بصمات الزمن... من كتاب الموتى حتى رحلة أبولو

12 اغسطس 2024
من أبرز المعروضات رسائل كتبها كريستوفر كولومبوس (Getty)
+ الخط -

عام 1492 سقط آخر معقل للمسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية، بعد حرب طويلة ودموية مع مملكتي أراغون وقشتالة، أو ما يُعرف اليوم بإسبانيا. في العام نفسه هبطت مجموعة من الأوروبيين، بقيادة كريستوفر كولومبوس وبتمويل من الملكين فرديناند من أراغون وإيزابيلا، من قشتالة على الجزيرة التي يعرفها سكانها باسم غواناهاني، وهي إحدى جزر البهاماس.

ومضات من رحلة كولومبوس

كانت رحلة كولومبوس متجهة إلى جنوب آسيا، غير أنها ضلّت طريقها ورَسَت على أراضٍ لم تطأها قدم أوروبية من قبل. عند عودته من هذه الرحلة بعث كولومبوس برسالة إلى فرديناند وإيزابيلا يحثهما فيها على تمويل رحلته التالية. في هذه الرسالة أسهب كولومبوس وبالغ في وصف تلك البلاد الشاسعة التي زارها، ومدى ما تتمتع به من ثروات. لم يمضِ كثير من الوقت حتى تسرّبت رسالة كولومبوس إلى معظم ممالك أوروبا، التي انفتحت شهيتها هي الأخرى لاستكشاف هذه الأراضي البعيدة والمليئة بالذهب.

هذه الرسالة التي كتبها كولومبوس بخط يده محفوظة ضمن مجموعة أخرى من الأوراق والرسائل المتعلقة بالرحلة الشهيرة في مكتبة فولغر شكسبير في العاصمة الأميركية. وتُتيح المكتبة للجمهور الاطلاع على هذه الرسالة حالياً بين عدد كبير من الوثائق والمخطوطات والأوراق التاريخية الأخرى التي يضمها معرض "بصمات الزمن".

مسيرة طويلة للبشرية

يغطي المعرض، الذي تستضيفه المكتبة حتى الخامس من يناير/كانون الثاني المقبل، مسيرة طويلة للبشرية من الخيال والمعرفة والإلهام، منذ بداية القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن العشرين. يمكن أيضاً الاطلاع على هذه المقتنيات المهمة عبر الموقع الإلكتروني للمكتبة، وهي مقسمة إلى ست عشرة مجموعة، وتضم 52 عنصراً من الكتب والوثائق والمخطوطات النادرة.

وتشمل هذه المقتنيات التي يضمها المعرض نُسخة مكتوبة بخط اليد من القرآن الكريم تعود إلى القرن التاسع عشر، ونسخ مهمة من روايات كلاسيكية ووثائق تضم تخطيطات أولية وكتابات بخط اليد لعدد من العلماء البارزين. ويضم المعرض أيضاً وثيقة نادرة من رحلة أبولو 11 إلى القمر عام 1969، وهي عبارة عن ورقة مطبوعة مُعدَّة لكتابة الملاحظات والبيانات، وهي الورقة المطبوعة الوحيدة التي سافرت إلى القمر، وعادت في مهمة أبولو 11، التي هبط خلالها البشر لأول مرة على سطح القمر. وتكمن أهمية الورقة في أنها تحتوي على تعليقات تفصيلية عن الرحلة مكتوبة بالحبر الأزرق، وبخط يد رائد الفضاء نيل أرمسترونغ. سجل هذا الأخير في هذه الورقة ملاحظاته حول إتمام المهام المدرجة في جدول الرحلة من الهبوط والإقلاع، وحتى ساعات النوم وموعد الطعام.

وبين المقتنيات المُهمة التي يضمها المعرض كذلك بردية مصرية قديمة من كتاب الموتى، وهو كتاب يضم مجموعة من التعاليم والتوجيهات المكتوبة على أوراق البردي، التي تُدفَن مع المتوفى، كي تساعده على تجاوز الصعاب في العالم الآخر. بين المعروضات أيضاً نسخة نادرة لأول كتاب في التشريح على الإطلاق، تعود إلى عام 1540، وهو كتاب "بنية جسم الإنسان" الذي وضعه أندرياس فيزاليوس، أول من شرّح الجثث للأغراض الطبية. ويُعَد كتاب فيزاليوس المكوَّن من سبعة أجزاء أحد الكتب الرائدة في علم التشريح، ولم تقتصر فائدته على مجال الطب فقط، بل كان مرجعاً أساسياً لرسّامين ونحّاتين عدة في عصر النهضة.

ويضم المعرض وثائق عدة متعلقة بعدد من الإنجازات والنظريات العلمية المُهمة، التي غيّرت مسار المعرفة الإنسانية. بين هذه الوثائق العلمية عدد من الأوراق التي تحتوي على الحسابات والتخطيطات الأولية التي رسمها نيكولاس كوبرنيكوس في سبيله لإثبات نظريته حول مركزية الشمس في الكون. في هذه المخطوطة التي تعود إلى عام 1543 يرسم كوبرنيكوس مسارات الكواكب حول نقطة ثابتة. أشعلت هذه النظرية التي وضعها كوبرنيكوس ثورة علمية في حينها، وقد أيدها البعض بينما عارضها الكثيرون. كان غاليليو غاليلي من بين من أيدوا هذه النظرية، وألّف كتابه الشهير "دفاعاً عن كوبرنيكوس"، وهو الكتاب الذي حوكم بسببه بتهمة الهرطقة.

وعلى صعيد الأدب، يضم المعرض مخطوطات عدة مكتوبة بخط اليد لمؤلفين بارزين، بعض هذه المخطوطات تحمل علامات الشطب والتعديل في بعض المواضع. بين المعروضات توجد أيضاً نسخة فريدة من رواية "قصة مدينتين" للكاتب البريطاني تشارلز ديكنز عليها إهداء بخط يده للكاتبة البريطانية ماري إيفانز، المعروفة باسمها المستعار جورج إليوت، يعبر فيه عن إعجابه الشديد بأعمالها.

المساهمون