بمجموع 21 طفلاً، لا يزال اسم الأخوين تشانغ وإنغ بانكر مسجلاً بموسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية لأكبر عدد مواليد لتوأم غير مفصول في التاريخ.
وسيظل هذا الرقم مستعصيًا على الكسر، ليس فقط بسبب عدد الأطفال الكبير، ولكن أيضًا للتقدم الطبي الذي جعل فصل التوائم الملتصقة أمراً ممكنًا بعدما كان مستحيلاً في القرن التاسع عشر الميلادي، وهو ما سلط عليه الموقع الرسمي للموسوعة العالمية الضوء، مشيراً إلى تاريخ أسود وغامض لأشهر توأم ملتصق عبر العصور.
فالأخوين بانكر أول من أُطلق عليهما وصف "التوأم السيامي"، حيث ولدا عام 1811 في سيام (تايلاند الآن)، وعاشا معاً 63 عاماً دون فصل، وذاعت شهرتهما عالميًا بعدما هاجرا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأصبح كل توأم ملتصق لاحقا يوصف بـ"السيامي".
وبعدما شاهد رجل أعمال إسكتلندي يدعى روبرت هانتر الأخوين وهما في سن الـ13 (عام 1824)، سعى لاستثمار حالتهما لجني الأموال، وأقنع التوأم بالقدوم إلى الولايات المتحدة. لكن اتخاذ خطوة الهجرة استغرق نحو 5 سنوات بسبب عدم اقتناعهما بالفكرة، فضلاً عن تداول أنباء آنذاك عن منع ملك سيام آنذاك الأخوين من مغادرة البلاد.
غير أن تشانغ وإنغ وصلا أخيرًا إلى أميركا عام 1829، في عمر الـ17 عامًا، وصنعا اسمًا وثروة صغيرة عبر القيام بجولة عروض في الولايات المتحدة. وشهدت تلك العروض أداء حركات جسدية متناسقة، مثل الشقلبة والسباحة، وهو ما كان مصدر ثراء كبير لهانتر.
ولكن بعد قيام الأخوين بانكر بجولة في الجزر البريطانية، وتعلمهما اللغة الإنكليزية، أنهيا تعاقدهما مع هانتر، وتوليا زمام العمل منفردين، وبدآ في تقديم عروض للجماهير في إطار أكثر رسمية من عروضهما السابقة، عبر مؤتمرات ألقوا فيها الكلمات، وأجابوا عن أسئلة الحضور.
استقر أول توأم سيامي في نهاية المطاف في ولاية كارولينا الشمالية وحصلا على الجنسية الأميركية، واشترى كل منهما مزرعة لتكون مستقرًا لـ"الأطفال المملوكين لهما"، إذ كانا من مؤيدي العبودية.
وهنا تشير موسوعة غينيس إلى أن امتلاك التوأم بانكر للعبيد يعد وصمة عار أثرت سلبًا على الطريقة التي نظر بها الجمهور إليهما، عندما عادا إلى تقديم العروض بعد الحرب الأهلية الأميركية.
تزوج التوأم من الأختين أديلايد وسارة ييتس، وكان للعائلتين منزلان منفصلان، لكن حياتهما لم تكن منفصلة، ولو لساعة، باعتبار أن الأخوين بانكر ظلا ملتصقين حتى وفاتهما. فكان الأزواج الأربعة يقضون 3 أيام في كل منزل على حدة، وأنجب تشانغ وأديلايد 10 أطفال، بينما أنجب إنج وسارة 11 طفلا.
وتلفت موسوعة غينيس إلى تعثر توثيق كيفية تصرف التوأم بانكر في علاقتهما الحميمة بزوجتيهما، لكنها لفتت إلى أن الفارق بين كل طفلين في الفئة العمرية نفسها لا يتجاوز 4 أو 5 أيام فقط، ما يؤشر إلى "تنسيق ما" حكم عملية إنجاب الأخوين وزوجتيهما.
وفي عام 1850، كان أكثر من نصف عبيد التوأم بانكر تحت سن السابعة، وهؤلاء الأطفال إما أن يكبروا ليتم بيعهم من أجل الربح، وإما أن يعملوا في مزارع مملوكة للأخوين. ووصفت الصحافة الأميركية معاملة التوأم بانكر للأطفال العبيد بأنها كانت قاسية، إلا أن تشانغ وإنغ رفضا هذه الاتهامات.
في أواخر الخمسينيات من عمره، أصيب تشانغ بجلطة دماغية، ولم يتسبب ذلك في مقتله، لكنه تركه منهكًا بشدة، ما تطلب من أخيه إنغ مساعدته في معظم المهام اليومية.
وفي 17 يناير/كانون الثاني 1874، توفي تشانغ أثناء نومه، واستيقظ إنغ ليجد شقيقه ميتًا، وأدرك حينها أنه سيموت قريبًا، وهو ما حدث بعد نحو ساعتين فقط.
وأفاد تشريح الجثة النهائي بأن تشانغ مات على الأرجح بسبب جلطة دموية في دماغه، بينما ظل سبب وفاة إنغ غير واضح.
التفسير السائد هو أن إنغ مات بسبب الصدمة بعد اكتشافه وفاة توأمه الملتصق، بينما تشير تفسيرات أخرى إلى أنه مات بسبب فقدانه الدم، وذلك بعد فشل استمرار دورته الدموية، المتصلة بأخيه المتوفى.
واليوم لدى تشانغ وإنغ آلاف الأحفاد، وفي شهر مايو/أيار من كل عام تجتمع عائلتهما الممتدة معًا للاحتفال بإرث الجدين المشهورين... وإن كان إرثا ملطخا بظلام العبودية والاستغلال.