الفلفل الحارّ مكوّن رئيسي على موائد أهل غزة

12 اغسطس 2022
يقبل أهالي قطاع غزة بشراهة على الفلفل الأحمر (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

 

يشتهر أهالي قطاع غزة بعشقهم للفلفل الحار وتناوله بكميات كبيرة، من دون تأفف من درجة حرارته، فيما يعتبر مكوناً أساسياً في الأطباق، إذ لا تخلو أي طبخة منه، وتزداد متعة "الغزاوي" بتناول الطعام كُلما ازدادت حرارة و"حرقان" الفلفل، بمختلف ألوانه وأطعمته.

ويتربع طبق الفلفل الأحمر الحار على معظم مواد الطعام في القطاع، وقد درجت على حُب الفلسطينيين في غزة للفلفل عدة عبارات طريفة، من بينها "إذا أردت أن تصطاد غزّاوياً، فانصب لهُ فخاً من الفلفل".

ويدخل الفلفل في مختلف الأطعمة والطبخات التي تصنعها النساء في غزة، فيما يتميز أهالي قطاع غزة بـ "الفلفل الغزاوي"، وهو الفلفل الأحمر الحار الذي يطحن ويقدم مسحوقاً كنوع من أنواع "الصوص" إلى جانب الأطعمة، لفتح الشهية وزيادة الإقبال على الطعام. وتتنوع أصناف الفلفل وأنواع استخداماته، إذ يطحن الفلفل الأحمر مع إضافة الملح، ويستخدم إلى جانب معظم الأكلات، أو يجفف لاستخدامه داخل بعض الطبخات، كذلك تطحن قرون الفلفل الأخضر وتضاف إلى أطباق الحمص والفول، وتستخدم أصناف من قرون الفلفل الكاملة أو المقطعة كنوع من أنواع المخللات.

وتقول الطاهية الفلسطينية رولا القيشاوي التي أوضحت استخدامات الفلفل في كتابها الخاص بالأكلات الفلسطينية والعربية إن حُب أهالي غزة للفلفل يرجع لارتباطهم بالثقافة المصرية، حين كان يزرع في مصر، ويصل إلى غزة بحكم الجوار، وكان يجفف ثم يحفظ، وصولاً إلى مرحلة زراعته في غزة. وتشير القيشاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى وجود مجموعة أصناف من الفلفل، سواء الفلفل الأحمر المطحون، أو الفلفل البلدي المهجن، وبأحجام مختلفة، موضحة أن تلك الأصناف، على اختلافها، إلا أنها مُفضلة لدى الفلسطينيين في قطاع غزة، وتعتبر مكوناً أساسياً من مكونات طعامهم.

الطاهية الفلسطينية رولا القيشاوي (عبد الحكيم أبو رياش)
الطاهية الفلسطينية رولا القيشاوي (عبد الحكيم أبو رياش)

يقول المهندس نزار الوحيدي، خبير الزراعة والبيئة في قطاع غزة، إن قصة الفلفل تاريخياً مرتبطة بأحد أبرز أحياء مدينة غزة، وهو حيّ الشجاعية الذي يشتهر بشِدة أهله وصلابتهم وحبهم الشديد لتناول الفلفل، وقد انسحب الأمر بعد ذلك على كل مدن القطاع ومحافظاته من الشمال حتى الجنوب، ولكن بنسب متفاوتة. ويبين الوحيدي، لـ"العربي الجديد"، أن حفظ الفلفل الأحمر قديماً كان عبر ربط قرون الفلفل بعضها إلى جانب بعض على هيئة عُقد، وتجفيفها بطريقة صحية وآمِنة، وطحنه بعد ذلك ليصبح مسحوقاً مثل البودرة، ليدخل في معظم الأكلات، فيما تتنوع أصناف الفلفل الأخضر واليابس والمخروط. ويستذكر الوحيدي عدة مواقف تروي حب الفلسطينيين في غزة للفلفل، ومن بينها رجال كبار في السن كانوا يأكلون قرن الفلفل الحار في لقمة واحدة، كذلك حشو الفلفل للصِغار في سندويشات، أو مزجها بالجُبن أو اللبنة، لافتاً إلى الفوائد الغذائية لتناول الفلفل التي تعادل العناصر الغذائية في البقدونس والجوافة والليمون.

وينتشر بيع الفلفل الأحمر في الطرقات والأسواق، خلال الموسم الذي يبدأ مع دخول فصل الصيف، إذ تنضج ثمار الفلفل الأحمر الحارة. وعن ذلك، يقول الفلسطيني علي الجرجاوي، لـ"العربي الجديد"، إنه اعتاد طحن الفلفل وبيعه داخل سوق فراس الشعبي خلال الفترة المُمتدة بين يونيو/ حزيران حتى نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، مُشيراً إلى أن "الفلفل مكون أساسي داخل كل البيوت الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى وجه التحديد الفلفل الأحمر الذي يعتبر فاكهة كل الموائد، يتناوله الغزّي بشراهة، من دون كلل أو ملل".

الفلفل عبد الحكيم أبو رياش
ينتشر بيع الفلفل الأحمر في الطرقات والأسواق، خلال الموسم الذي يبدأ مع دخول فصل الصيف (عبد الحكيم أبو رياش)

وتشتري بعض الأسر الفلسطينية في قطاع غزة قرون الفلفل الأحمر لطحنها داخل البيت، باستخدام الطاحونة اليدوية التقليدية، أو الخلاط الكهربائي، مع إضافة مقادير الملح، وفق المعيار المطلوب، في تقليد سنوي، يشارك فيه معظم أفراد الأسرة.

يوضح الفلسطيني محمد بدوان، وهو من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، أن الأسر الفلسطينية في القطاع تخزن الفلفل سنوياً وفق الكمية المطلوبة والمتناسبة مع عدد أفراد الأسرة، ويضيف: "لا تخلو سفرة من الفلفل الذي يضاف إلى جانب بعض المُخللات والزيتون".

ويُدخِل أهالي قطاع غزة الفلفل الحار في معظم أكلاتهم، سواء الأكلات الشعبية أو التقليدية، إذ يتميز المفتول الغزاوي بكثرة قرون الفلفل الحار والمجففة، والمُضافة إلى جانب البصل وعين الجرادة، كذلك طبق السماقية الحار، وطبق الشكشوكة الذي تُضاف إلى البندورة فيه كميات لا بأس بها من قرون الفلفل الأخضر، فيما يتميز كذلك أهالي القطاع بالسلطة الغزاوية التي تتكون من الفلفل الحار، والبصل، والبندورة، وزيت الزيتون.

المساهمون