استمع إلى الملخص
- أمثلة على التحريض: تضمنت برامج القناة تصريحات تدعو للإبادة والقتل، مثل دعوة موشيه فايغلين لتدمير غزة وتصريح إيال غولان بمحوها، مع تشجيع الجمهور في الاستوديو.
- إعلام في خدمة نتنياهو: القناة 14 تحظى بدعم الدولة وتخدم مصالح نتنياهو، والتحريض يمتد إلى وسائل إعلام أخرى مثل قناة 13 وآي 24 نيوز.
إن كان مسؤولون كبار ووسائل إعلام ومعلقون ونخب ثقافية وفنانون إسرائيليون قد أطلقوا دعوات صريحة لتنفيذ حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد برز جلياً جداً دور القناة 14 اليمينية، الناطقة شبه الرسمية باسم حكومة بنيامين نتنياهو والبوق الذي يعبر عن الأحزاب المشاركة فيها، في تسويق هذه الدعوات وتكريسها ركيزةً أساسيةً من ركائز الخطاب الجماهيري العام لدولة الاحتلال أثناء العدوان على غزة. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في عددها الصادر الثلاثاء الماضي، أنّ القناة 14 أطلقت منذ بداية العدوان على قطاع غزة، عبر معلقيها وضيوفها، أكثر من خمسين دعوة صريحة لتنفيذ حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني. وبحسب الصحيفة التي استند تقريرها إلى تحقيق أجرته ثلاث مؤسسات حقوقية، سمحت القناة لمعلقيها وضيوفها بإطلاق أكثر من 140 دعوة لتنفيذ "جرائم حرب ضد الإنسانية".
أسس هذه القناة رجل الأعمال الروسي اليهودي ميخائيل ميريلاشفيلي عام 2020، علماً أنه هاجر إلى الأراضي المحتلة عام 2009. ووفقاً لصحيفة يسرائيل هيوم التي أجرت مقابلة مع ميريلاشفيلي في سبتمبر/أيلول من عام 2023، فإن علاقة وثيقة تربطه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن أن والده كان صديقاً مقرباً لقائد مليشيا فاغنر يفغيني بريغوجين الذي قتل، في أغسطس/ آب 2023، بحادث تحطّم طائرة ركّاب خاصّة على متنها عشرة أشخاص في منطقة تفير شمال غرب موسكو خلال رحلة داخلية.
القناة 14... "ماكينة دعاية لجرائم الحرب"
أشارت الصحيفة إلى أن منظمات زولات للمساواة وحقوق الإنسان وحركة التنظيم العادل للإعلام والكتلة الديمقراطية وثّقت في تحقيقها المشترك سماح القناة 14 لمعلقيها وضيوفها بإطلاق عشرات الدعوات لطرد الفلسطينيين بشكل جماعي من غزة، وتوظيف "سلاح التجويع آليةً من آليات الحرب"، فضلاً عن الدعوات العنصرية ضدّ الفلسطينيين في غزة والفلسطينيين بشكل عام. ولفتت الصحيفة إلى أن المنظمات الحقوقية الثلاث وجّهت، الثلاثاء، رسالة إلى المستشارة القانونية للحكومة جالي ميارا وإلى "دائرة الشكاوى" في سلطة البث الإذاعي والتلفزيوني، جاء فيها أن القناة 14 باتت "ماكينة دعاية لتنفيذ جرائم حرب" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية. وأورد تحقيق المنظمات الحقوقية الثلاث مجموعة من العبارات والتعليقات التي صدرت عن مراسلي ومذيعي وضيوف القناة، التي تمثل دعوات لتنفيذ حرب الإبادة وجرائم الحرب ضد الإنسانية خلال الحرب.
دعوات للإبادة والقتل مباشرةً على الشاشة
خلال مشاركته في برنامج "الوطنيون" الذي تقدمه القناة، قال نائب رئيس الكنيست السابق موشيه فايغلين: "إن لم يكن هدف الحرب تدمير غزة واحتلالها وطرد سكانها، وإعادة المستوطنات إليها، فنحن لم نفعل شيئا". كما عرضت القناة، حسب التحقيق، رسالة مصورة للمطرب الشهير إيال غولان، دعا فيها إلى "محو غزة بشكل كامل، وعدم السماح بترك إنسان واحد هناك". فيما قال الداعية اليميني إلياهو يوسيان خلال أحد البرامج: "حماس ليست العدو، بل غزة، هذا العدو ليس حركة فتح، بل العرب الذين يقطنون الضفة الغربية، عندما نقول سكان، فإنه لا يوجد في غزة سكان، بل هناك 2.5 مليون إرهابي، ولا يوجد في غزة أبرياء...علينا أن نقتل في الساعات العشرة الأولى من الحرب 50 ألف غزّي".
أما مقدم البرامج في القناة يعكوف بردوغو، الذي عمل مستشاراً لوزير الخارجية السابق ديفيد ليفي، فقد قال: "علينا أن نقصف من دون تمييز، نحن نميز وهذا أمر سيئ، يمكن لسلاح الجو أن يقصف بوتيرة من دون أن يميز بين المتورطين وغير المتورطين". بينما قال المعلق إلداد ينيف، الذي كان مستشاراً استراتيجياً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء السابق إيهود باراك: "عندما نرى مدنيين علينا أن نطلق النار عليهم...لا يوجد مدنيون في غزة".
من ناحيته، قال المعلق إيتمار فليشمان في إحدى حلقات برنامج "الوطنيون": "سيتحقق الانتصار بشرط واحد وهو أن يعمد اليهود إلى إبادة هذه السوائب المعادية للسامية بشكل كامل، علينا ألا نخشى من مصطلحات مثل كارثة إنسانية، ببساطة علينا أن نتسبب في ذلك". وفي مناسبة أخرى، قال فليشمان: "الحل الأكثر إنسانية هو تجويعهم، وهذا الخيار متروك للناس في غزة، إن كنتم معنيين بمواصلة دعم حماس عليكم أن تواصلوا مواجهة التجويع، لذا فإني أرى أن مصلحة إسرائيل تتمثل في تجويع غزة وإنزال كارثة إنسانية بها".
لاحقاً، وفي حلقة من البرنامج نفسه، ورداً على تحفظ الخبير القانوني موشي كوهين على الفيديوهات التي ينشرها جنود الاحتلال على الإنترنت والتي يدعون فيها إلى إحراق قرى وبلدات الفلسطينيين في الضفة الغربية، قال فليشمان: "نحن نحرق قراهم وجيد أن نفعل ذلك"، وقوبل تعليقه بتصفيق حاد من الجمهور في الاستوديو. فيما علق المطرب كوبي بيريتس على كلام فليشمان بالقول: " كل الجنود يعتقدون مثلي... نحن لا نحرق لهم القرى فقط، نحن نمحو لهم هذه القرى وعلينا أن نواصل ذلك".
ومن الأمثلة ذات الدلالة التي ساقها التحقيق بشأن سمات خطاب الإبادة التي عكفت عليها القناة، كان ما صدر عن مقدم البرامج شمعون ريكلين، الذي قال مساء 21 فبراير/ شباط الماضي: "لقد حذرني الخبير القانوني موشي كوهين قبل البث من أنه في حال قلت هذا الكلام، فإنهم سيرفعون ضدي دعوى أمام محكمة العدل الدولية، لكن عليكم أن تعلموا أنه منذ السابع من أكتوبر فإن الأمور التي تجعلني قادراً على النوم في الليالي هو رؤية البنايات في غزة وهي تنهار وتتطاير في الجو. أضاف: "كلما دمرنا أكثر استمتعت أكثر، علينا أن ندمر كل شيء حتى لا يكون لديهم من المنازل ما يمكن أن يعودوا إليه". كما دعا ريكلين عبر حسابه على منصة إكس إلى استخدام القنابل الذرية ضد غزة. بدوره، عرض مقدم برنامج "الوطنيون" يونان مجال، في الثالث من أغسطس/ آب الماضي، منشوراً لأحد جنود الاحتياط يدعى دفير لوجر، جاء فيه: "تدمير غزة يمنحني شعوراً طيباً، غزة في وضع إبادة، ماكينة التدمير يجب أن تواصل العمل".
إعلام في خدمة نتنياهو
نقلت صحيفة هآرتس عن رئيسة منظمة زولات للمساواة وحقوق الإنسان زهافا غالؤون قولها تعليقاً على نتائج التحقيق الذي أجرته المنظمات الحقوقية الثلاث: "التحريض على جرائم الحرب يعد جزءاً من ماكينة سم القناة 14 لأنها تهدف إلى تكريس حرب أبدية"، مشيرةً إلى حقيقة أن القناة تحظى بدعم وتسهيلات الدولة، و"تخدم بشكل أساس المصالح الشخصية والسياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو". كما ذكرت بتحريض القناة 14 على المثليين وعائلات الأسرى لدى حركة حماس والمؤسسة القضائية.
مع ذلك، لا يتوقف التحريض على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب على شاشة القناة 14 حصراً، فقد برز معلق الشؤون العربية السابق في قناة 13 تسفي يحزكيل، الذي دعا إلى أن يبادر جيش الاحتلال بقتل 100 ألف فلسطيني في غزة في اليوم الأول للحرب. هذا التعليق، مع سجل واسع من التحريض، دفع قناة آي 24 نيوز ذات التوجهات اليمينية المتطرفة إلى استقطابه ليقدم برنامج "المستعربين"، مع منحه راتباً شهرياً سخياً يصل إلى 120 ألف شيكل، أي ما يعاد نحو 35 ألف دولار أميركي.