تمدد القارات سبب محتمل لانقراض الأنواع قبل 56 مليون سنة

29 يونيو 2022
قد يصاحب حركة الصفائح أنشطة زلزالية وبركانية (Getty)
+ الخط -

قال باحثون إن تمدد القارات من المحتمل أن يكون قد تسبب في واحدة من أكثر فترات الاحترار العالمي تطرفاً وسرعة في تاريخ الأرض، وفقاً لنتائج الدراسة التي نشرت يوم 23 يونيو/حزيران الحالي، في مجلة Nature Geoscience.

درس العلماء، في هذا البحث، تأثيرات الصفائح التكتونية العالمية والانفجارات البركانية، خلال فترة تغير بيئي شديد شهدته الأرض قبل 56 مليون سنة. خلال ذلك الوقت، تسببت بعض الأحداث المتتالية، في ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار خمس إلى ثماني درجات مئوية، وبلغت ذروتها في تلك فترة الحد الأقصى للحرارة، في وقت الانتقال بين عصري الباليوسين والإيوسين التي استمرت نحو 170 ألف سنة. تسبب هذا في انقراض العديد من الكائنات الحية في أعماق البحار، وإعادة تشكيل مسار تطور الحياة على الأرض.

اقترح الفريق أن التمدد الواسع للصفائح التكتونية القارية، في نصف الكرة الشمالي، يقلل بشكل كبير من الضغوط في عمق باطن الأرض. أدى هذا بعد ذلك إلى ذوبان شديد، ولكن قصير العمر، في الوشاح؛ طبقة من الصخور اللزجة المنصهرة أسفل قشرة الكوكب مباشرة. أظهر الفريق أن النشاط البركاني الناتج، تزامن مع -ومن المحتمل أن يكون سبباً- انفجار هائل من الكربون في الغلاف الجوي المرتبط بارتفاع درجة الحرارة.

تتكون الأرض من تسع صفائح تكتونية كبيرة، و12 صفيحة صغيرة، تمثل الطبقة الصخرية الصلبة التي تحيط بالكرة الأرضية. وتتكون من القشرة الأرضية والطبقة العليا لوشاح الأرض التي تسمى الغلاف الصخري (ليثوسفير)، والذي بدوره ينقسم إلى "الصفائح التكتونية". تكون الصفائح إما قارية أو محيطية، أو قارية ومحيطية معاً، وتتسم حركتها بالبطء الشديد جداً فوق الطبقة اللدنة لوشاح الأرض، وقد يصاحب تحركها أنشطة زلزالية وبركانية على طول حدودها، إضافة إلى تكون مظاهر تضاريسية جديدة، مثل الجبال الشاهقة والصدوع والأخاديد والفوالق وغيرها، ويستغرق ذلك ملايين السنين.

وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، توماس إم. غيرنون، الأستاذ المساعد في علوم الأرض في جامعة ساوثهامبتون، أنه على الرغم من أهمية فترة الحد الأقصى للحرارة في وقت الانتقال بين عصري الباليوسين والإيوسين، وعلاقتها الأوسع نطاقاً بالتغير العالمي اليوم، فإن السبب الأساسي ما زال محل نقاش كبير.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أضاف غيرنون: "من المتفق عليه، عموماً، أن الانبعاث المفاجئ والهائل لغازات الاحتباس الحراري، أي الكربون، من باطن الأرض، لا بد وأن يكون قد أدى إلى هذا الحدث المدمر، ومع ذلك من الصعب جدا تفسير نطاق ووتيرة الاحترار من خلال العمليات البركانية التقليدية".

باستخدام أرشيف الصخور المحفورة تحت قاع البحر، بالقرب من حافة المحيط الأطلسي، وجد الفريق أدلة حاسمة على حدوث حلقة مفاجئة وواسعة النطاق من النشاط البركاني عبر شمال المحيط الأطلسي، استمرت ما يزيد قليلا عن 200 ألف عام، وهو مشابه بشكل لافت للنظر لفترة الحد الأقصى للحرارة بين عصري الباليوسين والإيوسين.

دفعت هذه النتيجة الفريق إلى التحقيق في حدوث تمدد أوسع لمنطقة شمال الأطلسي، بما في ذلك غرينلاند وجزر فارو. وعندها، اكتشفوا أن أكوام الحمم البركانية التي يبلغ سمكها كيلومتر، وبدأت في الانفجار قبل الفترة المذكورة، تُظهر تركيبات غير عادية تشير إلى زيادة كبيرة في كمية ذوبان الجزء العلوي الصلب من عباءة الأرض أسفل القارة.

يعتقد غيرنون أن الاكتشاف الذي أسفرت عنه الدراسة مهم "لأننا نعلم أن أجزاء من الوشاح القاري في هذه المنطقة غنية بالكربونات، وهي مصدر رئيسي للكربون. وهذه الزيادة السريعة في ذوبان الوشاح قد أطلقت على الأرجح كمية كبيرة جدا من الكربون، بالتأكيد أكثر من ما كنا نتوقعه سابقاً".

حدث النشاط البركاني المكثف في الوقت الذي تمددت خلاله مساحة اليابسة القارية، التي وحدت غرينلاند وأوروبا بشدة بفعل قوى الصفائح التكتونية. في النهاية، انفصلت أميركا الشمالية وغرينلاند أخيرا عن أوروبا، ما أدى إلى ولادة شمال المحيط الأطلسي. ويعتقد العلماء أن هذه المرحلة الأخيرة من التمدد، هي التي تسببت في ذوبان كبير في وشاح الأرض، ما أدى إلى إطلاق كميات هائلة من الكربون، وبالتالي الاحترار العالمي.

المساهمون