سمحت جائحة كورونا للموسيقيين المستقلّين في الهند بالإفلات من قبضة بوليوود لفترة وتوطيد علاقتهم بالجمهور. إذ تهيمن بوليوود على قطاع الموسيقى في الهند، غير أن المنتجين علّقوا إصدار الأفلام الجديدة بسبب الوباء، ما أفسح المجال أمام الموسيقيين المستقلّين.
لم يكفّ هاتف كارلتون براغانزا (48 عاماً) عن الرنين منذ أن حقّق الفنان نجاحاً كبيراً على الإنترنت خلال تدابير العزل العام المشدّدة التي اعتمدت بين مارس/ آذار ويونيو/ حزيران. فقد أمضى هذا الموسيقي المولود في بنغالور (الجنوب) ليالي العزل على الإنترنت مع جمهوره، منشداً من غرفته الصغيرة أغنيات من أنواع مختلفة تُطلب منه جذبت عشرات آلاف المتابعين.
ويروي أنه قدّم "أغنيات طوال 70 ليلة متتالية" عبر "فيسبوك"، "ملبّياً طلبات الجمهور". ونجح كارلتون براغانزا، بفضل 125 عرضاً على الإنترنت شوهدت 1,5 مليون مرّة عبر "فيسبوك"، في جمع ألف شخص كلّ ليلة، فانهالت عليه العروض لإحياء حفلات خاصة أو عامة مع التخفيف التدريجي للقيود.
وكذلك الحال مع مغنية الهيب هوب الشابة بالاك بارنور كور المعروفة فنيا باسم "ليل مالاي" التي زاد عدد متتبّعيها على الإنترنت. وقد لقيت الفيديوهات التي تصوّرها منذ العام 2018 بواسطة كاميرا "غوبرو" وتتطرّق فيها إلى شواغل الشباب أصداء على "إنستغرام" و"يوتيوب". وتقول الشابة التي تعيش في مومباي (غرب الهند) إن "الفنانين المستقلّين يملأون الفراغ الذي خلّفتة بوليوود في مجال صناعة الموسيقى بمحتوياتهم الأصلية وغير المتكلّفة التي يتماهى معها الجمهور. وقد بات الأخير أكثر إدراكاً لوجودنا".
وتشهد منصّة البثّ التدفّقي للأعمال الموسيقية "جيوسافن" المملوكة لأغنى رجل في آسيا موكيش أمباني على هذه الظاهرة. ويؤكّد القيّمون عليها "شهدنا خلال الأشهر الأخيرة على تغيّر قوائمنا للأغنيات الأكثر جذباً للمستمعين مع أعمال... لا علاقة لها بالسينما".
وقد تعزّز بثّ الموسيقى على الإنترنت في الهند بدفع من ازدهار مجموعات الإنتاج الموسيقي المستقلّة، مثل الأميركيتين "سي دي بايبي" و"تونكور". غير أن خبراء في المجال يحذّرون من أن بوليوود ستستعيد سريعاً السيطرة مع معاودة إصدار الأفلام.
ويصرّح برياك دار رئيس تحرير "ميوزيكبلاس.إن" بأنّ "الجمهور قد يعود ببساطة إلى موسيقى بوليوود، فتهوي الأعمال غير المرتبطة بالسينما". ويشير آخرون إلى المعضلة الاقتصادية لطرح الأعمال بالمجّان على الإنترنت.
ويقول ميرلن دسوزا، وهو وكيل أعمال فنانين شباب إنّ "الأغنيات المطروحة على الإنترنت كثيرة جدّا ومن الصعب جدّاً أن يتمايز فنان ما"، مضيفاً أن "هذا النموذج غير قابل للديمومة من دون حصرية".
ويرى أتول تشوراماني، المدير التنفيذي لمجموعة "تورنكي" أن فنانين كثيرين يجدّون للصمود، حتّى لو أن الوباء ساعدهم على توسيع آفاقهم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث "العروض الموسيقية مجّانية".
في إبريل/ نيسان، نشر دوليشوار تاندي الذي اتّخذ من "دول روكر" اسماً فنياً له تسجيلات لقيت انتشاراً واسعاً على الإنترنت تطرّق فيها إلى وضع ملايين المهاجرين الذين تأثّروا بتدابير العزل. وسرعان ما ذاع صيت هذا النادل السابق البالغ 27 عاما. وهو انتقد في الأشرطة التي سجّلها من الكوخ الطيني حيث يعيش مع والدته في بلدة أوريسا (الشرق) لامبلاة الحكومة بالفقراء.
ويخبر الشاب المنتمي إلى طبقة الداليت المعروفة سابقاً بـ"طبقة المنبوذين" في المجتمع الهندي "عندما فرضت تدابير العزل العام، كادت عائلتي تموت جوعاً، بلا عمل ولا مال". ويضيف "بدأت بإلقاء أغنيات راب للتنفيس عن غضبي من النظام الحكومي وكانت الاستجابة قويّة".
ورفض "دول روكر" عروضاً من قطاع السينما، لأنه يرفض "تأليف موسيقى راب تُسلّع المرأة"، على قوله. لكن القدر شاء أن يبرم عقداً مع العملاق الأميركي "يونيفرسال". ويقول الشاب "أريد تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى الفقراء".
(فرانس برس)