حرب الخصوصية تستعر بين "فيسبوك" و"آبل"

01 مايو 2021
مستخدمو هواتف "آيفون" لديهم خيار قبول تعقبهم أو رفضه (Getty)
+ الخط -

أصبح لمستخدمي هواتف "آيفون"، اعتباراً من الاثنين الماضي، خيار قبول تعقبهم أو رفضه، بفضل تحديث من شركة "آبل" يُتوقع أن تكون له عواقب على المنظومة الإعلانية التي تحكم "فيسبوك" و"غوغل".

تضر هذه الميزة شركة "فيسبوك"، لأنها تعتمد على جمع بيانات المستخدمين لاستهدافهم بإعلانات مخصصة، وهذا هو مصدر أرباحها. ومع تحديث نظام التشغيل iOS 14.5 هذا الأسبوع، تُشغل ميزة شفافية تتبع التطبيقات الجديدة افتراضياً. ويُجبَر مطورو التطبيقات على طلب إذن صريح من المستخدمين لأخذ بياناتهم.

وتشير الدراسات، كما تقر "فيسبوك"، إلى أن ما يصل إلى 80 في المائة من المستخدمين سيرفضون جمع بياناتهم.

لا تهتم "آبل" ببيانات عملائها كثيراً، لأنها تجني الأموال من بيع الأجهزة وعمليات الشراء داخل التطبيق بدلاً من الإعلانات، كما أنها لطالما سوّقت نفسها شركة أولويتها الخصوصية. عام 2010، كشف الشريك المؤسس لشركة "آبل"، ستيف جوبز (1955 ــ 2011) أن بعض الأشخاص لا يهتمون بكمية البيانات التي يشاركونها، لكنهم قالوا إنه يجب إبلاغهم دائماً بكيفية استخدامها. وقال حينها إن "الخصوصية تعني أن يعرف الأشخاص ما يشتركون فيه، بلغة بسيطة ومتكررة... اسألهم، واسألهم كل مرة".

وفي ما اعتبره الكثيرون إشارة مستترة إلى "فيسبوك"، قال الرئيس التنفيذي الحالي تيم كوك، أخيراً، إنه "إذا بُنيَت شركة على تضليل المستخدمين واستغلال البيانات... فإنها لا تستحق ثناءنا، بل تستحق الإصلاح".

تحافظ "آبل" على الخصوصية في أنظمتها، إذ يحظر متصفح "سفاري" التابع لها "ملفات تعريف الارتباط" التابعة لجهات خارجية تلقائياً، والعام الماضي أجبرت مزودي نسخة iOS من التطبيقات على توضيح البيانات التي يجمعونها في قوائم متجر التطبيقات.

حذرت شركة "فيسبوك" من أن تحديث "آبل" قد يخفض الأموال المكتسبة من خلال شبكة الإعلانات الخاصة بها إلى النصف، ما يضرب الشركات الصغيرة بشكل أكبر. وتجادل الشركة بأن مشاركة البيانات مع المعلنين أمر أساسي لمنح المستخدمين "تجارب أفضل". وتتهم شركة "آبل" بأنها "منافقة"، لأنها ستجبر الشركات على اللجوء إلى الاشتراكات والمدفوعات الأخرى داخل التطبيق للحصول على الإيرادات حيث تقتطع "آبل" عمولاتها.

وكما يحدث في كثير من الأحيان عند تعرضها للضغط، شنت "فيسبوك" هجوماً مبنياً على العلاقات العامة، فنشرت إعلانات في الصحف تظهر الشركات الصغيرة متحدثة عن نجاتها من وباء "كوفيد-19" فقط بفضل الإعلانات المستهدفة. لكن في أحدث تدويناتها، بَدَت "فيسبوك" وكأنها بدأت تقبل التغييرات، ووعدت "بتجارب إعلانية جديدة"، واعترفت بأن الطرق التي يجمع بها المعلنون الرقميون المعلومات ويستخدمونها يلزمها "تطوير" إلى وسيلة تعتمد على "بيانات أقل".

يشتمل التطبيق المتوسط ​​على ستة متتبعات تابعة لجهات خارجية موجودة فقط لجمع ومشاركة بيانات المستخدم عبر الإنترنت، وفقاً لتقرير صادر عن شركة "آبل". وتقول "بي بي سي" إن بعض التطبيقات تطلب الوصول إلى بيانات أكثر مما هو مطلوب لتقديم خدمتهم. وتشير التقديرات إلى أن أي وسيط بيانات لديه بيانات عما يصل إلى 700 مليون مستهلك، وفقاً لاستشاريي الأبحاث في مؤسسة "كراكد لابز".

ويعتقد معظم الخبراء أن التغيير قادم، حتى من دون تحديث iOS. كتب المستشار التكنولوجي ماكس كالميكوف، في مدونة "ميديوم"، أن على المعلنين "الاستعداد للحقبة التالية التي تركز على الخصوصية في الإعلان الرقمي". وقد يشمل ذلك الإعلانات السياقية، مثل الإعلانات ذات الصلة بالموضة التي تظهر فقط على مواقع الويب المتعلقة بالموضة، بدلاً من متابعة الأشخاص عشوائياً.

في الوقت نفسه، تقول شركة "آبل" إنها تدعم صناعة الإعلانات، وقد قدمت أدوات مجانية جديدة تتيح للمعلنين معرفة مدى نجاح حملاتهم، من دون الكشف عن هويات المستخدمين. إذ لا تزال هناك طرق لتتبع المستخدمين، مثل نظام التشغيل المستخدَم ونوع متصفح الويب وإصداره وعنوان IP الخاص بالجهاز لتمييز صاحبه عن غيره من المستخدمين. وهو فن غير كامل، لكنه يكتسب زخماً في عالم الإعلان.

وتقترح "غوغل" طريقة تتبع صديقة للخصوصية من خلال تقسيم المستخدمين إلى مجموعات لديها تاريخ تصفح مماثل. وسيتشاركون تصنيفاً واحداً بالنسبة للمعلنين يشير إلى اهتماماتهم. لكن المتصفحات المنافسة مثل "فايرفوكس" لا تؤيد فكرة "غوغل"، وترى مؤسسات الخصوصية أنها "فكرة سيئة" لأن الشركات يجب أن تهتم بالمستخدمين أولاً وليس بالمعلنين.

المساهمون