مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر "المؤثرون" (influencers)، وهم مجموعة أشخاص لديهم عدد إعجابات عالٍ على مواقع التواصل، وينشرون محتوى ما، على اختلافه، ويساهمون بخلق رأي عام حول قضية أو منتوج وغيرها. والمؤثرون هم أشخاص ذوو شعبية ولديهم القدرة على التأثير في ما يشتريه الآخرون ويفكرون ويشعرون به، ما يكون عادةً مقابل مبالغ ماليّة. لكنّ المؤثرين الذين باتوا الطريقة الجديدة للإعلانات يتعرضون للاستغلال، ما يجعلهم يتجهون نحو النقابات لحماية أنفسهم. صناعة المؤثرين، التي تقدر قيمتها بنحو 19.6 مليار دولار في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2022، يمكنها بالفعل استغلال العمال، وكثير منهم من الشبّان والشابات. في عام 2018، كشف مراسل التكنولوجيا الأميركي، تايلور لورينزو، أن وكالة إدارة المواهب Speakr مدينة للمؤثرين بالآلاف من الرسوم غير المدفوعة.
ونشر المؤثرون الذين قابلهم لورينزو حملات إعلانية نظمتها الشركة وتضم عملاء بحجم "ديزني" و"سوني" و"فورد" و"مايكروسوفت"، لكن فواتيرهم ظلت غير مدفوعة لأشهر. وقام أحد المؤثرين البالغ من العمر 22 عاماً، الذي كان يدين بمبلغ 4000 دولار للشركة برفع دعوى ضدها وكسبها. ومثل هذه الحوادث ألهمت المؤثرين ودفعتهم للتحرك، حسب ما تشرح صحيفة "ذا غارديان" البريطانية. فقد كسبت إيمي هارت 1.2 مليون متابع على "إنستغرام" و99 ألف متابع على "تويتر" من خلال الظهور في برنامج لتلفزيون الواقع عام 2019، وأصبحت الآن مؤثرة تخبر المعجبين بمكان شراء الملابس والمكياج وحتى أسنانها. لكن في 12 مايو/أيار من هذا العام، أثرت هارت على متابعيها في اتجاه مختلف تماماً: طلبت منهم الانضمام إلى نقابة.
وقالت الشابة البالغة من العمر 28 عاماً في مقطع فيديو مدته ربع دقيقة على "تويتر": "نحن في وقت لا شيء فيه مضموناً حقاً عندما يتعلق الأمر بالعمل وحقوقك وتشريعاتك"، مضيفةً "إذا كان بإمكاني أن أعطيكم نصيحة واحدة: انضموا إلى نقابة. لقد كانت منقذتي عندما كنت أعمل في شركة كبيرة". انتشر الفيديو بسرعة، حيث حصد أكثر من ألفي إعادة تغريد و10 آلاف إعجاب. وضرب مقطع الفيديو الخاص بها على وتر حساس لدى الشباب، الذين ابتكروا "ميمز" داعمة لكارل ماركس. وتقول هارت إن Unite، وهي ثاني أكبر نقابة عمالية في المملكة المتحدة وتم تشكيلها في عام 2007، كانت لا تقدر بثمن بالنسبة لها بعد انضمامها في عام 2011.
صناعة المؤثرين تقدر قيمتها بنحو 19.6 مليار دولار في العالم بحلول عام 2022
تشرح "النجمة" أن النقابة أعطتها القوة لمواجهة الرؤساء الذين يريدون "جعلك تفعل أشياء ليس من المفترض أن تفعلها". وتعتقد هارت أن النقابات أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى. وهي تتأسف لأن وظيفتها، بصفتها مؤثرة، صغيرة جداً على تكوين نقابات. لكن لم يعد هذا صحيحاً تماماً. في نهاية شهر يونيو/حزيران، تعاونت مدوّنة الموضة، نيكول أوكران (32 عاماً)، والخبيرة المؤثرة، كات مولسوورث (40 عاماً)، لإطلاق The Creator Union، أو TCU اختصاراً، وهي أول نقابة في المملكة المتحدة لمنشئي المحتوى الرقمي. وفي نفس الشهر، تم إطلاق مجموعة تجارية صناعية تسمى مجلس المؤثرين الأميركي في الولايات المتحدة. وأثناء وجوده في ألمانيا، سعى نجم "يوتيوب"، يورغ سبريف، الذي يمتلك أكثر من 2.6 مليون مشترك، من أجل الاعتراف به من قبل عملاق التكنولوجيا. واليوم، يواجه المؤثرون مشاكل من جانبين على الأقل: من جانب شركات تستغلهم، ومن جانب رأي عام لا يعتبر ما يمارسونه من تأثير، وظيفةً حقيقية، وتنعقد آمالهم الآن على الاتحاد في نقابات من أجل حمايتهم.