تشكيك في قانون حماية البيانات الصادر عن النظام السوري

01 ابريل 2024
أعاد الأسد تنظيم القواعد الجزائية لجرائم المعلوماتية في 2020 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النظام السوري يصدر القانون رقم 12 لحماية البيانات الشخصية الإلكترونية، مستهدفًا تنظيم جمع ومعالجة المعلومات الشخصية وفرض عقوبات للمخالفين، في ظل المخاطر الإلكترونية المتزايدة.
- هناك تساؤلات حول فعالية القانون ونوايا النظام الحقيقية، مع تاريخ النظام في مراقبة المواطنين واعتقال الناشطين، مما يثير الشكوك حول استخدام القوانين لتوسيع نطاق الرقابة.
- النظام يعمل أيضًا على إصدار قانون جديد للإعلام يثير الجدل، مما يعكس استمرارية محاولات السيطرة على المعلومات وتقييد الحريات، ويشير إلى مستقبل قاتم لحرية التعبير في سوريا.

عكف النظام السوري في الآونة الأخيرة، على إصدار قوانين ومراسيم متعلقة بالنشر الإلكتروني وحماية البيانات، مع فرض عقوبات على المخالفين، لكن مستخدمي الإنترنت في سورية، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي، لا يجدون تفسيراً لإصدار تلك القوانين، التي يتم تجاوزها من قبل الأجهزة الأمنية، وحتى من أجهزة الشرطة في وزارة الداخلية، لا سيما بعد اندلاع الحراك المعارض للنظام في العام 2011، واعتقال الكثير من الناشطين بناء على إبداء رأيهم سواء بالنشر أو من خلال التظاهر.

مؤخراً، أصدر رأس النظام السوري بشار الأسد القانون رقم 12 الخاص "بحماية البيانات الشخصية الإلكترونية على الشبكة"، وذلك "بهدف الحفاظ على خصوصية بيانات المواطنين وتنظيم عملية جمع المعلومات الشخصية ومعالجتها واستخدامها ونقلها على الشبكة على نحو يكفل سريتها ويردع مرتكبي الأعمال غير المشروعة بهذا الخصوص، وذلك عبر عقوبات مالية قد تصل إلى 12 مليون ليرة، وأخرى بالحبس قد تصل إلى ثلاث سنوات".

وقالت وكالة الأنباء السورية التابعة للنظام (سانا)، في معرض نقلها لنص المرسوم، إنّه جاء "انطلاقاً من الحاجة للحفاظ على خصوصية بيانات المواطنين في ظل المخاطر الإلكترونية المتزايدة في الكشف عنها وإساءة استخدامها"، مشيرةً إلى أنّ القانون "يضع قواعد تحكم وتنظم جمع ومعالجة البيانات الشخصية، بحيث تضمن عدم المساس بها وتعاقب كل وصول غير مشروع إلى بيانات شخصية أو أي عملية غير مشروعة لنسخ أو إرسال أو توزيع أو تبادل أو نقل أو تداول بهدف الكشف أو الإفصاح عنها أو إتلافها أو تعديلها أثناء تخزينها أو نقلها أو معالجتها أو محوها".

وحدّد القانون أيضاً "آلية معالجة البيانات بصيغتها الإلكترونية جزئياً أو كلياً لدى أي معالج أو متحكم، ولا يمتد إلى البيانات بصيغتها المكتوبة أو المحفوظة ورقياً وتُصدر هيئة متخصصة تراخيص تنظم تبادلها محلياً عبر التسويق الإلكتروني".

وعرّف نص القانون الذي أصدره الأسد "البيانات الشخصية"، بأنها "معلومات متعلقة بشخص طبيعي محدد مباشرة، أو يمكن تحديده على نحو غير مباشر عن طريق الربط بين هذه البيانات وأي بيانات أخرى كالاسم، أو الصوت، أو الصورة، أو رقم تعريفي، أو محدد إلكتروني للهوية، أو أي بيانات تحدد حالة الشخص الطبيعي".

كما عرّف "البيانات الشخصية الحساسة"، بأنها "أيّ بيانات تفصح عن الصحة النفسية أو العقلية أو البدنية أو الجينية، أو بيانات القياسات الحيوية (البيو مترية) أو البيانات المالية أو المعتقدات الدينية أو الآراء السياسية أو الحالة الجنائية، أو بيانات الأطفال وفاقدي الأهلية".

فيما حدّدت "إتاحة البيانات الشخصية" بأنّها "أيّ وسيلة تحقق وصول الغير إلى البيانات الشخصية كالاطلاع أو التداول أو النشر أو النقل أو الاستخدام أو العرض أو الإرسال أو الاستقبال أو الإفصاح عنها"، كما يعرف خرق تلك البيانات بكونه "كل وصول غير مشروع إلى بيانات شخصية، أو أي عملية غير مشروعة لنسخ أو إرسال أو توزيع أو تبادل أو نقل أو تداول بهدف الكشف أو الإفصاح عن البيانات الشخصية أو إتلافها أو تعديلها أثناء تخزينها أو نقلها أو معالجتها أو محوها".

وظهرت مواد القانون وتعريفاته للمصطلحات الواردة فيه فضفاضة ومرنة لدرجة عدم القدرة على فهم من يمكن أن تطاولهم عقوبات القانون من أولئك الذي يشكلون فئة المجني عليهم، كما لم يحدد صلاحية الدولة وأجهزتها، لا سيما الأمنية، بالوصول إلى تلك المعلومات والإجراءات المتبعة لذلك.

ورأى الصحافي المختص بالإعلام الإلكتروني، قتيبة ياسين، أن صدور مثل هذه القوانين أمر "مضحك للغاية"، وتساءل في حديث مع "العربي الجديد": "كيف يمكن لنظام قائم على الأفرع الأمنية والتجسس ومراقبة الناس أن يحمي بياناتهم؟!".

ولفت ياسين إلى أن "النظام السوري يرفض حتى الآن الإفصاح عن بيانات ومعلومات المعتقلين في السجون، ويربط إخراج أي معلومة عن أي معتقل بدفع رشى باهظة ليتمكن ذووهم من معرفة مصيره، ولذلك لا يتوقع منه أن يحمي بيانات بقية المواطنين".

ورأى ياسين أن "النظام الذي قتل وهجر السوريين، يريد ملاحقتهم حتى في بياناتهم، ربما ليبقى على اطلاع عليهم، وإيجاد وسائل جديدة للوصول إلى بياناتهم، لخنق الحريات في البلاد أكثر".

وكان الأسد أصدر القانون 20 في العام 2022، الذي يقضي بإعادة تنظيم القواعد القانونية الجزائية للجرائم المعلوماتية التي تضمنها المرسوم التشريعي رقم 17 للعام 2012.

وكان الهدف من القانون الذي سمي حينها بقانون الجريمة المعلوماتية يكمن في "مكافحة الجريمة المعلوماتية بما يتوافق مع التطور التقني الحاصل وارتفاع نسبة انتشارها في المجتمع، وحماية للمصالح القانونية وتنظيم الحريات في العالم الافتراضي والحد من إساءة استعمال الوسائل التقنية".

لكن متابعين ومختصين، أشاروا حينها إلى أن القانون من شأنه تقويض الحريات في البلاد، ومنح النظام سلطات أوسع لملاحقة النشطاء ومستخدمي وسائل التواصل، عند إبداء أي نقد أو رأي مخالف لروايته الرسمية.

وفي الوقت الحالي، يعمل النظام على إصدار قانون جديد للإعلام، والذي تعرضت البنود المسربة منه لانتقادات حتى من صحافيين يعملون في وسائل إعلام النظام، وكذلك من صحافيين يعملون في وسائل إعلام خاصة تعمل في مناطق سيطرة النظام، وذلك قبل إصدار مرسوم من الأسد بإقرار القانون رسمياً.

المساهمون