جورج وسوف في "بيتكلّم عليا"... محاولة البقاء

11 ديسمبر 2022
تحية للثنائي بليغ حمدي ومحمد حمزة في "بيتكلم عليا" (خليل مزراوي/ فرانس برس)
+ الخط -

رغم حالته الصحية، وصوته الذي بات التعب ظاهراً عليه، يعيش جورج وسوف حالياً حالة انتعاش فني، تترجم بحفلات ومقابلات وبرامج تلفزيونية، وأخيراً أغنيته الجديدة "بيتكلم عليا".

الأغنية هي التعاون الأول لوسوف مع الشاعر الغنائي المصري أمير طعيمة. ويبدو واضحاً أن هذا الأخير قدّم الكلمات وفقاً لما طلب منه، وليس وفقاً لسجيّته، أو لنقل إنه كتب وفق طريقٍ مرسوم مسبقاً. إذ تظهر خصوصية الأغنية لتلتصق بهوية وسوف بشكل جليّ. فمع كلمات طعيمة نجد جملتين يحبهما "أبو وديع"، ويعرفهما جمهوره بشكل جيد: الأولى جملة من أغنية "ولاد الحلال" لوردة مع بليغ حمدي والشاعر محمد حمزة، وهي: "دي العشرة غالية غالية لو في ناس يؤتمنوا". والثانية هو من أغنية "أي دمعة حزن لا"، من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي أيضاً. وكأن الوسوف يرسل تحية للثنائي بليغ حمدي ومحمد حمزة.

ومن يتابع أعمال صاحب "طبيب جراح"، يعلم جيداً أنه يغني مقاطع كثيرة من "ولاد الحلال" في حفلاته أو جلساته الخاصة، منها الجلسة الشهيرة مع عازف الكمان ورئيس فرقته ورفيق دربه سنوات طويلة مازن زوائدي، حيث يعزف الوسوف على العود ويرافقه زوائدي ومعهما عازف إيقاع. تحمل تلك الجلسة تحديداً قدراً كبيراً من "السلطنة" الخاصة، وتعكس للمستمع علاقة الفنان السوري بالجمل الشعرية واللحنية. نفس الكلام يمكن قوله عن "أي دمعة حزن" لعبد الحليم حافظ التي غناها الوسوف طيلة مسيرته الغنائية. ووقع ببساطة، كما يقول، في غرام الجملة اللحنية الساحرة في الأغنية، وبقي يؤديها طيلة سنوات. لذلك نجد العديد من التسجيلات والحفلات التي يغني فيها تلك الأغنية أو مقطع منها.

بالعودة إلى "بيتكلم عليا"، جاء الكلام متماشياً مع كلمات محمد حمزة في الأغنيتين المذكورتين أعلاه: "بيتكلّم عليا... بيقول فيا وفيا... وأنا عمري ما جبت سيرته غير بخير. ده اللي ما عمريش جرحته... سايبه يغلط براحته... مع إني أقدر أقول حاجات كتير". أما اللحن فوضعه زياد برجي في تعاون ثان مع "أبو وديع" بعد ما يقارب عشر سنوات من أغنية "بيحسدوني". والحقيقة أن الأغنية تعيدنا إلى مطلع الألفية الجديدة، مع ألبوم "سلف ودين" (2003)، وهي أغنية بوب مصري ببصمة صوت وسوف المنهك من أثر المرض. لكن رغم ذلك يؤدي صاحب "الحبايب" الأغنية بطريقة تكرّس وجوده في الساحة الفنية وقدرته على الغناء والمنافسة، وانتصاره بشكل أو بآخر على العمر والمرض والتحولات التي عرفتها أغنية البوب العربية في العقد الأخير.

قد لا تكون "بيتكلم عليا" واحدة من أعظم أغاني جورج وسوف، ولا نجاحها من أكبر نجاحات الفنان الذي تصدر لعقدين من الزمن مشهد البوب الممزوج بقليل من الكلاسيكية الطربية، لكنها محاولة خفيفة وناجحة للبقاء على الساحة، والحفاظ على رابط خاص بينه وبين جمهوره، وهو رابط لا يعرف عظمته إلا هذا الجمهور وحده. علماً أنّه يحسب للمخرج إيلي السمعان تقديمه للأغنية بفيديو كليب جميل، شارك فيه الممثلان السوريان عابد فهد وعبد المنعم عمايري والممثلة اللبنانية زينة مكي. إذ خلق المخرج مشهدية في الكليب، غطت على عدم قدرة وسوف على الحركة براحة.

المساهمون