"حكايتنا"… إبراز جماليَّة حي الشجاعية المُدمر

02 مايو 2017
(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
قارب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في صيف 2014، من ذكراه الثالثة. لكن سكان حي الشجاعية، الأكثر ضررًا، شرقي المدينة، سئِموا العيش وسط دُخان منازلهم المدمرة، إذ تجلس صفاء حرارة خلف طاولتها في معرض "حكايتنا" تغزل صوفًا وملابس تغرس بنفس تراث بلادها.

واختار شُبان مبادرون أطلقوا على نفسهم "المجالس الشبابية"، وهم تابعون لمؤسسة إنقاذ المستقبل الشبابي، إقامة معرضهم الفني بعنوان "حكايتنا"، في جمعية زاخر، بحي الشجاعية، الذي خرّج الشهداء، وحول المنطقة لكتلة خرسانية، بفعل المجازر الإسرائيلية خلال صيف عام 2014.

وتحاول الغزّية حرارة، إحياء تراثها الفلسطيني والتمسك بأرضها وأصالة قضيتها من خلال عدد من المطرزات اليدوية التي أتقنت صنعها منذ عام 2002، وتقول لـ"العربي الجديد": "رغم كل مآسينا وما حلّ بنا إلا أننا نصنع مشغولات يدوية تؤكّد تمسكنا بأرضنا".

زاوية المطرزات كانت الأبرز في المعرض الفني، إذ لا تكلُّ الفلسطينية، سعاد الغماري، عن المشاركة بالمعارض التراثية، إذْ تصونُ أصالة أعمالها عبر تمسُّكِها بالإبرة والخيط منذ 12 عامًا، على الرغم من الدمار الذي حلّ بمنزلها ومطرزاتها في سكناها بالشجاعية.

وبينما تجلس خلف طاولتها التي صفّت عليها عددًا من المعلقات التي وُشحت بالكوفية وأخرى بالخارطة الفلسطينية، وأعمالا أخرى، توضح الغماري لـ"العربي الجديد"، أنها "ستعيش وتموت وهي متمسكة بتراثها الذي ما زال حاضرًا في أذهان كل الفلسطينيين مهما حصل".
واقتطعت وصلة فنية أقامها 3 أطفال غزيين من الكورال الفلسطيني، جمود زوايا المعرض من المشغولات اليدوية، عدا عن مشاركة فرقة موسيقية بمقطوعات غنائية للقضية والوطن
والأرض، إضافة إلى زاوية تصوير فنّي لزُوار "حكايتنا".

ألاء شلح، احترفت نقش الحناء وأتقنته في أعقاب مجزرة الشجاعية التي آلت بفعل القصف الإسرائيلي في العدوان الأخير، إلى تدمير البنى التحتية والاتصالات ومقومات العيش بالحي، عدا عن قضاء نحو سبعين شهيدًا، وهدم 7 آلاف منزلٍ هدمًا كليًا. الفلسطينية حولت مشاهد الدمار والدماء المخلدة بأذهان سكان الحي، من خلال رسم الجمال على أيادي النساء الغزّيات، وتبين لـ"العربي الجديد"، أنها شاركت بالمعرض من أجل "تغيير الكبت النفسي ودواعي الحرب والحصار الإسرائيلي عبر نقش الحناء للنساء".

وتضيف شلح، أن نقش الحناء، احترفته كونها تعتبره جزءاً من التراث الفلسطيني، عدا عن أنه سابقاً كانت النساء يعتبرن بهجتهن بالأعراس لا تكتمل دون الرسومات على أياديهن، إضافة إلى أنها تعتبر ذلك الفن يبعث بالراحة النفسية والطمأنينة لديهن".

شُبَّان غزّيون آخرون اتخذوا من المعرض فرصة لهم لعرض أعمالهم ومشغولاتهم اليدوية وما يتقنونه، على اعتبار أنهم يصنعون الجمال ويتقنون حرفًا مختلفة على الرغم من كل مآسي وعذابات مدينتهم المحاصرة إسرائيليًا للعام الحادي عشر على التوالي.

قلادات من التراث، وأخرى من ألوان الطيف السبعة، وصورٌ جمالية، ومنحوتات خشبية وأخرى من العبق الفلسطيني، ومأكولات أصيلة، وملبوسات تراثية تنتظر الأطفال حديثي الولادة، زوايا مختلفة اتخذها المشاركون بالمعرض لإيضاح شيء من "صنع الجمال من لا شيء".

إلى ذلك، يبيّن المنسق الشبابي لحي الشجاعية، إبراهيم أبو سكران، أن معرض "حكايتنا" يأتي ضمن سلسلة من المبادرات التي تقيمها المجالس الشبابية، في مختلف مناطق قطاع غزة، "لتسليط الضوء على الأحياء المهمشة وإقامة فعاليات تحيي التراث الفلسطيني وتُؤصله".
ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن المشاركين بـ"حكايتنا" معظمهم من سكان حي الشجاعية، كونه المكان الذي شهد دمارًا كبيرًا في الحرب الأخيرة على غزة، لدعم منتجات قاطنيه والعمل على تسليط الضوء على إبداعاتهم على الرغم مما حل بهم في صيف 2014.

ويقول في حديثه: "من المعروف عن الشجاعية أنه حي الدمار والدماء بعد آخر عدوان عليه، إلا أنه يملك أشياءً جميلة وأناسا استطاعوا إبراز إبداعاتهم وقدراتهم في صناعة مشغولات يدوية تحيي التراث الفلسطيني".


المساهمون