المونديال في الأردن: أين ستشاهد المباراة اليوم؟

04 ديسمبر 2022
في أحد مقاهي عمّان (غادة الشيخ)
+ الخط -

بات السؤال الذي يتبع سؤال "كيف حالك" بين الأردنيين كل يوم، منذ بدء مونديال قطر 2022، هو سؤال: "وين بدك تحضر المباراة اليوم؟". سؤال بديهي، يكشف عن سلوك حياتي ونمط ثابت يعيشه الأردنيون في هذه الفترة. سلوك يمارسونه كل أربعة أعوام، أي مع كل عودة جديدة لمباريات كأس العالم.
يمكننا القول إنّ الحياة في الأردن، بشكل عام، تتسم بالرتابة، فنجد المواطنين في كثير من المناسبات يتبعون الروتين الحياتي ذاته، لدرجة يتحوّلون جميعاً إلى مواطن واحد. ففي شهر رمضان، مثلاً، يتشابه الناس في طقوسهم، حيث تبدأ ساعة يومهم بعد الإفطار، وتنتهي بعد الأذان الثاني لصلاة الفجر، والوقت بين تلك الفترتين هو خارج عن خريطة النشاط الأردني.
وفي الصيف، مثلاً، يتوحد أردنيون في ارتياد النوادي الرياضية، وهو أمر يغيب بشكل واضح في فصل الشتاء. وعند العاشرة من مساء كل يوم، تتلاقى شاشات تلفاز بيوت الأردنيين على متابعة البرامج الحوارية في القناتين الرسميتين، أما صباح يوم الجمعة، فهو مخصص لبرنامج "يسعد صباحك".
ويعود الروتين الأردني كل أربعة أعوام مع بدء مباريات كأس العالم، إذ يتشابه الناس، أيضاً، بطريقة التعاطي مع مباريات المونديال. ويتمثل ذلك التشابه في عدة أشكال، من بينها التزاحم في ارتياد المقاهي لحضور المباريات. لذلك، بات سؤال "وين بدك تحضر المباراة اليوم؟" سؤالاً بديهياً.
الشاب ناجي الشرفا (29 عاماً)، الذي منذ بدء مونديال قطر يضبط ساعة نشاطاته حسب توقيت ذهابه إلى المقهى مع أصدقائه لحضور مباريات اليوم، يقول لـ"العربي الجديد": "في المونديال تنتعش المقاهي، وننتعش نحن كمواطنين، ففي هذه الفترة، نشعر أن وقتنا ذو قيمة".
"الأجواء ساحرة ومشجعة"، يقول الشرفا، مضيفاً: "في المقهى الذي أشاهد فيه المباريات، أصبح لدي أصدقاء جدد، حتى إننا أنشأنا مجموعة على واتساب للتنسيق لحضور المباريات، أطلقنا عليها اسم: مونديال قطر".
بدورها، تقول الشابة سيرين زيادات: "علاقتي بكرة القدم مثل علاقة طالب في الصف الأول مع مادة الكيمياء، لكنها تصبح علاقة وثيقة فقط في مباريات كأس العالم". وعند سؤالها عن سبب تحولات علاقتها بكرة القدم في المونديال، تجيب: "الفضل يعود إلى المقاهي، التي تجبر بأسلوب إيجابي كل من ليست له علاقة بكرة القدم على أن يحبها".
تضيف: "الاستعداد لحضور المباريات في المقاهي يبدأ من صباح كل يوم، فأثناء اتجاهي إلى مقر عملي، أشاهد العاملين في المقاهي وهم يجهزون لوازم بث المباريات. تلفتني ألوان أعلام البلدان، وتشدني أغاني المونديال التي تمنحنا طاقة حماسية".

"المونديال حالة فريدة في حياتنا"، توضح زيادات: "بدأت أشتاق لتلك الحالة منذ الآن، فأنا أكيدة أنني سأشعر بفراغ كبير بعد انتهاء المونديال"، وتقول مازحة: "لا تعلمين، ربما أصبح متابعة للدوري الأوروبي والإنكليزي مثلاً، وتجدينني في واحد من المقاهي أحمل علم برشلونة أو ريال مدريد!".
يمثل مونديال قطر بالنسبة لصاحب أحد مقاهي منطقة عمّان الغربية، ثائر دعنا، عملية "إنقاذ" أنعشت المقاهي، بعد أن "انتكست" على مدار ثلاثة أعوام بسبب جائحة كورونا. ويقول لـ"العربي الجديد" إن "مونديال قطر بث الحياة في عروق مقاهي الأردن، وهو أمر كنا بأمس الحاجة إليه بعد الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت قطاع المقاهي والمطاعم بسبب كورونا. واليوم، ونحن نستقبل الزبائن بشكل كبير، نشعر أننا أحرزنا إنجازين: انتعاشاً اقتصادياً، وفرحة في نفوس الزبائن".
ويتفق معه النادل مصطفى الرواشدة، الذي يعمل في مقهى آخر: "مونديال قطر أفرحنا كعاملين وأفرح الأردنيين كزبائن، حتى إنني أصبحت أستمتع بوظيفتي، ليس كما هو الحال في أيام السنة العادية". يوضح: "خلال مناوبتي في المقهى ووقت بث المباريات، لا أكون فقط نادلاً، بل أصبح أيضاً رساماً، فأرسم على وجوه الأطفال أعلام المنتخبات التي يشجعونها، كما أنني أغدو في كثير من الأحيان فرداً من شلة أصدقاء جاءت إلى المقهى. نصبح واحداً عندما نعبر عن فرحتنا معاً بدخول هدف، مثل ما حدث في مباراة المغرب وكندا، حيث احتضنّا بعضنا بعضاً فرحاً وابتهاجاً بالفوز العربي".

المساهمون