بقي تشارلي واتس، عازف الطبول المتأنق في فرقة "رولينغ ستونز" الذي توفّي أمس الثلاثاء، في منأى عن فلتات زملائه، محافظاً على توازن الفرقة، ومنمّياً شغفاً كبيراً بموسيقى الجاز.
فارق الموسيقي الحياة "بسلام في مستشفى في لندن"، الثلاثاء، "محاطاً بعائلته"، وفق ما أعلن وكيل أعماله برنارد دوكرتي. وكان الأخير قد كشف، مطلع أغسطس/ آب، أن واتس سيفوّت الجولة الأميركية للفرقة في الخريف، إثر خضوعه "لعملية".
وكان واتس يطلّ على المسرح، بطبعه الهادئ وموهبته الكبيرة في العزف المشهود لها، إلى جانب ميك جاغر المفعم بالحركة، وعازفي الغيتار كيث ريتشاردز وروني وود. وفي حين كان أصدقاؤه يتخبّطون في "مشاكل الطلاق والإدمان وعمليات التوقيف والخلافات الحادّة"، وفق صحيفة "ذا ميرور"، كان واتس الكتوم يعيش حياة هانئة مع شيرلي شيبرد التي تزوّجها قبل خمسين عاماً وابنتهما سيرافينا، في دارة تضمّ إسطبلاً للخيول العربية في ديفون، في إنكلترا.
وكتبت الصحيفة البريطانية الشعبية عنه سنة 2012 "خلال خمسين عاماً من الفوضى، كان عازف الدرامز تشارلي واتس يعكس الهدوء في خضمّ العاصفة، على المسرح وخارجه". لكن العازف لم يسلم كلياً من مشاكل الإدمان التي طاولت الفرقة، إذ خضع في الثمانينيات لعلاج للإقلاع عن إدمان الهيرويين والخمور. وأكّد أنه تخلّص بالكامل من إدمانه. وقال الموسيقي المعروف بطبعه المتكتّم، والذي تعافى من سرطان في الحلق سنة 2004: "كانت تجربة قصيرة بالنسبة لي. وتوقّفت بكلّ بساطة ولم يكن الأمر لي".
وخاض تشارلي واتس، المولود في لندن في الثاني من يونيو/ حزيران 1941، غمار الموسيقى إثر شغفه بالجاز الذي عرّفه إليه جاره ديف غرين، عندما كان في الثالثة عشرة من العمر. وبعد ثلاثين عاماً، شكّلا معاً الفرقة الرباعية "ذي إيه، بي، سي أند دي أوف بوغي-ووغي". وروى العازف الذي يهوى موسيقى "سوينغ"، لوكالة "فرانس برس"، سنة 2011، أنهما كانا يستمعان معاً "إلى ديوك إلينغتون وتشيت بيكر وتشارلي باركر". وأضاف: "كان هذا كلّ ما حلمنا بفعله".
شقّ واتس طريقه بنفسه في مجال الطبول، وتعلّم العزف على السمع، من خلال مشاهدته العازفين في نوادي الجاز في لندن. وقال "لم أقصد قطّ مدرسة لتعلم العزف على الجاز. ليس هذا ما أحبّه. ما أحبّه في موسيقى الجاز هو المشاعر". وواتس، الذي تميّز بأنه كان يمسك أعواد الدرامز بالمقلوب، ويضرب على الطبول بطرفها الكبير، حرص على مدى مسيرته مع "رولينغ ستونز" على الاستمرار بالتوازي في موسيقى الجاز، وسجّل أسطوانات عدة باسمه.
وبعد إتمامه دراسة الفن، عمل مصمم غرافيك في وكالة إعلانات كبرى، وراح يعزف مقابل أجر مع عدد من فرق الجاز في كوبنهاغن، ثمّ في لندن. وانتهى به الأمر عام 1963 إلى الاقتناع بالانضمام إلى "رولينغ ستونز" التي كانت لا تزال مجرّد فرقة صغيرة في بدايات انطلاقها.
وكان كيث ريتشاردز يقول: "أنا محظوظ، فأول عازف درامز بدأت التعاون معه منذ 40 عاماً، هو من الأفضل في العالم. بوجود عازف درامز جيد، يكون المرء حرّاً في فعل كلّ ما يريد". لكن تشارلي واتس أظهر دائماً تواضعاً لا يحيد عنه. وكان يرى أن "لا اختلاف كبيراً بين العزف ضمن رباعي جاز في مكان حميم، أو في الملاعب مع (رولينغ ستونز)".
ومع الوقت، لم يعد واتس يأبه، أقله ظاهرياً، باحتمال انفصال الفرقة. وقال عام 2018، لمجلة "نيو ميوزيكال إكسبرس"، إن "الإعلان عن إقامة حفلة موسيقية أخيرة لن يكون لحظة حزينة" له. وأضاف: "سأظل على ما كنت عليه في الأمس أو اليوم". وكانت فرقة السبعينيين تستعد لجولة جديدة.
واعترف واتس، الذي صنفته مجلة "رولينغ ستون" في المرتبة الثانية عشرة بين أفضل عازفي الـ"درامز" على الإطلاق، بأنه أراد ترك الفرقة مرات عدة. وقال "في نهاية كلّ جولة، كنت أغادر. كنا نعمل ستة أشهر في الولايات المتحدة، وكنت أقول: انتهى الأمر، سأعود إلى المنزل، ثم بعد أسبوعين كنت أسير بتوتر فتقول لي زوجتي: لماذا لا تعود إلى العمل؟ أنت كابوس".
(فرانس برس)