برنامج "سيريان تالنتس": لا أحد يخسر

13 نوفمبر 2020
تُقام المرحلة الأولى من البرنامج على أحد أسطحة منازل دمشق (يوتيوب)
+ الخط -

ينتقد البعض برامج تلفزيون الواقع العربية المتخصصة بالبحث عن المواهب، ولا يجدون فيها سوى نسخ مشوهة عن برامج أميركية وعالمية، ويرددون دائماً أن بناء استديوهات مشابهة، واستعارة أسماء البرامج العالمية ذاتها، أمر ليس كافياً لنجاح برامج "آرابز غات تالنت" و"ذا فويس" وغيرها.

قد نتفق مع هذا الرأي وقد نختلف معه؛ ولا سيما أن هذه البرامج ليست حكراً على ثقافة دون غيرها، وأُنتجت العديد من النسخ منها بلغات حية عديدة، وهي منتشرة في معظم أنحاء العالم. ولكن إن اتفقنا مع أنصار هذا الرأي، فيجب علينا أن نضيف: ليس هناك ما هو أسوأ من برامج المواهب العربية المستنسخة من البرامج العالمية، سوى برامج المواهب السورية التي تعرضها القنوات التابعة للنظام السوري.

آخر هذه البرامج، هو برنامج "سيريان تالنتس"، الذي بدأت قناة "سما" بعرضه مؤخراً كبديل سوري محلي لبرنامج "آرابز غات تالنت". وينقسم البرنامج لمرحلتين، الأولى تديرها لجنة ثلاثية مكونة من ثلاثة مدرسين معتمدين بالمعهدين المسرحي والموسيقي، وهم: تامر العربيد الذي شغل منصب عميد المعهد العالي للفنون المسرحية سابقاً، ونغم معلا، أستاذة في قسم الرقص، ونزيه أسعد، المدرس في المعهد الموسيقي.

الحلقات الأولى التي لا تزال تعرض حتى اليوم، توثق عمليه اختيار هذه اللجنة للمواهب "الأفضل"، وذلك في جلسات غريبة تُقام على سطح أحد الأبنية في دمشق، لا يحضر فيه سوى أعضاء اللجنة الذين يجلسون مواجهين شاشة كبيرة تعرض الفيديوهات التي أرسلها المشاركون؛ ليستحضروا بذلك أحد الأساليب التي اتبعتها برامج تلفزيون الواقع عالمياً في الدول التي تفرض الحجر الصحي على مواطنيها؛ لكن الغريب في الأمر أن سورية لا تفرض الحجر الصحي.

أما المرحلة الثانية، فتتضمن عروض أداء حي على مسرح "سيريان تالنتس"، وبحضور لجنة ثلاثية مختلفة، تضم نجوماً من التلفزيون السوري، إذ تتكون من شكران مرتجى ومحمد حداقي وميساك باغبودريان. وبحسب ما كُشف عنه في الحلقة الأولى، فإن عدد الواصلين للمرحلة الثانية يتجاوز المئة مشترك، وفعلياً متوسط عدد المنتقلين للمرحلة الثانية بكل حلقة يتراوح بين سبعة وعشرة أشخاص؛ ما يعني أن حلقات المرحلة الأولى التي بدت بغاية السخف والملل سيتجاوز عددها العشر حلقات بأقل تقدير.

وبغض النظر عن آليات التحكيم في البرنامج، التي ترفع من قيمة نجوم التلفزيون على حساب المدرسين المعتمدين في الأكاديمية الفنية السورية الأكثر عراقة؛ فإن البرنامج بدا قبل وصول نجومه متواضعاً. فعلياً، ليس هناك ما يجذب الجمهور لاستكمال البرنامج حتى الوصول إلى المرحلة الثانية، فنحن لا نرى على الشاشة سوى لجنة التحكيم التي لم تخلق أي نوع من الدراما في ما بينها، ولم تختلف بالرأي على أي مشارك خلال الحلقات الثلاث الأولى، لينجح جميع من تم اختيارهم بالأصوات الثلاثة، أو بالإجماع، على غرار ما يحدث في كافة القطاعات السورية.

هم يجلسون ويتبادلون المجاملات والضحكات من دون مبرر، يرددون الملاحظات ذاتها التي تحدد معايير قبولهم للمشاركين بأمور تافهة للغاية؛ فمثلاً قبلت اللجنة ممثلاً لمجرد أنه اختار مشهدا من مسرحية لتشيخوف، رغم الإشارة إلى تلعثمه الدائم بالكلام، في مشهد مصور بوقت مسبق، كان من الممكن إعادته ليصل لمستوى أفضل، لو كان مقدمه يمتلك الموهبة! وعلى غرار ذلك، تم قبول كل من وقف أثناء أدائه لأغنية على مسرح وكل من استخدم آلة موسيقية، باستخدام المبررات السطحية ذاتها.

والأسوأ من ملاحظات اللجنة وركاكة تعبيرها، هو الفيديوهات التي يتم عرضها على الشاشة، والتي يبدو معظمها لا يصلح للعرض على التلفزيون؛ فهي مصورة بطريقة رديئة ولم يخرج منها حتى الحلقة الثالثة أي موهبة تستحق الاهتمام. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية المشتركين اتجهوا نحو الغناء، وليس هناك فارق كبير بين المقبولين بالإجماع والمرفوضين بالإجماع؛ فعدد كبير من المقبولين أصواتهم متواضعة ولا يجيدون الغناء، ما دفع البعض لمشاركة فيديوهاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والإشارة إلى أن الواسطات هي السارية في كل القطاعات السورية، حتى في برامج المواهب.

المساهمون