استمع إلى الملخص
- تقدم أعضاء البرلمان بطلبات لمراجعة خطط تطوير البنية التحتية التي تؤدي إلى هدم المباني الأثرية، مؤكدين على أهمية حماية المواقع التي تعكس الهوية المصرية.
- شكل الرئيس السيسي لجنة لدراسة تطوير المنطقة ونقل المدافن الأثرية، لكن عمليات الهدم استمرت، مما أدى إلى تدمير مواقع تاريخية وسط دعوات للحفاظ على التراث.
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بموجة غضب واسعة، إثر انتشار صور تظهر هدم قبة مستولدة محمد علي باشا التاريخية في مقابر الإمام الشافعي في قلب القاهرة، لما تعكسه من قيمة معمارية تشكل جزءاً من التراث الثقافي للبلاد، من أجل إنشاء جسر مروري جديد يربط بين الطريق الدائري ومحور صلاح سالم.
وقدم عضو مجلس النواب، رئيس حزب العدل عبد المنعم إمام، طلباً للحكومة يتساءل فيه عن إجراءات حماية التراث المعماري والتاريخي، وخطة وزارة السياحة والآثار لحماية المواقع التراثية والأثرية، مع استمرار هدم المقابر التاريخية في منطقتي الإمام الشافعي والسيدة نفيسة.
وقال إمام، في طلبه، إن قبة مستولدة محمد علي تمثل جزءاً مهماً من الهوية المصرية، وتحمل قيمة معمارية وأثرية لا تقدر بثمن، ومع ذلك شرعت السلطات المختصة في هدمها، مضيفاً أن هدم المعالم الأثرية، ممثلة في مقابر القاهرة التاريخية، يشكل تهديداً للتراث والتاريخ المصري.
ونصت المادة الأولى من قانون حماية الآثار المصري رقم 117 لسنة 1983 بأن "يعتبر أثراً كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة، أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ، وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مئة عام، باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات التي قامت على أرض مصر، أو كانت لها صلة تاريخية بها. وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها".
كذلك، تقدمت عضوة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، أمل سلامة، اليوم الأربعاء، بعد هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، بطلب إحاطة إلى وزراء السياحة والآثار والنقل والإسكان، بشأن إعادة النظر في خط سير بعض مشاريع الطرق التي تعترضها مبان أثرية، أو ذات طراز عمراني فريد، لمنع هدمها.
وذكرت سلامة أن تنفيذ محاور وجسور الطرق يصطدم ببعض المباني الأثرية، أو ذات الطراز العمراني الفريد، بما في ذلك المقابر التاريخية، التي تشرع السلطات حالياً في هدمها، ولعل آخرها قبة حليم باشا التاريخية التي تعرضت للهدم في منطقة السيدة عائشة. وحذّرت سلامة من استمرار هدم مقابر القاهرة التاريخية، لما يثيره ذلك من غضب لدى المواطنين، خصوصاً أنها تعكس هوية الدولة المصرية، وتاريخها الحضاري الزاخر، مطالبة الحكومة بإعادة النظر في تخطيط المشروعات التي تمر داخل الكتل السكنية، وتحديداً التي يوجد بها مبان تراثية وتاريخية.
كما علّق الممثل المصري خالد النبوي، الذي أدى دور البطولة في مسلسل "رسالة الإمام" عن قصة الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وأنتجته الشركة المتحدة المملوكة للمخابرات، العام الماضي، على هدم قبة حليم باشا، والد الأمير محمد عبد الحليم ابن محمد علي باشا، قائلاً عبر حسابه الشخصي على منصة إكس: "عمرها آلاف السنين، عاوزين تخلوا عمرها صفر ليه؟!".
وكانت محافظة القاهرة قد أصدرت قراراً بتعليق عمليات دفن الموتى في اثنتين من أشهر مقابرها التاريخية تقعان في نطاق محور صلاح سالم المروري الجديد، وهما مقبرة الإمام الشافعي ومقبرة السيدة نفيسة، تمهيداً لإزالتهما. ونقل رفات المتوفين فيهما إلى مدافن التعويضات البديلة في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية.
ودفعت احتجاجات شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تأليف لجنة خبراء في يونيو/ حزيران 2023، الهدف منها التوصل إلى رؤية متكاملة لتطوير المنطقة، ودراسة نقل المدافن الأثرية من السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتجميع رفات الرموز المصرية فيما يعرف باسم "حديقة الخالدين" بالعاصمة الإدارية الجديدة، وإنشاء متحف ملحق بها يضم القطع الفنية والأثرية الموجودة في تلك المدافن للحفاظ عليها.
إلا أن "بلدوزر السلطة" سرعان ما عاد لاستكمال دعس مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعي، ومنها مقبرة الشاعر الراحل محمود سامي البارودي، الشهير بـ"شاعر السيف والقلم"، والتي تضم قطعاً رخامية منقوشاً عليها بماء الذهب، جرى استيرادها من إيطاليا قبل عقود طويلة، إلى جانب قطع نادرة من النحاس لها طابع تاريخي.
وسبق أن أزالت الجرافات حوش عتقاء الأمير إبراهيم حلمي الأثري الخاضع لإشراف وزارة الأوقاف المصرية، ومقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم، وغيرها من المقابر ذات الطابع التراثي والمعماري المتميز.