استمع إلى الملخص
- أعلنت تيك توك عن قيود جديدة على استخدام الأطفال للفلاتر بعد تحقيقات أظهرت تأثيرها السلبي على الثقة بالنفس، لكن هناك شكوك حول فعالية هذه الإجراءات.
- تشير الدراسات إلى مخاطر متزايدة لاستخدام الفلاتر، حيث تعاني الفتيات من انخفاض تقدير الذات وزيادة تقبل الجراحة التجميلية، مما يستدعي توازنًا بين التعبير الشخصي والحد من التأثيرات السلبية.
في زمن أصبح فيه تعديل الصور عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً من الحياة اليومية، يقوم ملايين المستخدمين، بمن فيهم المراهقون، بتعديل مظهرهم باستخدام فلاتر التجميل المتاحة على منصات مثل سناب تشات وإنستغرام وتيك توك.
ومن خلال لمسة واحدة على فلتر مثل Glossy Babe، يمكن للفرد إطالة وجهه وتنحيف أنفه ورش النمش على خديه. وبعد استخدام فلاتر مثل Glow Makeup تختفي عيوب البشرة، وتبرز الشفاه أكثر امتلاءً، وتتمدد الرموش. ومع نقرة أخرى، يعود المستخدم إلى واقعه، إلا أن هذا الواقع أصبح أكثر تعقيداً، مع تعاظم تأثير هذه الفلاتر على الصحة النفسية للمراهقين.
أعلنت "تيك توك" أخيراً عن فرض قيود جديدة على استخدام الأطفال للفلاتر التي تحاكي عمليات التجميل، وذلك بعد تحقيقات وجدت أن المراهقات بشكل خاص يعانين من تدني الثقة بالنفس بسبب تأثيرات هذه الفلاتر. التحقيق، الذي شمل 200 مراهق وأولياء أمورهم في دول متعددة، كشف أن الفتيات الصغيرات يشعرن بالهشاشة النفسية نتيجة التفاعلات الاجتماعية التي تحدث عبر الإنترنت، وفق مقال نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية. ومع أن هذه الفلاتر تُستخدم لمجرد التسلية لدى البعض، إلا أن دراسات متزايدة تُظهر أن هذه الأدوات قد تسهم في تعزيز المقارنات الاجتماعية السلبية، ما يؤدي إلى تدني مستوى تقدير الذات، خاصة بين الفئات الأكثر هشاشة.
في دراسة حديثة، وجدت الباحثة كلير بيسكوت أن الأطفال، حتى في سن العاشرة، يشعرون بالضغط لتعديل مظهرهم ليبدو كما في الصور المعدلة بالفلاتر. في إحدى المقابلات، عبر أحد الأطفال قائلاً: "أتمنى لو كنت أرتدي فلتراً الآن". ومن هنا تتصاعد المخاوف بشأن تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية للمراهقين.
البروفيسورة سونيا ليفينغستون، الأستاذة في كلية لندن للاقتصاد، ترى أن المقارنات التي يفرضها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المعدلة بصرياً قد يكون لها تأثير أكبر على الصحة النفسية من مشاهد العنف. هذه الفلاتر لا تقتصر على تجميل الوجه فحسب، بل تحول ملامح الشخص، مما يزيد من التباين بين المظهر الواقعي والافتراضي.
وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض المنصات مثل إنستغرام وسناب تشات موازنة استخدام الفلاتر مع الاهتمام بالصحة النفسية، فإن "تيك توك" أخذت خطوة أكثر صرامة بمنع الأطفال من الوصول إلى فلاتر محددة. ورغم ذلك، لا يزال الكثيرون يشككون بفعالية هذه الإجراءات، خاصة مع زيادة تقارير تكشف أن العديد من الأطفال يكذبون بشأن أعمارهم لاستخدام الفلاتر المخصصة للبالغين.
من جهة أخرى، يعارض بعض مصممي الفلاتر، مثل أولغا إيسوبوفا، هذه القيود بشدة. وتعتبر إيسوبوفا، وهي فنانة رقمية روسية، أن تعديل الوجوه عبر الفلاتر هو أمر أساسي في "عصر الهوية الرقمية المتعددة"، إذ يعيش الشخص حياته الواقعية وحياته عبر الإنترنت بشكل منفصل.
الدراسات الحديثة تشير إلى مخاطر متزايدة لهذه الظاهرة، فقد أظهرت دراسة أجريت في نيودلهي أن الفتيات اللاتي يستخدمن سناب شات على نحو متكرر أبلغن عن انخفاض في تقدير الذات وشعور بالنقص عند مقارنة مظهرهن الطبيعي مع صورهن المعدلة. في بلجيكا، وجدت دراسة أخرى أن الفتيات المراهقات اللاتي يستخدمن الفلاتر بانتظام يكن أكثر تقبلاً لفكرة الجراحة التجميلية في المستقبل.
في النهاية، يدعو الخبراء إلى إيجاد توازن بين استخدام الفلاتر وسيلةً للتعبير الشخصي وبين الحد من تأثيراتها السلبية على الصحة النفسية. وبينما تحاول شركات مثل ميتا وسناب تحسين استخدام الفلاتر بالتعاون مع خبراء الصحة النفسية، يبقى السؤال حول كيفية تحقيق ذلك التوازن من دون الإضرار بالنفسية الهشة للمراهقين في هذا العصر الرقمي المتسارع.