براين آدمز: لأنني لا أتذكر منذ متى أنا هنا

13 مارس 2022
كل ما عرفته هو العودة إلى الطريق (عارف هودافيردي يمن / الأناضول)
+ الخط -

لا يزال العالم الفني والثقافي، يعيش حتى اليوم آثار جائحة كورونا، التي عطّلت عجلة الإنتاج لفترة طويلة، وسيطرت مخلفاتها على أفكار الفنانين وهواجسهم، وبالتالي على إنتاجاتهم. أثر جائحة كورونا بدا واضحاً في معظم الإنتاجات الفنية خلال العامين الأخيرين؛ فالبعض تأثر سلباً، إذ عطلت الجائحة سلسلة الإبداع، أو حرفت محتوى الفنانين ليتأثر بالكليشيهات الجاهزة التي أبرزتها وسائل الإعلام العالمية. البعض الآخر تأثر إيجاباً، حيث فتحت الجائحة والأفكار السوداوية المحيطة بهم الباب لإبداعاتهم الفنية، وأعطت البعض فرصة لإعادة التفكير بإنتاجاتهم والخط الذي يسيرون فيه.

بالنسبة لـ براين آدمز، يبدو أنه كان يحتاج إلى أن يمر بنفق مظلم، كالذي دخل العالم فيه بسبب جائحة كورونا، ليستطيع أن يعثر على مصدر النور من جديد، ولينفض عن نفسه غبار تاريخه الفني، الذي كان يعيق أي منتج جديد يقدمه، ويمنعه من التوهج؛ لتكون النتيجة ألبوم So Happy It Hurts (صدر في الرابع من الشهر الجاري)، وألبوم Pretty Woman: The Musical، الذي صدر نهاية الشهر الماضي، ويتضمن الأغاني التي قدمها آدمز لعرض الميوزيكال الذي يحمل الاسم ذاته.

الأغاني التي نعثر عليها في كلا الإصدارين، يمكن وصفها بأنها أفضل ما قدمه آدمز منذ عام 2002، حين أصدر ألبوم Spirit: Stallion of the Cimarron، الذي كان آخر عمل له ينافس بقوائم الألبومات الأكثر نجاحاً في السنة.

ألبوم So Happy It Hurts هو الخامس عشر في مسيرة آدمز (1959)، التي بدأت قبل 42 سنة، وتمكن خلالها من حفر اسمه بالذهب على سطور التاريخ الموسيقي، ليحتل المرتبة 41، بحسب "بيلبورد"، في قائمة أفضل المغنين والفرق الموسيقية في كل الأوقات.

براين آدمز الذي يملك خامة صوت عميقة، ويؤدي أغانيه بنبرة عاطفية تختلف كلياً عن الأساليب التي كانت شائعة في موسيقى الروك، استطاع أن يعثر على بقعته الخاصة مع الوصول إلى التسعينيات، حين أدى أغاني الروك العاطفية التي اخترقت حواجز الزمن، وجمهور النمط الموسيقي، مثل أغنية Everything I do وHave you ever really loved a woman، وغيرهما من الأغاني التي لا تزال تتردد أصداؤها على محطات الراديو ليلاً، في ساعات البث التي تسيطر عليها الأغاني الشعبية الرقيقة، التي تساعد على الاسترخاء وتبعث البهجة؛ لتحتل أغانيه مع الزمن مكانة خاصة، تقبع بين موسيقى الروك وموسيقى الكانتري.

يتكون ألبوم آدمز الجديد من 12 أغنية، ويبدأ من دون مقدمات بالأغنية التي تحمل اسم الألبوم، So Happy It Hurts، وسبق أن أصدرها آدمز كأغنية منفردة قبل أشهر. الأغنية تبدو كرحلة يعود فيها المغني للبحث عن الأصول، معلناً منذ البداية أنه متجه برحلته إلى موطنه، كندا، بسيارته التي يعلو فيها صوت الراديو، ليدوس على قمم النجاح التي وصل إليها، وتسيطر عليه مشاعر متناقضة، بمزيج من الألم والفرح، حيث يقول: "تحترق القمة السوداء تحت عجلات سيارتي، أشعر بالجنون. أنا سعيد لأنها مؤلمة".

تستمر الرحلة بإيقاعات الروك الصاخبة وصوت آدمز الشاعري، الذي يصف الرحلة المتخيلة، ليؤدي في الوقت ذاته دور السائق والراديو الذي يستمع إليه، والبطل الذي تُسرد حكايته. في أغنية On The Road، يختار المفردات الأفضل لوصف الرحلة: "كل ما عرفته هو العودة إلى الطريق. المسارات كانت مكتوبة على النجوم والقيثارات والبارات. أنا على الطريق مرة أخرى، لأنني لا أتذكر منذ متى أنا هنا. لقد عدت إلى الموسيقى، حين علمت أنه من الممكن أن أفقدها. على الطريق.. على الطريق.. أنا جاهز للانفجار، على الطريق.. على الطريق.. أشعر بحمل ثقيل".

وفي نهاية الألبوم، يصف آدمز رحلته لآخر مرة، حين يذكر أنه "سلك بعض الطرق الخاطئة"، لكنه يعبر عن رضاه عن المسارات القاسية التي سلكها من خلال الجمل الشعرية العاطفية التي يختارها. يقول: "تتحول الأحجار إلى ألماس، والأيام تتحول إلى سنوات، ألسنة اللهب القديمة تتحول إلى رماد، لكن الحب يثابر. هذه العجائب اليومية، تستحق أي ثمن. في هذه اللحظات أدرك أن هذا ما يصنع حياتي. أحب الصوت الذي يصدره المطر على سقف منزلنا عندما يحل الليل. لقد سلكت بعض الطرق الخاطئة لكنني أعلم أن هذا صحيح".

وفي حين تبدو أغاني ألبوم So Happy It Hurts مبهجة بموسيقاها الصاخبة، فإننا نجد البهجة بمكان آخر في أغاني Pretty Woman: The Musical، التي تسيطر عليها النغمات الرومانسية، وتبدو أكثر شبهاً بأغاني آدمز التي لا تزال تتردد على موجات الراديو؛ فبعض الأغاني تبدو فيها ملامح لأغاني آدمز الرومانسية القديمة، كما هو الحال في أغنية You and I التي تحمل بعض ملامح Heaven، ولا سيما في الإيقاعات المستخدمة في لازمة الأغنية. فعلياً، هنالك العديد من المسارات التي من الممكن أن يضيفها عشاق أغاني آدمز الرومانسية إلى قوائمهم من هذا الألبوم، من بينها Never Give Up On A Dream التي تبدو كلوحة موسيقية هاربة من العصر الذهبي لـ آدمز في التسعينيات.

المساهمون