في احتفالية كبيرة رصدتها وسائل الإعلام العالمية، انطلق موكب المومياوات الملكية، في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم السبت، من مقرها القديم بالمتحف المصري في ميدان التحرير، إلى مقرها الجديد في حيّ مصر القديمة، حيث المتحف القومي للحضارة المصرية. ضمّ الموكب 22 تابوتاً ملكياً تعود إلى عصر الأسر 17، 18، 19، 20 منها 18 مومياء لملوك، وأربع مومياوات لملكات. من أهم المومياوات في الموكب: رمسيس الثاني، وسقنن رع، وتحتمس الثالث، وسيتي الأول، وحتشبسوت، وميريت آمون زوجة الملك أمنحتب الأول، وأحمس - نفرتاري زوجة الملك أحمس.
ويقع المتحف القومي للحضارة المصرية بالقرب من حصن بابليون، في قلب مدينة الفسطاط التاريخية، بحيّ مصر القديمة في القاهرة.
تاريخ المومياوات
المومياء عبارة عن جسد أو جثة محفوظة بهدف حمايتها من التحلل. منذ قرون عدة، قبل الميلاد، حنّط المصريون القدماء جثامين موتاهم وجعلوها مومياوات. لم يكتفِ القدماء بتحنيط الملوك والعظماء، بل حنطوا أيضاً الأولاد والنساء والعبيد، وتجاوزوا ذلك إلى تحنيط الحيوانات. كانت عملية التحنيط تبدأ بنزع جميع أحشاء الجثة، والعمل على الحفاظ على شكلها العام الخارجي. وتتم عملية الحفظ إما بالتجفيف التام، أو التبريد الشديد، أو سحب الأوكسجين أو استخدام المواد الكيميائية. وفي النهاية، تُلفّ الأجساد المحنطة في لفائف من قماش الكتان المغموس في الراتنجات. وقد وجد العلماء أنّ المحنِّط كان يستخرج المخ من فتحة الأنف، ويفرغ الأحشاء عبر فتحات من البطن والصدر، ثم ينقع الجسم المفرّغ بالملح، ليجفف. وكان الجلد الجاف يعالج بخليط من الزيوت والأصماغ.
كانت عملية التحنيط ترتبط بعقيدة البعث، إذ إنّها طريقة المصريين القدماء لبقاء الأرواح في بيوت دائمة. عثرت الفرق البحثية طوال القرنين الماضيين على بعض المومياوات، وكانت تلف بعشرات الأمتار من قماش الكتان لتصنع منها ملابس الميت في حياته الأخرى الأبدية.
وكانت المومياوات تُدفن في رمال الصحراء الجافة لامتصاص السوائل من الجسم وتجفيفه لحفظ الجلد والأظفار والشعر، بعيداً عن رطوبة ضفتي النيل حيث الزراعة والريّ. منذ القرن الخامس عشر الميلادي، هرّب تجار الآثار آلاف المومياوات إلى أوروبا، وفي ظلّ كثرة الأساطير عن قدرات المومياوات العلاجية والسحرية، ضاعت تلك الأجساد ودمرت. ويقال إنّ آلافاً من القطط المحنطة قد أرسلت من مصر إلى إنكلترا لمعالجتها واستخدامها في الأسمدة.
يذكر أنّ جميع حضارات العالم القديم عرفت تحنيط الجثث، وأقدم مومياء في العالم وجدت في تشيلي بأميركا الجنوبية، وعمرها نحو 10 آلاف عام، بينما يبلغ عمر أقدم مومياء فرعونية نحو 4500 عام.
المتحف الجديد
المتحف القومي للحضارة المصرية، واحد من أهم وأكبر متاحف الآثار في العالم، تبلغ مساحته 33.5 فداناً، ويطل موقع المتحف على بحيرة طبيعية (عين الصيرة). وقد وضع الحجر الأساس في عام 2002 ليحكي، وفق تقنيات حديثة، مراحل تطور الحضارة منذ أقدم العصور حتى العصر الحديث، عبر أكثر من 50 ألف قطعة أثرية. بالإضافة إلى سبعة معارض أهمها معرض المومياوات، ومعارض أخرى تتناول موضوعات: الحضارة، والنيل، والكتابة، والدولة والمجتمع، والثقافة، والمعتقدات والأفكار، فضلاً عن معرض خاص بتطور مدينة القاهرة الحديثة، ومساحات للمعارض المؤقتة. ويضم المتحف إلى جانب ذلك، مباني خدمية، وتجارية، وترفيهية.
ومن المنتظر أن تستغرق عملية فكّ المومياوات وترميمها داخل مقرها الجديد نحو شهر، وبعدها ستكون متاحة للعرض الجماهيري، إلى جانب ثاني أقدم هيكل عظمي في مصر سيُعرَض داخل القاعة الرئيسية بالمتحف، ويصل عمره إلى 35 ألف عام. وتعود جميع المومياوات الملكية المنقولة إلى متحف الحضارة، إلى عصر الدولة الحديثة، وهي حقبة بُنيت فيها المقابر تحت الأرض مع مداخل خفية لتضليل سارقي القبور، وهي تختلف عن المقابر الهرمية التي كان يدفن فيها ملوك الدولة القديمة. ووفقاً للمسؤولين التنفيذيين في المتحف، فإنّ عرض التوابيت والمومياوات الملكية، والدخول إلى قاعة العرض، سيكون شبيهاً بالدخول إلى مقبرة توت عنخ آمون