- تعاون مع الفنان الفلسطيني أحمد غصّاب لإنشاء جدارية في واشنطن تعبر عن دعم الشعب الفلسطيني، تُظهر وجوه ثلاثة أطفال فلسطينيين وتحمل أبياتًا شعرية بالعربية، مستلهمة من أغنية لجوليا بطرس.
- يعتبر بيرغنر فن الجداريات أداة للتعبير عن الصمود والأمل، ويشارك تجاربه عبر "إنستغرام" لنشر رسائله، مؤكدًا على أهمية الفن كوسيلة للتغيير الاجتماعي والسياسي، ويسلط الضوء على المعاناة تحت الاحتلال.
جويل بيرغنر فنان جداريات أميركي، تعاون مع عديد من المؤسسات لإنتاج مشاريع فنية بمشاركة الأطفال والشباب من كل الجنسيات. يهتم بيرغنر بضحايا الصراعات والحروب والمجتمعات التي تعاني ظروفاً صعبة. وقد أنشأ الفنان عشرات الجداريات في أماكن عدة من العالم، ابتداءً من مخيمات اللاجئين السوريين والأحياء الفقيرة في البرازيل، وصولاً إلى القرى الأوغندية ومدن الصفيح في الهند، كما عمل في سجون الولايات المتحدة وبريطانيا. زار بيرغنر أيضاً الأراضي الفلسطينية عدة مرات منذ عام 2015، ونفّذ عدداً من الجداريات في مدن وبلدات مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعبيراً عن دعمه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تعاون بيرغنر مع فنان الخط الفلسطيني أحمد غصّاب، لإنجاز لوحة جدارية كبيرة عن فلسطين في قلب العاصمة الأميركية واشنطن. هذه اللوحة واحدة من أبرز الأعمال الجدارية التي نُفّذت في الولايات المتحدة تضامناً مع فلسطين، نظراً إلى ضخامتها وموقعها المميز. تقع اللوحة الجدارية وسط أحد الشوارع الرئيسية المكتظة بالمارة في قلب واشنطن، وتبلغ مساحتها نحو عشرين متراً. تُظهر الجدارية وجوه ثلاثة أطفال فلسطينيين ينظرون إلى الأمام في تحد وشجاعة. وقد ساهم أحمد غصّاب في هذه الجدارية بكتابة أبيات شعرية باللغة العربية، مستلهماً إياها من إحدى أغنيات المطربة اللبنانية جوليا بطرس. تقول الكلمات على اللوحة "شوفي يا هالحرية.. دموع الفرح المنسية.. غالي عليكم وعلي.. هالنصر اللي طال".
في صفحته على "إنستغرام"، يصف الفنان جويل بيرغنر هذه الجدارية بأنها شهادة على الصمود والأمل والدعوة إلى العدالة، فهي ليست مجرد جدارية، كما يقول، بل قصة محفورة على الجدران. يهدي الفنان الأميركي هذا العمل إلى الأطفال في غزة، معتبراً إياها تذكيراً بالمعاناة التي يتحملونها في ظل العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر منذ عقود.
نشر جويل بيرغنر صوراً مختلفة من زياراته المتعددة للقُرى والمخيمات الفلسطينية في الأراضي المحتلة ولبنان والأردن. يقول بيرغنر في تعليقه على إحدى هذه الصور، التي يظهر فيها وسط مجموعة من الأطفال الفلسطينيين في مدينة أم الفحم: "بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، كنت أفكر كثيراً في جميع الأطفال والشباب الفلسطينيين الذين عملت معهم هناك. لقد أتيحت لي الفرصة لمعرفتهم وفرحنا وغنينا ورسمنا معاً". يعبر الفنان عن امتنانه لهؤلاء الأطفال لأنهم ساهموا في تغيير قناعاته وأفكاره كما يقول. يضيف بيرغنر: "إن قلبي ينفطر لرؤية ما يواجه هؤلاء الأطفال اليوم، خاصة ونحن نعلم أن الحكومة الأميركية تدعم هذه الفظائع التي ترتكب أمام أعيننا".
بين الأعمال التي نشرها الفنان الأميركي على صفحته، صورة للوحة جدارية رسمها أثناء زيارة له إلى مدينة نابلس عام 2018. في هذه الصورة، يظهر عدد من الفتيات الفلسطينيات وهن يرسمن على أحد الجدران، إذ كانت الجدارية نتاج ورشة تعاون فيها بيرغنر مع مجموعة من طالبات المدارس الثانوية. يحكي الفنان كيف أن هذه الزيارة فتحت عينيه على الحقيقة المؤلمة، وأتاحت له التعرف إلى العديد من التجارب الصعبة التي مرّت بها هؤلاء الفتيات خلال إقامتهن في مخيم بلاطة للاجئين.
يقع مخيم بلاطة ضمن حدود بلدية نابلس، وينحدر أصل سكانه من أكثر من 60 قرية فلسطينية. تأسس المخيم عام 1950، وسرعان ما أصبح أكبر مخيمات الضفة الغربية من حيث عدد السكان، إذ يتخطى عددهم اليوم نحو 20 ألف لاجئ مُسجل.
يقول جويل بيرغنر إنه تعلم الكثير من هؤلاء الفتيات الموهوبات، واللاتي أخبرنه عن المعاناة اليومية التي يتعرّضن لها في المخيم، وكيف أن الجنود الإسرائيليين يقتحمون منازلهن، ويوجهون أسلحتهم لذويهن من دون أي سبب أو مُبرّر في كثير من الأحيان. يقول بيرغنر إن العيش تحت الاحتلال هو تجربة مؤلمة مستمرة، لا تملك فيها المجتمعات السيطرة على حياتها. وعلى الرغم من ذلك، كان لدى هؤلاء الفتيات والفتيان طاقة إيجابية، وكانوا متحمسين للعمل واللعب. مشهد فن الغرافيتي الحالي هو جزء من تقليد طويل من الحراك الفني الذي غالباً ما يتضمن رسائل اجتماعية وسياسية اعتماداً على الرسم والكتابة على الجدران.
وعلى الرغم من الأجواء الانتقادية التي يتسم بها هذا الفن، إلا أن فناني الجداريات كانوا ينأون بأنفسهم طوال الوقت عن أي تنظيم سياسي. يقول جويل بيرغنر: "أعتقد أن هذا الأمر قد بدأ يتغير الآن، فالغرافيتي أو فن الشارع أثبت في هذه المحنة الأخلاقية التي يواجهها العالم أنه يمكن أن يكون أداة اجتماعية قوية ومؤثرة إذا قرر الفنانون التعاون وتكريس جهودهم من أجل قضية مُعينة".