جيمس غراي: "في الحميميّ تولد الحكاية والأسطورة"

29 نوفمبر 2022
غراي بين جايلن ويب (يمينه) ومايكل بانز رِبِتا في "كانّ" 2022 (باسكال لو سِغْرُتان/Getty)
+ الخط -

 

فيلمٌ جديد للأميركي جيمس غراي (نيويورك، 1969)، بعنوان Armageddon Time، معروضٌ للمرة الأولى دولياً في المسابقة الرسمية للدورة الـ75 (17 ـ 28 مايو/أيار 2022) لمهرجان "كانّ" السينمائي. فيلمٌ يقترب من سيرته الذاتية، عبر حكاية شابٍ يُدعى بول غْراف (مايكل بانز رِبِتا)، يولد في "كوينز" (نيويورك) ويعيش فيها طفولة ومراهقة مُسالمتين، رفقة صديق له يُدعى جوني (جايلن ويب)، منبوذ اجتماعياً، في ثمانينيات القرن الـ20، بسبب لون بشرته. معاً، يتسكّعان في الشوارع والأمكنة، ويختبران كلّ شيءٍ تقريباً. يظنّ بول أنّه محميٌّ من والدته، رئيسة مجلس أهالي الطلبة، ومن جدّه، المُقرَّب جداً إليه. لكنْ، كلّ شيءٍ يتغيّر بعد وقوع حادثٍ، يُسبِّب نقله إلى "مدرسة كاي ـ فورست"، التي يُديرها، بشكلٍ جزئي، فْرِد ترامب (جون ديل)، والد الرئيس المُقبل للولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب: "تماماً كإدارته جزءاً كبيراً من "كوينز" (أيضاً)"، كما في تعليقٍ نقدي.

في حوار مع "بروميير"، المجلة السينمائية الفرنسية الشهرية (نوفمبر/تشرين الثاني 2022)، يقول فريديريك فوبير، الناقد السينمائي، إنّ جديد غراي ـ المُكرَّم في الدورة الـ19 (11 ـ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2022) لـ"المهرجان الدولي للفيلم بمرّاكش" ـ منتمٍ إلى نوع من الأفلام، يُعرف بـ"نصف سيرة ذاتية"، عندما يستعيد سينمائيٌّ في سنّ النضج طفولته: "هذا يكاد يكون نوعاً سينمائياً قائماً بحدّ ذاته". لكنّ غراي، الموافق على هذا، يُشير إلى أنّ عدداً كبيراً من هذه الأفلام "من دون روح تماماً"، مُضيفاً التالي: "عندما ينطلق المرء في مشروعٍ كهذا، يُخاطر في أنْ يكون متسامحاً للغاية. على نقيض هذا، أحاولُ أنْ أكون صادقاً قدر المستطاع، إزاء نفسي وأقربائي وعالمي".

 

 

يسأل فوبير: "متى بدأت هذه الذكريات بالظهور أمامك؟"، فيروي غراي هذه الحكاية: "منذ أعوام عدّة، أخبرني أولادي عن رغبتهم في زيارة المنزل الذي عشت وكبرت فيه. ذهبنا إليه. لم يكن أبداً ذاك الذي أعرفه. لكنْ، لا تزال مُمكنةً رؤيةُ بقايا مرور العائلة فيه. مثلاً: آثار رسومٍ كنتُ أصنعها من أجل نماذجي المُصغّرة. عندها، بدأتُ إعادة التفكير بكلّ تلك الوجبات العائلية، التي كانت مهمّة جداً بالنسبة إلينا، مع أهلي وأجدادي وأقارب لي مُقرّبين جداً من أهلي وأجدادي. لم يعد أحدٌ منهم حيّاً الآن. رحلوا جميعهم. إنّهم أشبه بأشباح. قلتُ لداريوس خُنْجي (مُصوّر سينمائي إيراني فرنسي، مواليد طهران، 1955 ـ المُحرّر)، في أول مرة أخبرته فيها عن الفيلم، إنّنا سنروي حكاية أشباح".

بحسب فوبير، يُشير جيمس غراي إلى وجود نوعٍ من الانفصال بين البيئتين اليهودية والأفروأميركية، في تلك المرحلة، إحداهما منضمّة إلى التيار الحاصل لحظتها، والآخر باقٍ في الهامش: "نعم، حتّى لو أنّي لم أفكّر بأنْ يطرح الفيلم المسألة العنصرية. فالموضوع الأساسي كامنٌ في الطبقة وفكرة "الامتياز"، والدرجات المختلفة للامتياز". يُضيف غراي: "لنقلْ إنّ هناك امتيازاً أبيض، وامتيازاً أبيض مبنيّاً على "مُنشّطات". هذا الأخير مُمثّل في الفيلم بماريانّ ترامب (شقيقة دونالد، تؤدّي دورها جيسيكا تشاستن)، التي تقول إنّها كافحت لتصل إلى حيث هي الآن. كافحت؟ أيّ مزحةٍ هذه. تملك عائلتها 400 مليون دولار أميركي".

لكنّ غراي يُصرّ على عدم قدرته على ادّعاء التكلّم عن التجربة الأفروأميركية "كيفما كان" مُعتبراً أنّه سيكون أحمق إنْ يفعل هذا: "لا أستطيع التكلّم إلاّ عن عالمي المُصغّر، مع تلك الفكرة التي لا تغادرني أبداً: في العالم المُصغّر، في الحميميّ، تولد الحكاية والأسطورة".

المساهمون