العلماء يرصدون كيف يعبث السفر عبر الفضاء بالدماغ البشري

09 يونيو 2023
شملت الدراسة 30 رائد فضاء من الوكالات الأميركية والكندية والأوروبية (Getty)
+ الخط -

يمكن أن يكون الفضاء مكاناً غير مناسب لجسم الإنسان مع ظروف الجاذبية الصغرى وعوامل أخرى تؤثر على وظائف الأعضاء لدينا، وخاصةً الدماغ، وتوفّر دراسة جديدة موّلتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) فهماً أعمق للمسألة.

وقال باحثون، أمس الخميس، إنّ رواد الفضاء الذين سافروا إلى محطة الفضاء الدولية، أو على متن السفن الفضائية التابعة لـ"ناسا"، في مهام استمرت ستة أشهر على الأقل، شهدوا تمددا كبيرا في بطينات المخ، وهي مناطق في منتصف الدماغ تحتوي على السائل النخاعي.

يتدفق هذا السائل عديم اللون داخل وحول الدماغ والحبل الشوكي، ويساعد في حماية الدماغ من الصدمات المفاجئة ويتخلص من الشوائب.

وبفحص أدمغة 30 رائد فضاء، وجد الباحثون أن تعافي البطينات تماماً استغرق ثلاث سنوات بعد هذه الرحلات، ما يشير إلى أنّه ينصح ألّا تقل الفترة الزمنية بين المهام الفضائية الأطول عن تلك المدة.

وقالت عالمة الأعصاب في جامعة فلوريدا هيذر ماكغريغور، التي قادت فريق الدراسة المنشورة في مجلة ساينتفك ريبورتس: "إذا لم يكن لدى البطينات الوقت الكافي للتعافي بين المهام المتتالية، فقد يؤثر ذلك على قدرة الدماغ على التعامل مع تحولات السائل في الجاذبية الصغرى. على سبيل المثال، إذا تمددت البطينات بالفعل خلال مهمة سابقة، فقد تصبح أقل توافقاً أو لديها مساحة أقل للتمدد واستيعاب تغيّرات السائل خلال المهمة التالية".

ويمكن أن يرتبط تضخم البطين المرتبط بالتقدم في العمر، ليس بسبب الجاذبية الصغرى ولكن بسبب ضمور الدماغ، في التدهور المعرفي.

وأوضحت أستاذة علم وظائف الأعضاء وعلم الحركة بجامعة فلوريدا ريتشل سيدلر، وهي من الباحثين الرئيسيين في الدراسة: "تأثير توسع البطينات على رواد الفضاء غير معروف حالياً. هناك حاجة إلى مزيد من المتابعة الصحية طويلة الأمد. من المحتمل أن يؤدي إلى ضغط على أنسجة المخ المحيطة".

ويتسبب غياب الجاذبية الأرضية في تغيّرات بالدماغ.

وقالت سيدلر: "يبدو أن هذا تأثير ميكانيكي. على الأرض، تحتوي أنظمة الأوعية الدموية لدينا على صمامات تمنع كل السوائل من التجمع عند أقدامنا بسبب الجاذبية. وفي الجاذبية الصغرى، يحدث العكس، تتحول السوائل نحو الرأس. ومن المحتمل أن يؤدي هذا التحول للسوائل باتجاه الرأس إلى تمدد البطينات، ويكون الدماغ مكانه أعلى داخل الجمجمة".

وشملت الدراسة 23 رجلاً وسبع نساء من رواد الفضاء من وكالات الفضاء الأميركية والكندية والأوروبية، يبلغ متوسط أعمارهم نحو 47 عاماً. سافر 8 منهم في مهام فضائية لأسبوعين تقريباً، فيما ذهب 18 في مهام إلى محطة الفضاء الدولية لنحو ستة أشهر، وأربعة في مهام إلى المحطة لمدة تقرب من عام.

وحدث تغيير طفيف أو لم يحدث أي تغير في حجم البطينات لدى رواد الفضاء بعد المهام القصيرة. لكنّها تمددّت لدى رواد الفضاء الذين أنجزو مهام دامت ستة أشهر أو أكثر. ومع هذا، لم يكن هناك فرق بين أولئك الذين سافروا لستة أشهر ومن مكثوا في الفضاء مدة عام.

وقالت ماكغريغور: "هذا يشير إلى أنّ معظم التضخم في البطينات يحدث خلال الأشهر الستة الأولى في الفضاء، ثمّ يبدأ في التقلص تدريجياً عند المكوث في الفضاء نحو عام".

وقد تكون حقيقة أن التمدّد في البطينات لا يزيد بعد ستة أشهر أخباراً جيدةً لبعثات المريخ المستقبلية، التي قد يقضي فيها رواد الفضاء عامين في الجاذبية الصغرى خلال الرحلة.

كما أشارت سيدلر إلى أنّ عدم حدوث تمدّد بعد الرحلات القصيرة خبر سار للأشخاص الذين قد يفكرون في الذهاب في رحلات سياحية قصيرة إلى الفضاء مع تطور هذا القطاع.

وتتسبب ظروف الجاذبية الصغرى أيضاً في تأثيرات فسيولوجية أخرى، بسبب انخفاض الحمل البدني على جسم الإنسان، وتشمل ضمور العظام والعضلات وتغيرات في القلب والأوعية الدموية ومشاكل في نظام التوازن في الأذن الداخلية ومتلازمة تؤثر على العينين.

كذلك، يعد ارتفاع مخاطر الإصابة بالسرطان، بسبب التعرض بشكل أكبر للإشعاع الشمسي الذي قد يواجهه رواد الفضاء كلما ابتعدوا عن الأرض، مصدر قلق آخر.

(رويترز)

المساهمون