جهود دولية لإعمار المنازل التراثية في الموصل العراقية

24 يوليو 2023
جهود الإعمار بطيئة جداً (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

تعد المنازل التراثية في المدينة القديمة بالجانب الأيمن من مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى العراقية، واحدة من التحديات التي ظلّت تواجه الحكومة المحلية في المحافظة، بسبب حجم الخراب فيها من جهة، إضافة إلى كون هذه المنازل ملكيات خاصة وتابعة لأهالي الموصل من جهة ثانية، ما جعل إعمارها يتأخر، رغم أنها تمثل ذاكرة المدينة، ومن بطونها خرج أهم الشخصيات الموصلية المهمة، إضافة إلى التجار والموسيقيين.

وشرعت منظمة اليونسكو، الأحد، بإعمار نحو 120 منزلاً تراثياً، وفق المخططات المتوفرة التي تحاكي مدينة الموصل القديمة، بحسب مدير مفتشية آثار وتراث نينوى خير الدين أحمد، والذي قال إن "مدة إعمار هذه المنازل لم تحدد مطلقاً من قبل منظمة اليونسكو، حرصاً على إعمار هذه الدور التراثية بدقة عالية".

وأضاف في تصريحات للصحافيين، الأحد، أن "مجموع الدور التي سيجري العمل بها من قبل منظمة اليونسكو، بدعم من الاتحاد الأوروبي، 120 منزلاً وفق المخططات القديمة، وأن الإعمار سيكون أيضاً ضمن سياق الواجهات التراثية لهذه المنازل، وكذلك مناطق مدينة الموصل القديمة".

وبيَّن أحمد، أن "أي منزل تراثي ستجري إعادة بنائه سيكون عن طريق مديرية بلدية الموصل، وبعدها مفتشية آثار وتراث نينوى، وتدخل وقتها ضمن الإشراف على إعادة الإعمار ضمن المواصفات التراثية"، متابعاً أنه "سيجري تسليم أي منزل في حال جاهزيته لأصحابه".

وتتميز هذه المنازل الأثرية، بكون غالبيتها بُنيت على الطراز الحلبي والدمشقي والتركي أيضاً، وهي منازل كبيرة تصل مساحة بعضها إلى أكثر من 1500 متر، لكنها تعرضت إلى أضرار كبيرة، بسبب الحرب التي خاضتها القوات العراقية وطيران التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لتحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، عام 2017.

وكان محافظ نينوى نجم الجبوري، قد أشار في حوارٍ سابق مع "العربي الجديد"، إلى أن "المدينة القديمة في الموصل، لها حالة خاصة، لأنها تتميز بطراز معين في البناء، إضافة إلى أزقتها الضيقة، والأبنية التاريخية والتراثية فيها، ناهيك عن كون القتال الذي حصل فيها، خلال فترة تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، كان شرساً. وأن "أي خطوة باتجاه بناء أو تعمير المدينة القديمة وحتى إزالة الأنقاض والمخلفات، تحتاج إلى وجود مديريات ودوائر التراث والآثار، نظراً لوجود معالم تحمل طابعاً تراثياً وتاريخياً".

وأوضح الجبوري أن "منظمة اليونسكو تعمل في مناطق من الموصل، ولدينا مشاريع مقبلة في المدينة، من بينها الواجهة النهرية التي تشمل 273 منزلاً، لبنائها على الطراز التراثي، ضمن دراسة نناقشها منذ ستة أشهر، إضافة إلى مشروع يتعلق ببناء آلاف الوحدات السكنية بطريقة البناء العمودي في الجانب الأيمن وبعضها سيكون في الأيسر".

من جهته، بيَّن الناشط المدني من مدينة الموصل، إبراهيم ذنون، أن "المدينة القديمة تحتوي على أكثر من 200 منزل كبير، وتعد من أهم المنازل في المدينة، لكنها أصبحت ركاماً بسبب الحرب، ولم تشهد أي تقدم في إعمارها، مرة بسبب رفض الأهالي إعمارها لأن مبالغ التعويضات قليلة، ومرة لأن الحكومة المحلية لم تهتم بها، لأنها ليست في مركز المدينة الجديدة، حيث اتجهت الحكومة المحلية إلى تعمير الجانب الأيسر من المدينة، كون معظم الدوائر الرسمية توجد هناك".

وأكمل ذنون، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "المنظمات الدولية تعمل منذ تحرير المدينة، على إعمار المنازل الكبيرة والتراثية، وبعض الجوامع، كجامع النوري الكبير، لكن هذه الجهود بطيئة جداً"، مشيراً إلى أن "بعض الدول العربية كانت قد تعهّدت بمساعدة الموصل، لكنها لم تنفذ وعودها للأسف".

واستعادت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي، السيطرة على مدينة الموصل وطرد مسلحي تنظيم داعش في يوليو/ تموز 2017، بعد نحو 10 أشهر من المعارك التي خلفت عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين، يقدرهم نواب ومسؤولون بعشرات آلاف القتلى والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال، فضلاً عن دمار هائل قدّرت وزارة التخطيط العراقية أنه طاول أكثر من 56 ألف منزل، ويعتقد أن نحو ألف منزل منها ما زالت جثث أصحابها تحت أنقاضها، إضافة إلى تسجيل أسماء 11 ألف مفقود.

المساهمون