استمع إلى الملخص
- تسعى وزارة الثقافة اللبنانية لحماية المواقع الأثرية، وقدمت طلبات لليونسكو لاتخاذ خطوات عاجلة، مع طلب تمويل بقيمة 100 ألف دولار ورفع الانتهاكات لمجلس الأمن.
- قلعة بعلبك، المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، تعود للحقبة الرومانية وتواجه خطرًا كبيرًا بسبب الغارات، مما أدى إلى نزوح السكان وتدمير البنية التحتية.
قال محافظ بعلبك الهرمل، بشير خضر، لـ"العربي الجديد"، إنّه "تم تشديد الحراسة على قلعة بعلبك من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية خوفاً من أي أعمال سرقة أو نهب أو استخدام للموقع في ظلّ الفوضى السائدة في الوقت الحالي".
وشدّد خضر على أنّ "القلعة هي تحت إشراف وحراسة السلطات الأمنية الرسمية، ونؤكد هذه العبارة كي لا يفكر أحد أو يعطي حجة أنه من الممكن أن يكون قد دخل أحد إليها أو جلس فيها أو خبّأ أشياء داخلها".
يعمد الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، تاريخ توسعة عدوانه على لبنان، إلى تكثيف غاراته الدموية العنيفة على المناطق البقاعية والجنوبية وبيروت وجبل لبنان، مستهدفاً المدنيين والمسعفين بذريعة وزعم وجود مخازن أسلحة لحزب الله أو قياديين أو عناصر تابعين له، وقد طاولت نيرانه الأحد الماضي منطقة قريبة من قلعة بعلبك الأثرية التي تعود للحقبة الرومانية.
وطمأن خضر عبر "العربي الجديد"، أنه "تم الكشف على الموقع، وأن قلعة بعلبك بألف خير ولم تُصب بأي ضرر مباشر"، مشيراً إلى أن "الغارة الإسرائيلية كانت على بعد 700 متر منها، وهي لم تكن في القلعة أو حرمها، لكن الخوف يبقى من الغارات القريبة، على صعيد الدخان الأسود الذي يؤثر على الحجارة، أو الارتجاجات التي تنتج عن قوة الغارة".
وأشار المحافظ إلى أنّ وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال، محمد المرتضى، وجّه كتاباً إلى منظمة اليونسكو الدولية بواسطة رئيس البعثة الدائمة للبنان لديها السفير مصطفى أديب، وأيضاً بواسطة المكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت، عرض لها فيه خطر الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والهجمات التي قام بها الطيران الحربي الإسرائيلي بالقرب من قلعة بعلبك التي تُعتبر أحد أعرق المعالم الثقافية في العالم. كما طالبها بإجراء ما يلزم وبالتقدّم بالشكاوى أمام المراجع المختصّة.
وأشار خضر أيضاً إلى أن "وزير الثقافة طالب بمساعدة قد تحتاج إلى وقت، عبارة عن تمويل بقيمة 100 ألف دولار لحماية المواقع الأثرية عبر اليونسكو".
وطالبت وزارة الثقافة "منظمة اليونسكو، بصفتها الحامية للتراث العالمي، باتخاذ خطوات عاجلة وإجراءات ملموسة لحماية هذا الموقع التاريخي من التهديدات التي يتعرض لها. كذلك سائر المواقع والمعالم الأثرية اللبنانية، ولا سيما تلك المدرجة في لائحة التراث العالمي لليونيسكو، وهي، قلعة صور وقلعة جبيل وقلعة عنجر ووادي قاديشا ومعرض الرئيس رشيد كرامي في طرابلس". كما طلبت "رفع هذا الانتهاك إلى مجلس الأمن والمنظّمات الدولية ذات الصلة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات".
قلعة بعلبك هي أحد المواقع الأثرية المُدرَجَة في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1984، باعتبارها إرثاً حضارياً للإنسانية جمعاء، وقد عُرِفت هذه المدينة الفينيقية حيث كانت العبادة للثالوث الإلهي، بمدينة الشمس في العهد الهيلنستي، وحافظت على دورها الديني، حيث جذب معبد جوبيتير، إله الشمس، حشود الحجّاج، فبعلبك بمبانيها الضخمة من أهم آثار الهندسة الرومانية الإمبراطورية.
واعتبرت وزارة الثقافة أن "هذه الهجمات المتعمّدة على أمكنة ملاصقة لموقع تاريخي بهذا الحجم تشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والاتفاقيات الدولية، لا سيما اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح، والبروتوكولين الإضافيين المعززين لها الصادرين سنة 1977، واتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972".
ويرى خضر في حديثه مع "العربي الجديد" أن "لا ضمانات مع العدو الإسرائيلي بعدم استهداف قلعة بعلبك أو غيرها من المواقع الأثرية، ورأينا الكثير من التجارب والأحداث والعمليات التي هدفت إلى محو هوية بلدان وتاريخها، ويحق لنا تبعاً لذلك أن نخاف ونخشى على تاريخنا وتراثنا وآثارنا، سواء بضربها كنوع من العقاب لنا أو بهدف تدمير التراث والتاريخ اللبناني، من هنا سنقوم بكل ما يلزم على المستوى الرسمي لحماية هذه المواقع الأثرية وتحييدها".
وتتعرّض بعلبك كسائر المناطق في البقاع اللبناني منذ أكثر من أسبوعين لغاراتٍ يومية دامية بالتزامن مع القصف على الجنوب وبيروت، وقد أسفرت عن سقوط أكثر من 200 شهيد ومئات الجرحى، عدا عن تدمير كبير طاول المباني والبنى التحتية والطرقات والمراكز الصحية وغيرها من المنشآت، مع الإشارة إلى أن إجمالي عدد الشهداء منذ بدء العدوان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تجاوز 2100 شهيد، و10 آلاف جريح، مع تسجيل نزوح ما يزيد عن مليون و200 ألف مواطن لبناني.