لا تراهن هوليوود على صناعتها، بقدر ما تراهن على سمعتها وسطوتها. عمليتا تدوير وتكرير تكفيان لإغداق السوق الفني بأعمالها. لكن الغاية لا تبرر الوسيلة أمام أساليبها المستنفدة في طرح هذه الأعمال.
السياق الإنتاجي لافت للانتباه. غير أن تدويرًا وتكريرًا لم يعودا كافيين لسد رمق السوق الأميركي، وحاجته إلى مشاريع سينمائية أصلية باتت غير متشددة أمام تقلبات الذوق العام. فقد كان الرهان، في ما مضى، على جملة أعمالٍ مفتوحة على اقتباسات ورؤىً. ثم، وفي العقد الأخير، على استثمارٍ لأفلام كبيرة وتحويلها، مع صعود دور المنصات الرقمية وهيمنة النوافذ التدفقية، إلى مسلسلات وأعمال درامية قصيرة (هانيبال وشارلوك هولمز وسيد الخواتم وغيره).
آخر مستجدات هوليوود اليوم فتح نافذة قديمة. نافذة ستغدو أكبر وأكبر كما تجري العادة. فحسابات الموزعين وشركات الإنتاج، تتجه اليوم نحو جوارير الذاكرة السينمائية. تختار أعمالًا ناجحة ذات شعبية كبيرة، لإعادة إنتاجها وإحيائها بنسخ جديدة. وبهذا التوجه الجديد، تكون هوليوود قد ضربت مجموعة عصافير بحجر واحد، بالرغم مما تعكسه أدوات الإنتاج من طفحٍ في مكيال تطلعاتها وأهدافها التجارية والربحية.
قصة الحي الغربي
صدرت النسخة الأولى من الفيلم الرومانسي الموسيقي west side story عام 1961. وهو من إخراج روبرت وايز وجيرمي روبنز. حققت هذه النسخة نجاحًا ساحقًا حصدت على أثره 10 جوائز أوسكار. فيلم مقتبس عن مسرحية حملت نفس العنوان عام 1957، والتي كانت بدورها مأخوذة عن مسرحية شكسبير الشهيرة "روميو وجولييت"، وقد قام بتأليفها للمسرح كل من آرثر لورنتس وليونارد برنستاين وستيفن سوندهايم.
بعد أكثر من ستة عقود، يعود الفيلم للواجهة بقيادة المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ، وبتوزيعٍ من شركتي "والت ديزني" و"تونتيث سنشري". وقد أوردت الأخيرة، قبل أيام، الشريط الدعائي للفيلم عبر قناتها الخاصة على يوتيوب، على أن يتم عرضه في السينمات العالمية بتاريخ 10 ديسمبر / كانون الأول المقبل. العمل من تأليف توني كوشنر، وبطولة إنسل الغورت وراشيل زيغلر. تدور القصة في فترة الخمسينيات، عن علاقة حب تنشأ بين توني وماريا. الأول عضو في عصابة "الغيتس"، والثانية الأخت الصغرى لبرناردو زعيم عصابة "أسماك القرش" غريم العصابة الأولى. ومن هنا، سنشهد علاقةً سرية محرمة محفوفة بالصعوبات والمخاطر بين البطلين على غرار حكاية روميو وجولييت.
الحارس الشخصي
يعد فيلم the bodyguard الذي أنتجته شركة وارنر بروذرز عام 1992 واحدًا من أكثر الأفلام نجاحًا وتحقيقًا للإيرادات حول العالم في ذلك العام. وهو من إخراج ميك جاكسون، وبطولة كل من كيفن كوستنر والمغنية العالمية الراحلة ويتني هيوستن. تحكي قصة الفيلم عن حياة هيوستن التي تجسد دور مغنية تتعرض لتهديدات من جهة مجهولة، ما يجعل حياتها وحياة ابنها في خطر، ويدفعها لتعيين حارس شخصي (كوستنر)، وهو ضابط سابق في جهاز الخدمة السرية، لحمايتهما.
رغم جملة الانتقادات التي وجهت للفيلم، إلا أن وارنر بروذرز تعتزم إعادة إحيائه وتقديم نسخة جديدة وفق معالجة درامية مختلفة، من دون أن تصرح عن أية تفاصيل أخرى، كموعد التصوير والعرض والممثلين المشاركين، لكنها أشارت إلى أن مهمة تأليف وكتابة السيناريو، ستسند إلى الكاتب الأميركي ماثيو لوبيز، على أن يشارك كاتب النسخة الأصلية، لورانس كاسدان، في إنتاج النسخة الجديدة.
السيد والسيدة سميث
يعد فيلم الحركة والدراما الرومنسية MR. & MRS. SMITH للمخرج دوغ ليمان الصادر عام 2005 واحدًا من الأعمال الناجحة جدًا، ولا سيما أن اثنين من أشهر وجوه هوليوود تقاسما دور البطولة فيه، وهما براد بيت وأنجيلينا جولي. دفع هذا بالفيلم ليكون واحدًا من أكثر الأفلام شعبية محققًا أرباحًا لامست النصف مليار دولار.
ستكون هناك نسختان من العمل؛ واحدة سينمائية وأخرى تلفزيونية. والنسختان ستكونان من إنتاج شبكة أمازون. تم الإعلان عن ذلك قبل نحو سبعة أشهر بحسب ما نقله موقع "فارايتي" الأميركي.
وسيكون المسلسل من بطولة دونالد غروفر والإنكليزية فيبي والدر بريدج، غير أن الأخيرة انسحبت من العمل قبل مدة قصيرة وبقي مكان غلوفر شاغرًا إلى حين إعلان الممثلة التي ستؤدي دور السيدة سميث.
توجهات هوليوود الجديدة لا تشي إلا عن فقرٍ في جلب الأفكار الإبداعية والابتكار. فما حاجة هوليوود بإعادة إحياء أفلام ناجحة لها مكانتها وكينونتها الخاصة في ذاكرة المشاهد؟