يُوصف بيرت كريشر (Bert Kreischer)، الكوميدي الأميركي، بأنه واحد من أفضل الناس الذين يمكن الاحتفال معهم، فهو صاخب، ذو صوت عال، ومستعد لأن يرمي بنفسه في قفص دببة فقط لأجل المرح. والأهم، من النادر، رؤيته على الخشبة وهو يرتدي قميصاً، هو دوماً عاري الصدر. يمكن القول إنه مستعد في أي لحظة لأن يحتفل حد الإغماء.
بدأ كريشر يكتسب شهرةً عالميةً منذ عام 2009 مع عرضه الكوميدي "أحمق ومرتاح". لكن شهرته بلغت أوجها مع تكرار ظهوره على قناة كوميدي سنترال، إذ بدأ يظهر في بعض الأفلام وفي عدد من البودكاستس، أخيراً بثت "نتفليكس" عرضه الكوميدي Razzle Dazzle، العبارة التي تشير إلى حركة سحرية ومبهرةً.
دخل كريشر. وبحركة استعراضيّة نزع قميصه، ليتقمص دور الرجل الأحمق المخمور، الذي يعيش حياته بوصفها مغامرة لا تنتهي، لكن حتى وإن أصبح أباً، هو لا يتوقف عن المقالب والتهكم والسخرية ممن هم حوله، وهذا بالضبط ما نراه في العرض. كيف يمكن لأب أن يكون على هذا القدر من اللاجديّة، إذ يسخر من زوجته وعلاقته معها، ومن شكله، وعلاقته مع ابنتيه، مستخدماً أقذع الألفاظ.
يلعب كريشر دوراً خطراً. لا شيء يقف في وجهه، حتى الصوابية السياسية يضربها عرض الحائط، مستهدفاً أسرته والمدرسة والطلاب، وأهالي الطلاب، ليكشف لنا عن نمط حياة مُمل يحاول أن يضيف إليه بعضا من الإثارة، كأن يخرب اجتماع الآباء والأساتذة. ورغم كوميدية المواقف والضحك الهائل فيها، هناك ما هو غريب، يبدو كريشر مستهتراً، أو بصورة ما، أباً مثيراً للجدل، مقنعا بسياق كوميدي.
تعرض كريشر للكثير من الانتقادات، بوصفه رجلاً أبيض، يخلع قميصه، يشتم، يستفيد من موقعه كرجل ويطلق نكاتا مهينة، نقد لا يخلو من الصحة أحياناً، لكنه يفترض دوماً أن كل ما يقوله على الخشبة حقيقة، وكأن لا مجال للتأليف. صحيح أن كريشر يستخدم ضمير المتكلم دوماً، ويتحدث عن مغامراته الذاتيّة، لكن ألا مجال للارتجال، أو التأليف، ألا مجال أن يكون هذا الرهان على سمعة فتى الحفلات الصاخبة جزءاً من أسلوب بيرت نفسه.
يراهن كريشر في أسلوبه الكوميديّ على غياب الموضوعات "الثقيلة" من حكاياته، لا قضايا شائكة وسياسية، مجرد سخرية عميقة من الذات والمواقف التي يواجهها بسبب بساطته وسذاجته أحياناً، إذ هو دائماً محط النكتة، وإن استهدف ابنته أو زوجته أو شخصاً غريباً، فهو يراهن على "حماقته" وقدرته على استفزاز الآخرين، ليوجهوا له الإهانة، فهو دائماً من يكسر السياق العام ويضرب بالأعراف عرض الحائط.
يحيل كريشر بحذر مثلاً إلى آمبر هيرد، في نكتة بسيطة تتناول موقف زوجته منه. وهنا اللافت، زوجته شخصية علنيّة، وليست مغمورةً أو خفيّة، هي لي آن كريشر، مقدمة بودكاست وشخصية إعلاميّة، وتتناوله أيضاً في بعض الحلقات والنكات. وهنا المفارقة، هذا الشكل من ديناميكيّة العلاقة وعلنيتها يخلط بين الواقعي والمتخيّل، خصوصاً أن كريشر يشارك على الخشبة تفاصيل في غاية الحميميّة. وهذا اللافت، كأنّ كريشر لا يتوقف عن السخرية والاحتفال، حتى وهو نائم، هناك دوماً ما يحركه في سبيل لعب ما أو ضحك ما، سيستثمره لاحقاً في إحدى الحكايات.
هناك الكثير من الأساطير تحاك حول الرجل، عن علاقته مع المافيا الروسية، وحياته الصاخبة التي ألهمت فيلم National Lampoon's Van Wilder عام 2002، إلى حد أن مجلة رولينغ ستون نشرت بورتريهاً عنه فقط بسبب الحفلات الصاخبة التي نظمها، وليس عمله ككوميدي.