المصمم زهير مراد... حلم العودة إلى الحياة

26 يوليو 2021
حملت ألوان المجموعة معاني الأمل (Getty)
+ الخط -

قدم المصمم اللبناني العالمي زهير مراد مجموعة خريف وشتاء 2021/ 2022 ليشكّل تلك العودة المنتظرة إلى الحياة الطبيعية، وبشكل خاص حياته كمصمم يقدّم عروضه بحضور المشاهير وعشاق أعماله ووسائل الإعلام التي تترقب كلّ جديد له. في حديثه مع "العربي الجديد" لا ينكر أنّه كان يحبّذ فكرة إقامة العروض الافتراضية في ظلّ الجائحة، إذ يمكن أن يطاول بذلك شريحة كبرى من الناس، إلّا أنّ الشعور الذي يولّده العرض الحضوري يبقى غائباً في العرض الافتراضي، ما يبرر لهفته إليه وترقبه لهذه اللحظة طوال الفترة الماضية.

بأسلوبه المعهود المفعم بالأحاسيس والذي يشكل الفن حجر أساس فيه، وانطلاقاً من مرحلة انتشار وباء كورونا، استوحى مراد من مهرجان البندقية في مجموعته لينطلق منها إلى نطاق أوسع مستوحياً من التفاصيل الهندسية للمدينة الساحرة، من الزخارف فيها ومن تاريخها العريق، من زجاجيتها وأيضاً من الرقيّ الذي لطالما ميّز أهلها عبر التاريخ ومن جاذبية نسائها وأناقتهن. لذلك، أتت المجموعة على قدر التوقعات بما يمكن لأنامل مراد أن تقدّمه بحرفية عالية.

حملت ألوان المجموعة أيضاً معاني الأمل في هذه العودة إلى الحياة الذي أراده المصمم حاضراً في العرض الذي شكل تحدياً له في مواجهة الصعاب. لذلك كان اللون الأبيض في المجموعة رمزاً للأمل، أما الأسود، اللون الأحب على قلبه، فيبقى موجوداً في مختلف مجموعاته، خصوصاً أنّه في هذه المجموعة المستوحاة من أجواء مهرجان البندقية، يعتبر الأسود من الألوان الأساسية التي تعكس أجواء المدينة. فيما حضر الذهبي أيضاً من وحي الزخارف في قصور المدينة الإيطالية وكنائسها. أما الألوان الباقية كالأخضر، فهو من وحي تلك الألوان المستوحاة من الزجاجيات التي تشتهر بها المدينة. 

يقول مراد لـ "العربي الجديد": "في هذه المجموعة التي قدمتها وفي كلّ مجموعة لي، ثمة ثوابت لا يمكن أن أتخلى عنها أبداً. فالهوت كوتور، فن قائم بذاته، وأيّاً كانت الظروف لا يمكن أن يتأثر بها لناحية الأسس التي يقوم عليها. وضعت في المجموعة كلّ عناصر الإبهار والتقنيات الحرفية في التطريز والزخرفة ومصادر الإلهام والتفاصيل كافة التي لطالما عُرفت بها. أما البساطة فلا مكان لها في تصاميم الهوت كوتور، التي تقوم على عنصر الإبهار بشكل أساسي".

تمسّك مراد بالعناصر كافة التي تقوم عليها تصاميم الـ"هوت كوتور" حرصاً منه على سماتها، وفي الوقت نفسه شهد لهفةً واضحة لدى المرأة إلى العودة إلى حياة ما قبل الجائحة وإلى الحفلات والمناسبات بكلّ ما فيها من أناقة وإبهار. وكأنّ الكلّ تماشى العام الماضي مع ما فرضته الظروف، لكن سرعان ما تبين توق الكلّ إلى استعادة ما حرمتنا منه الجائحة، وبدا الشوق إلى الخياطة الراقية والأناقة والإبهار واضحاً في حفلات الزفاف وفي مختلف المناسبات الكبرى حول العالم. وشكل مهرجان "كانّ" انطلاقة جديدة للمناسبات المماثلة الكثيرة التي أقيمت، لأنّ الكلّ يرغب بنسيان المرحلة الصعبة التي مرّ بها العالم والاستمتاع باللحظات التي ازداد الشوق إليها، بأفضل ما يكون رغبة بالعودة إلى الحياة الطبيعية. والتحضيرات جارية حالياً وتتكثف الجهود لمهرجان "يونيسف" في كابري الإيطالية ولمهرجان "البندقية" الإيطالي في سبتمبر/ أيلول المقبل.

لا مكان لليأس في حياة المصمم زهير مراد الذي يتوق بشكل خاص إلى السلام. فعلى الرغم من الضربات المتتالية مع جائحة كورونا ثم انفجار مرفأ بيروت، الذي شكل ضربة قاسية له قضت على مشاريعه وجهوده وأحلامه وهو في أوج عطاءاته، سرعان ما عاد ونهض مجدداً رافضاً الاستسلام. فيشهد كلّ من يعرفه على تميّزه بالإيجابية وبالعزم الدائم على تخطي الصعوبات والتعقيدات في الحياة، رغبة منه في الاستفادة من كلّ لحظة من حياته وتقديرها. فبعد أيام قليلة من الانفجار الذي دمّر المبنى الذي يضم محترفه ومكاتبه كاملاً، عاد وجمع فريق عمله بعزم على الاستمرار والنهوض من جديد.

 

 

 

دلالات
المساهمون