يوم أمس الخميس، إنّهم يحملون إجابة عن هذا السؤال الصعب.

وتوصلت الدراسة في خلاصاتها إلى أنّه قبل حوالي مئة مليون عام، تحطّم قمر جليدي بعد أن اقترب لمسافة زائدة من زحل، ثمّ وضعت بقايا هذا الجرم السماوي نفسها تدريجياً في المدار حوله.

وقال المعدّ الرئيسي للدراسة جاك ويزدوم: "اكتشف غاليليو حلقات زحل قبل حوالي أربعة قرون، وهي من أكثر الأشياء إثارة للاهتمام التي تُمكن ملاحظتها من خلال تلسكوب صغير في المجموعة الشمسية".

كما أنّ "إيجاد تفسير معقول لتشكّلها أمر مُرضٍ"، وفق ما قال لوكالة فرانس برس هذا الأستاذ المتخصص في علوم الكواكب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

وتَشَكّل كوكب زحل، سادس الكواكب بعداً عن الشمس، قبل أربعة مليارات ونصف مليار سنة، في بدايات تكوّن النظام الشمسي.

لكن قبل بضعة عقود، قال علماء إنّ حلقات هذا الكوكب ظهرت بعد ذلك بكثير، أيّ قبل حوالى 100 مليون سنة فقط.

وتعزّزت هذه الفرضية بفعل ملاحظات نقلها المسبار كاسيني، الذي انطلق في عام 1997 وسُحب من الخدمة عام 2017.

لكن "نظراً لعدم تمكّن أحد من تحديد مسار يفضي إلى إثبات أنّ هذه الحلقات تشكّلت قبل 100 مليون سنة فقط، شكّك البعض بصحّة المنطق" الذي أجري بموجبه هذا التأريخ، وفق جاك ويزدوم.

وبذلك، أعدّ الباحث وزملاؤه نموذجاً معقداً لا يسمح بشرح ظهورها الحديث نسبياً فحسب، بل أيضاً بفهم خاصية أخرى لهذا الكوكب هي الانحناء.

في الواقع، يميل محور دوران زحل بزاوية 26,7 درجة قياساً للخط العمودي (ما يسمى بانحراف الكوكب). مع ذلك، لكون زحل كوكباً غازياً عملاقاً، كان من المتوقع أن تكون عملية تراكم المادة التي أدّت إلى تكوينه قد تركته في مسار عمودي على مستوى مداره.

قوى الجاذبية

انطلق الباحثون، الذين أعدّوا نموذجاً عن الجزء الداخلي من الكوكب لحساباتهم، من اكتشاف حديث: تيتان، أكبر قمر من أقمار زحل (يضم الكوكب أكثر من 80 قمراً)، يتحرك تدريجياً بعيداً عن الكوكب وبسرعة نسبياً.

وبحسب نموذجهم، غيّرت هذه الحركة تدريجياً المعدل الذي يقوم به محور دوران زحل بالدوران الكامل حول العمودي، تماماً مثل محور لعبة بلبل تشكل مخروطاً وهمياً أثناء دورانها.

ويرتدي هذا التفصيل أهمية، فقبل حوالى مليار سنة، كان هذا التردّد في حالة تزامن مع تردّد مدار نبتون. وتسبّبت هذه الآلية القوية بانحناء زحل حتّى 36 درجة.

لكنّ الباحثين وجدوا أنّ هذا التزامن بين زحل ونبتون لم يعد دقيقاً اليوم. لماذا؟ لا يمكن أن يحصل ذلك إلّا بفعل حدث ضخم.

ووضع الباحثون من هذا المنطلق فرضية وجود قمر ذي مدار فوضوي، اقترب تدريجياً بشكل مفرط من زحل حتّى تسبّبت قوى الجاذبية المتناقضة في خلعه من مكانه.

ويوضح جاك ويزدوم: "تم هدمه إلى قطع متعددة، وهذه القطع نفسها لا تزال متفرقة، وشيئاً فشيئاً، تشكّلت منها الحلقات"، رغم أنّ غالبيتها تنزل نحو زحل.

وقلّص تأثير تيتان، الذي استمر في الابتعاد، في النهاية، ميل زحل إلى ما نراه اليوم.

الخروج من شرنقة

أطلق جاك ويزدوم على القمر المفقود اسم "كريساليس"، وهو تشبيه بأجنحة فراشة خارجة من شرنقة، كما الحال في تشكّل الحلقات.

ويعتقد العلماء أنّ "كريساليس" كان أصغر قليلاً من قمر الأرض، وبحجم قريب من قمر آخر لزحل هو إيابيتوس.

مع ذلك، فإنّ هذا الأخير يتكوّن بالكامل تقريباً من الماء المثلج.

علوم وآثار
التحديثات الحية

ويقول ويزدوم: "لذلك من المعقول أن نفترض أنّ الشرنقة مصنوعة أيضاً من الماء المثلج، وهذا ما يفضي إلى تشكيل الحلقات" التي تتكوّن منها بنسبة 99%، وفق الأستاذ الجامعي.

ولدى سؤاله عمّا إذا كان يعتبر أنّ هذه الدراسة حلّت لغز حلقات زحل، يجيب ويزدوم: "لقد قدّمنا مساهمة جيدة"، لكن لا يزال نظام زحل وأقماره يخفي "الكثير من الألغاز".

(فرانس برس)

المساهمون