استمع إلى الملخص
- **توثيق الحياة اليومية والطبيعة:** اهتم سلوادي بتوثيق الحياة اليومية والطبيعة الفلسطينية، مثل تصوير السيدات بالثوب المطرز والزهور، لمواجهة محاولات الاحتلال لتزوير الذاكرة الفلسطينية.
- **التحديات والمشاريع المستقبلية:** رغم التحديات المالية، يواصل سلوادي مشروع "التوثيق البصري للتراث الفلسطيني"، مؤكداً على أهمية الصورة في مواجهة الاستعمار وتقديم الرواية الفلسطينية للعالم.
تابع المصور الفلسطيني أسامة سلوادي (رام الله، 1973) بعدسته الانتفاضة الفلسطينية الأولى والانتفاضة الفلسطينية الثانية. وتنقل بين العديد من الوكالات الصحافية المحلية والعالمية. انطلق من سلواد، القرية الريفية الوادعة، ليلتقط ويوثق الأحداث الفلسطينية المفصلية، ثم عاد إليها ليوثق الطبيعة الفلسطينية وتفاصيل الحياة اليوميّة. عُرف بكثير من صوره التي التقطها في الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000 - 2005)، موثّقاً مقاومة الشعب الفلسطيني لآلة الاحتلال الإسرائيلي.
قبلها، وبعدها أيضاً، اهتمّ أسامة سلوادي بتوثيق مفردات الحياة اليومية الفلسطينية؛ إذ مضى في تصوير السيدات وهنّ يرتدين الثوب المطرّز الشهير، كما انشغل بالتقاط لحظات من الطبيعة في بلاده المحتلة، مثل الزهور والأشجار والطيور... كلّها كائنات حاول الاحتلال، ولا يزال، أن يسطو عليها وينسبها إلى نفسه، بهدف الاستيلاء على ذاكرة أصحاب الأرض الشرعيين، وتزويرها وانتحالها.
ينشغل أسامة سلوادي منذ عام 2006، بتعزيز مشروعه في التقاط كل هذه المفردات التي تنتمي إلى أبناء شعبه، رغم إصابته برصاصة أطلقها عليه أحد جنود جيش الاحتلال، أدّت إلى إجلاسه على كرسي متحرّك. لكنه لم يستسلم لذلك، بل ما زال مهموماً بالطبيعة الفلسطينية وجمالياتها، مُنشغلاً بتوثيقها من خلال مشاريع عدّة، على رأسها عدد من الكتب التي أصدرها وتضم توثيقاً لكل ما التقطه على مدار تجربته الطويلة.
"عندما تكون مصوراً صحافياً عليك أن توازن بين المسؤولية الوطنية كونك صاحب قضية وبين المسؤولية الأخلاقية والمهنية في نقل الحدث، خاصة في ظل احتلال يلاحق الناس على الكلمة والصورة واللفتة، ثم عليك الاهتمام لاحقاً بالناحية الجمالية والتوثيقية"، يقول أسامة سلوادي في مقابلة أجرتها معه "العربي الجديد"، يتحدّث فيها عن تجربته ومشاريعه الماضية والمقبلة، وأهمية أن يكون الإنسان مصوّراً فوتوغرافياً في بلد مثل فلسطين المحتلة
لنعدْ قليلاً إلى الماضي. حدثنا عن البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأت فيها. وكيف تُؤثر تلك البيئة اليوم على أعمالك الفنية وخياراتك الشخصية؟
نشأتُ في بيئةٍ ريفية، لعائلة تعمل في الزراعة. كان ترتيبي بين إخوتي وأخواتي العاشر. كل العائلة تعمل في الفلاحة، كنا نفلح أرضنا طوال العام، في مواسم مختلفة؛ موسم زراعة الحبوب وموسم الخضراوات البعلية، وموسم قطاف التين، وموسم قطاف الزيتون. عشت طفولتي في قريتي سلواد التي تتوزع بيوتها على قمم تلال شرق رام الله، أعلاها قمة تل العاصور، وهو واحد من أعلى جبال فلسطين، إذ يرتفع أكثر من ألف متر فوق سطح البحر. سلواد التي نشأت فيها ذات طبيعة خلابة، تكثر فيها أشجار الزيتون والتين وأشجار اللوزيات، وتتنوّع فيها الزهور البرية.
كنت في طفولتي المبكرة مثل عصفور الدوري أو مثل غزال الجبل الفلسطيني، أقضي أغلب أوقات يومي في الجبال. أتسلق الأشجار والصخور وألاعب العصافير. تعرفت على مكونات الطبيعة وأسماء الزهور البريّة، وتعرفت على تقلبات الطقس من ملمس ومذاق الرياح. أنا مثل أي طفل من أطفال الشعوب الأصلانية الذين يكتسبون معرفة فطرية من خلال ممارسات الحياة اليومية والاحتكاك بالطبيعة.
هذه الطفولة الزاخرة بالجمال راكمت داخلي مخزوناً كبيراً من الجمال المتعلق بالطبيعة، دفعتني وأنا في سن المراهقة إلى البحث عن طريقة لتوثيقها بشكل ما، وقد اهتديت إلى الكاميرا باعتبارها أفضل وسيلة في ذلك الوقت لتوثيق وحفظ هذا الجمال، فالحفاظ على مظاهر جمال البلاد وتوثيقه معركة أخرى للشعب الفلسطيني، إذ يعمل المحتل بتسارع على تغيير طبيعة البلاد وهويتها من خلال تغيير الغطاء النباتي، وشكل العمارة والمشهد الذي بدأ يزدحم بالمستوطنات والأبراج العسكرية والجدران العازلة التي تحجب المشهد الطبيعي. وهي معركتي الشخصية أيضاً، حيث نحارب بشاعة الاحتلال من خلال توثيق مظاهر الجمال والطبيعة والحياة الأصلانية لشعبٍ أصيل.
كيف ومتى حدث لقاؤك الأول مع الصورة الفوتوغرافية؟ ولماذا قررت أن تصبح مصوّراً فوتوغرافياً؟ وماذا يعني أن تكون مصوّراً في عصرنا هذا؟
ربما كان لقائي الأول مع الصورة عندما كنت العاشرة من عمري. التُقطت لي صورة في زيارة لبيت أختي المتزوجة حديثاً. كما ذكرتُ سابقاً، انبهاري بالطبيعة وشغفي في توثيقها هو ما دفعني إلى العمل مصوّراً فوتوغرافيّاً، لكن اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987 - 1995) أخذني من عالم الطبيعة والجمال إلى العمل في التصوير الإخباري. كان الانتقال من الطبيعة إلى السياسة شبه إجباري في ظل قلة المصورين المحليين، وحاجة الصحافة العالمية إلى مصورين من أبناء البلد لتغطية الأحداث، فبدأت العمل مصوّراً صحافياً في بداية التسعينيات وكنت وقتها لم أبلغ العشرين من عمري. والآن، حيث الصورة هي لغة العصر وأهم أدوات الإعلام الحديث، فقد أصبح العمل في التصوير تحدياً كبيراً، خاصة مع هذا السيل الجارف من الصور الذي يجتاح العالم، ولم تعد الناس تفرق الغث من السمين، لكن لا يبقى في الوادي إلا حجارته، سينتصر الجمال على القبح، وعلى التزوير.
هل ثمة صورة شعرتَ بأن الرعبَ فيها لا مُتناه ولا يحتمل، وأن حياتكَ قبلها ليست كحياتكَ بعدها؟
كثيرةٌ هي الصور التي تركت أثراً عميقاً في نفسي ولم تغادرني حتى الآن، خاصةً تلك الصور التي التقطها خلال انتفاضة الأقصى (2000 - 2005) التي كانت حرباًُ شنها الاحتلال واستخدم فيها الطيران والدبابات لمواجهة شعب أعزل. بقيت مشاهد أشلاء الأطفال الذين قتلوا في قصف البيوت أو السيارات أو خلال المواجهات بالحجارة لا تغادر مخيلتي.
عملت مصوّراً حربيّاً في عدة وكالات، وكُنتَ قد وثقّتَ الانتفاضة الأولى وإنشاء السلطة الفلسطينية والانتفاضة الثانية والعديد من الأحداث السياسية المهمة في فلسطين. حدثنا أكثر عن أهم هذه التجارب وكيف تنظر إليها اليوم؟
دفعتني أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى إلى التحول من ملاحقة الفراشات والطيور ومظاهر الجمال في الطبيعة لتصويرها، إلى الركض وراء الأخبار وجنود الاحتلال لتصوير أحداث الانتفاضة. انتقلت من البحث عن صور جميلة في أجواء هادئة، إلى الصخب والخوف والبحث عن المتاعب واستنشاق الغاز المسيل للدموع ومواجهة الموت في كل مهمة عمل في الميدان، ثم جاءت اتفاقية أوسلو ومشروع السلام الذي بث بعض الأمل في بدايته، ولكن سرعان ما تلاشى هذ الأمل وظهرت الحقيقة. كانت خدعة عمد إليها الاحتلال، وما هي إلا سنوات قليلة، حتى اندلعت انتفاضة الأقصى، وتحولت بسرعة كبيرة إلى اشتباك حربي استعمل فيه الاحتلال كل المعدات لمواجهة تظاهرات داخل المدن، أو لمواجهة بعض الشبان المسلحين بالبنادق. طائرات حربية ودبابات وقصف بالمدفعية داخل المدن. كانت أياماً صعبة، حسبناها أصعب ما يحدث، حتى رأينا ما يحدث في غزة اليوم من دمارٍ وقتلٍ وتشريد وتطهيرٍ عرقيّ.
حسب سوزان سونتاغ: من دون السياسة من المحتمل أن تكون صور المذابح في التاريخ، ببساطة، غير واقعية أو ضربة عاطفية مثبطة. وهي تربط التأثير المعنوي للصورة بمستوى الوعي السياسي للإنسان. كيف يمكن أن نترجم هذه الفكرة في السياق الفلسطيني اليوم؟
فكرة سونتاغ حول العلاقة بين الصورة والسياسة تحمل دلالات بالغة الأهمية خاصة في السياق الفلسطيني، ويمكن تلخيصها بأن الصورة وحدها لا تكفي لإحداث تغيير حقيقي، بل يجب أن تكون مصحوبة بفهم ووعي وعمل سياسي حقيقي لشرح القضية وأبعادها التاريخية والسياسية، إذ لا شك أن صور المذابح تثير مشاعر عميقة من الحزن والغضب والتعاطف في قلوب كثيرين حول العالم، ولكن هذا التأثير العاطفي سرعان ما يتلاشى مع تزاحم الأحداث والأخبار والصور، والتأثير العاطفي وحده ليس كافياً لتحريك الرأي العام العالميّ والشعوب لدفع حكوماتها نحو اتخاذ إجراءات ملموسة لإنهاء المعاناة الفلسطينية.
ولكي تكون الصور مؤثرة حقاً، يجب أن تكون مصحوبة بشرح وتوضيح لسياقها التاريخي، والعمل السياسي يترجم إلى فعل يقود إلى التغيير، كما يمكن أن يساهم تحليل الصور نقدياً، وتفكيك الدلالات التي تحملها، والكشف عن الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية التي تكمن وراءها في خلق فهم عالمي حول ما يحدث في فلسطين وأهمية إنهاء الاحتلال، فالصورة الآن سلاح، وسلاح مهم جداً يمكن توظيفه عالمياً لتغيير الصورة النمطية حول تبرير الاحتلال وتقديم سرديتنا الخاصة في مواجهة سردية الاستعمار التي برّر من خلالها استعمار فلسطين وغيرها من دول العالم.
منذ سنوات وأنت تعمل على توثيق الحياة اليومية الفلسطينية، مثل الملابس والطعام والنباتات، ولكَ ما يزيد عن 11 كتاباً عن هذه المواضيع. كيف حدث هذا الانقلاب في موضوع التصوير؟
في الواقع، لم أتخلّ يوماً عن الاهتمام بتوثيق الحياة اليومية، وخاصة مظاهر الحياة الأصلانية للشعب الفلسطيني، التي توارثناها عن الآباء والأجداد جيلاً بعد جيل. صحيح أن عالم التغطية الإخبارية أخذني لبعض الوقت عن طريقي الذي بدأت فيه العمل في التصوير، لكن في عام 2006، جاءت إصابتي بالرصاصة التي غيرت حياتي، وكادت أن تنهيها، إذ أصبت برصاصة أدخلتني في غيبوبة وكنت أقرب إلى الموت، ولكن عدت مجدداً بروح جديدة وجسد جديد.
من على كرسي متحرك، عدت إلى البدايات، من نقطة الانطلاق في المضمار، عدت إلى توثيق الطبيعة والزهور والزي التقليدي والطيور. ربما جاءت هذه الإصابة في الوقت الحرج الذي كثف فيه الاحتلال من هجمته على الثقافة الفلسطينية، إذ لم يكتف بمحاربة هذه الثقافة من خلال المحو، بل أيضاً من خلال اقتلاع أشجار الزيتون والعبث بالغطاء النباتي، فقد بدأ خلال العقود الثلاثة الأخيرة بانتحال مكونات الثقافة الفلسطينية، وأخذ ينتحل المطبخ الفلسطيني والشامي والزي ويغير أسماء الزهور والطيور والحيوانات البرية ليضفي عليها طابعاً توراتياً وطابعاً احتلالياً، مثل ما فعل بالأرض. ولقد كرست حياتي المهنية بعد الإصابة لمشروع كبير هو "مشروع التوثيق البصري للتراث الفلسطيني".
عندما تبدأ بالتخطيط لمشروع فوتوغرافي، كيف تفكر في اللقطة من ناحية الضوء والتركيب والهندسة والألوان؟ هل تعتقد بوجود معايير يجب أن تطبق على جميع الصور الفوتوغرافية؟
عندما تخطر لي فكرة أي مشروع فوتوغرافي، ألتقط فوراً بعض الصور للمشروع، ثم يدور نقاش حول المحتوى الذي صوّرته، ثم نقاش مع بعض الأصدقاء، ثم أطرح بعض الصور على مواقع التواصل الاجتماعي من دون إعلانٍ عن المشروع لأقيس ردود الفعل حولها، ثم أقدم شرحاً بسيطاً حول الفكرة، حتى أرى ردود الأفعال وآخذ ببعض الملاحظات، ثم يبدأ العمل الفعلي. مع الوقت، يتبلور المشروع، قد يأخذ سنوات من التجريب ودراسة الضوء والكادر واللون.
المعيار الأول لكل فكرة ومشروع فوتوغرافي هو المسؤولية الأخلاقية والوطنية التي تدفعني إلى العمل على هذا المشروع، ثم معيار الجمال والإتقان الفني، عليك أن تتقن اللقطة من ناحية فنية وتقنية، وعندما تعرف كيف توظف القوانين الفنية يمكنك لاحقاً خرقها والتعديل عليها للحصول على نتيجة أفضل.
كيف توازن بين الحالة التوثيقية والحالة الجمالية؟ وفي سياق آخر، خلال المعركة أو تحت القصف، كيف يمكن للمصوّر أن يحافظ على هذا التوازن أو يفكر فيه؟
في الواقع، عندما تكون مصوراً صحافياً عليك أن توازن بين المسؤولية الوطنية كونك صاحب قضية وبين المسؤولية الأخلاقية والمهنية في نقل الحدث، خاصة في ظل احتلال يلاحق الناس على الكلمة والصورة واللفتة، ثم عليك الاهتمام لاحقاً بالناحية الجمالية والتوثيقية. لكن في العمل التوثيقي والمشاريع الفوتوغرافية الكبرى التي تحتاج إلى تخطيط للصورة، لا يمكن فيها التنازل عن الناحية الجمالية، وهي في كل الأحوال تخدم المهنية والوطنية.
هل الصورة الفوتوغرافية أداة للذاكرة أو اختراع لها أو استبدال؟ ما تعريفك لها؟
هذا سؤال كبير وملتبس بعض الشيء وله أبعاد متعددة، فالصورة من خلال تسجيل وتوثيق الأحداث وقدرتها على بناء السرديات هي أداة لحفظ الذاكرة، وهي أيضاً تخترع الذاكرة أو توسعها عندما تخلق ذكريات جديدة، ولكن في عصر سهولة التزوير على الصور قد تكون أداة لاستبدال الذاكرة. وفي كل الأحوال، الصورة الفوتوغرافية هي أهم وعاء لحفظ الذاكرة.
في سياق حرب الإبادة اليوم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ماذا يعني أن توجد في المكان المناسب وفي الوقت المناسب لالتقاط صورة؟ ومتى لا تؤدي الصور إلى تحريك الضمير والتحريض على التعاطف بل إلى إفسادهما؟
في حرب الإبادة التي تقع الآن على شعبنا في قطاع غزة، كل مواطن بطل وضحية، وكل مصور بطل وضحية في نفس الوقت. لا يختار الإنسان موقعه في هذه الحرب، بل الظروف والأحداث هي التي فرضته. على المصور أن يكون على قدرٍ من المسؤولية، أن يكون إلى جانب الإنسانية، كل صورة وثيقة وكل صورة قد تصبح دليلاً للمحاسبة مستقبلاً.
من هنا، تنبع أهمية وجود كل مصور في هذه الحرب، ولهذا يقتل الاحتلال الصحافيين عمداً حتى يحارب هذه العيون التي تشهد على الأحداث وتوثقها وتسجل التاريخ. هذه الصورة ستصبح يوماً ما أداة لإنهاء الاستعمار وعدم إفلات الجناة من المحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها. قد تكون الرأسمالية حولت المواطن في كل مكان إلى مستهلك في عالم الصورة، وحولت الضحية إلى سلعة تتناقلها الفضائيات ووسائل الإعلام لتعبئة ساعات البث الطويلة، وهذا يحولها إلى شيء اعتيادي لا يحرّك الضمير، لكن تبقى الصور سجلات تاريخية للزمن وللمحاسبة.
ما الفرق بين المصوّر الهاوي والمصوّر المُحترف؟
قد تستغرب قولي إن المصورين الهواة أهم بكثير من المحترفين إذا حضروا في زمن اللقطة الصحيح، وإذا كان لديهم الوعي والمعرفة بأهمية الصورة والحدث. أما المحترف، إذا لم يكن يملك القدرة على التجدد والانبعاث من جديد، فستصبح صوره منمطة وخالية من الروح، وتصبح مجرد عمل تقني من أجل المعيش، وهذا ما يقتل كل حرفة. عليك أن تكون محترفاً بروح الهواة حتى تتجدد وتنبعث من رماد المهنة البارد.
متى تسطو الصورة على الزمن؟ وكيف تتحول الصورة إلى أيقونة؟
نحن نعيش الآن فعلاً في زمن هيمنة الصورة على الحدث، إذ إن التقاط الصورة الحدثَ أهم من الحدث نفسه، وهذا ما يفعله الناس على مواقع التواصل الاجتماعي. يذهبون في رحلات، ليس من أجل المتعة، بل من أجل التقاط الصور، ويذهبون إلى المطاعم أو الحفلات ليثبتوا ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحملون الكتب ليعرف الناس أنهم مثقفون. لقد ساهمت الصورة في تعميق مجتمع الاستعراض حسب غي ديبور. وعندما تحصل الصورة على أعلى نسب مشاهدات أو ما يسمى الانتشار الفيروسي تصبح أيقونة.
ما الدور الذي تلعبه الصورة الفوتوغرافية في ذاكرة الاجيال القادمة، وكيف تكون سلاحاً في يدنا نواجه به الاستعمار؟
الصورة وعاءٌ للذاكرة وهي قادرة على إعادة إنتاج الماضي بعيون الحاضر، هذا يجعلها تلعب دوراً حاسماً في تكوين الذاكرة الجمعية عند الأجيال الجديدة. والصورة أيضاً قادرة على تقديم رواية متجددة حول الماضي الاستعماري لتناهض روايته التي غيبت رواية الشعب الفلسطيني.
إذا افترضنا أنك حصلت على تمويلٍ مفتوح وحرية تامة، ما المشروع الذي ستنفذه؟
في الحقيقة، أنا أعاني من شح كبير في التمويل لتغطية مشاريعي التوثيقية والبحثية، ولتطوير المعدات التي أصبحت متهالكة، وطباعة كتبي التي أنتجها. أخذت على عاتقي مشروعاً يحتاج إمكانات دولة لتنفيذه، ولكن وجدت نفسي في خضم معركة أخلاقية يجب أن أكملها حتى النهاية. وهذا ما وضعني في مأزق مالي كبير.