- يسخر منهاج من مقال "ذا نيويوركر" ومن والديه، ويكرر نكات عن الأسر المهاجرة، محاولاً تقديم نفسه كصوت للمهاجرين المسلمين من أصول هندية، مع تجنب قضايا المسلمين في الهند.
- يتناول منهاج قضايا التمثيل الثقافي والسياسات الهوياتية في أميركا، ويسخر من الاستشراق الأبيض وتأثيره على العلاقات الزوجية والعلاج النفسي، مسلطاً الضوء على تحديات أبناء المهاجرين.
اختفى الكوميديان الأميركي حسن منهاج عن الأنظار لفترة، بعد أن نشرت "ذا نيويوركر" تحقيقاً عن "الحقائق العاطفية" التي يعيشها منهاج، وهي الكلمة الأكثر تهذيباً للقول إن منهاج يكذب حين يتحدث عن حياته الشخصيّة في نكاته، وإن أغلب النكات ما من أساس واقعي لها، بل هي من مخيلته.
ردّ منهاج على هذا التحقيق، وابتعد قليلاً ليظهر مرة في بودكاست مع بيرني ساندرز، وأخرى مع باراك أوباما. وها هو يعود على منصة نتفليكس بعرض كوميدي يحمل عنوان Off with His Head، يحاول فيه منهاج أن يكسر كل الخطوط الحمراء، مراهناً مرةً أخرى على كونه ينتمي إلى الفئة "السمراء" أو "البيج" في أميركا.
يقدم منهاج نفسه دوماً بوصفه ابن الجيل الثاني من المهاجرين؛ الأميركيين مختلطي الهويّة. وأضاف إلى عتاده الهوياتي موضوع الانتخابات الأميركيّة التي لا يمثله فيها أحد، إضافة إلى إحالات إلى حرب الإبادة على غزة وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، لكن من دون أن يسمّيها بوضوح، ملقياً نكات لا تزعج أحداً، تعكس موقفه من الدعم الأميركي للاحتلال الإسرائيليّ.
يسخر منهاج من مقالة "ذا نيويوركر"، ومن والديه وتزمتهما. ويعود إلى تكرار نكات الأسر ذات الأصول غير الأميركية، مشيراً إلى أنه ما زال يظن نفسه طفلاً، في حين أنه اقترب من عمر الـ40، مكرّراً النكات نفسها عن المهاجرين وعلاقتهم ببلدانهم الأصلية، تلك التي "ينسونها بمجرد حصولهم على الإقامة في الولايات المتحدة".
حاول حسن منهاج (وما زال يحاول) أن يقدم نفسه كالكوميديان الذي يمثل المهاجرين. لكن أي مهاجرين بدقة؟ صحيح أنه يشير إلى أن الفروقات بين "الآسيويين"، لكنه يتبنى الهوية الإسلاميّة، أي هو مهاجر مسلم من أصول هندية، وإن أردنا أن نكون لاذعين ومتحذلقين، منهاج لا يتحدث أبداً (على الأقل في هذا العرض) عما يتعرض له المسلمون في الهند نفسها، من قوانين تمييزية وقمع، بل نراه يميل نحو "إسلام الشرق الأوسط" بصورة ما.
يتحرّك حسن منهاج ضمن سياسات التمثيل والهويات الثقافية الرائجة في أميركا، ويبني عليها "حياته". وهنا بالضبط ما حاولت مقالة "ذا نيويوركر" قوله: منهاج يستغل "لونه" و"إسلامه" ليخلق حكايات عن نفسه، لا تهم صحتها، بل المهم قدرتها على التمثيل و"نجاته" من العنصرية التي يتعرض لها "السمر" الآخرون؛ نكات تكشف الاختلاف بين أسمر هندي وأسمر شرق أوسطي.
يسخر حسن منهاج في الوقت نفسه من الاستشراق الأبيض، وتدخله حتى بين الأزواج، متحدثاً عن جلسات العلاج النفسي للأزواج، وكيف تحولت إلى صيغة تجارية. تحول السمر ممن يحتاجون إلى مساعدة إلى "عينات أنثروبولوجيّة" لإرضاء المعالجين النفسيين. طبعاً، هنا الإشارة إلى مفهوم بدأ يأخذ بعين الاعتبار، وهو أن الأطباء النفسيين الذين يتعاملون مع "مشكلات البيض" قد لا يمتلكون الخبرة نفسها في "مشكلات السمر" و"الملونين".
ما سبق ينطبق على الناجين من الحروب والإبادات الجماعية، لكن من هذه الفرضية المحقة، يحوّل منهاج الموضوع إلى أمر حول الخصوصية في المنزل، ورغبة الأهل في التحكم بحياة أولادهم، التي عادة لا يطلب لها معالج "خاص". وهنا أيضاً يعود منهاج إلى سياسات الهويّة: أن تكون ابن مهاجر ومواطناً أميركياً، ليس كمن نجا من إبادة جماعيّة ويبحث عن العلاج.
نكتب عن طريقة منهاج، بعيداً عن تقييم حس الدعابة الخاصة به، لأن الكوميديا نفسها في الولايات المتحدة أصبحت شديدة الجدية وذات أثر سياسي، إلى حد أن رؤساء سابقين ومرشحين للرئاسية أصبحوا ضيوفاً على بودكاستات الكوميديّين الذين أيضاً أصبحوا جزءاً من الحملات السياسية الانتخابية، وإلا فلماذا قرّر ترامب أن يشارك مع "الكوميديان" جو روغان في بودكاست قبل موعد الانتخابات الأميركيّة بأقل من شهر؟