استمع إلى الملخص
- مقهى ومطعم "ة" في الحمرا أطلق مبادرة لتقديم 800-1000 وجبة يومياً للنازحين في مراكز الإيواء، بدعم من تبرعات محلية ودولية، مع الأمل في انتهاء الأزمة.
- مراكز ثقافية مثل مركز دراسات الوحدة العربية ومكتبة "مَيلي" والمسرح الوطني اللبناني قدمت مأوى ودعماً للنازحين، بينما نظمت جمعية تيرو للفنون ورشاً تدريبية للأطفال والشباب.
سخرت مراكز ترفيهية وثقافية في لبنان جهودها ومساحاتها لمساعدة النازحين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بعد اشتداد العدوان الإسرائيلي على البلاد في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 1190 شخصاً وأجبر أكثر من مليون على النزوح. وقد قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، في إحاطة صحافية الخميس: "يواجه لبنان صراعاً وأزمة إنسانية ذات أبعاد كارثية"، بينما حذّر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، عمران رضا، من أن لبنان يواجه "واحدة من أكثر الفترات دموية" في تاريخه الحديث، مشيراً إلى أن 600 ألف شخص نزحوا داخلياً، أكثر من 350 ألف منهم أطفال.
وقد نزحت عشرات الآلاف مِن العائلات اللبنانية إلى مراكز الإيواء، أو إلى بيوت الأقارب والأصدقاء، أو المنشآت العامة، وتحولت مئات المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية وأجزاء واسعة من أبنية الجامعة اللبنانية، وعدد من المدارس الخاصة، إلى مراكز للنازحين من المناطق التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي.
وأمام هذه الظروف، تحاول مؤسسات ثقافية وترفيهية المساعدة قدر الإمكان، وكل منها على طريقتها. ملهى سكاي بار البيروتي الشهير الذي استضاف منذ انطلاقه أبرز الأسماء العالمية في مجال الترفيه فتح أبوابه لنحو 400 نازح، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، منذ 27 سبتمبر حين اغتالت قوات الاحتلال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في ضاحية بيروت الجنوبية.
في حديثه لـ"العربي الجديد"، قال عمار المير، أحد المنظمين الرئيسيين في "سكاي بار"، إن القرار بفتح الملهى أمام النازحين اتخذه المالك، بعدما شاهد بعينه العائلات تفترش شوارع بيروت. وأكد أن هذه المبادرة فردية وليست بتوجيه من أي جهة سياسية أو حزبية. وأضاف المير: "أكثر من 200 طفل متواجدون الآن في الملهى، إضافة إلى النساء والمسنين. هدفنا دعم هؤلاء ومساعدتهم". وأشار إلى أن "سكاي بار" تخطى قدرته على استيعاب المزيد من النازحين، خاتماً حديثه بالقول: "نتمنى أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن ليعود كل نازح إلى منزله".
وأطلقت مطاعم ومقاه في الحمرا مبادرات مماثلة، بينها "مزيان" و"برزخ" و"تحت الشجرة" و"رصيف بيروت".
وجبات ساخنة مقدّمة إلى النازحين
مقهى ومطعم ومكتبة "ة"، في شارع الحمرا، أطلق مبادرة هدفها تقديم الوجبات الساخنة "مباشرة لأهلنا على أرض مراكز الإيواء... أولئك الذين اضطروا بسبب العدوان البربري إلى ترك منازلهم". تتضمن المبادرة شراء المواد الأولية وتحضيرها وطبخ الوجبات في مطبخ "ة" وتوضيبها، ثم نقلها بالسيارات المخصصة لذلك، ليصار إلى تقديمها وسكبها ساخنة ومباشرة للنازحين. وفقاً لـ"ة"، يشارك في هذا العمل يومياٌ نحو 20 شخصاً من الموظفين، ويشمل 4 مدارس في بيروت تضم 800 شخص.
وفي هذا السياق، ذكّر إيلي غصّان، أحد الشركاء في ملكية "ة"، بأن هذا المكان تأسس خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، وأضاف أن "تاء مربوطة ينخرط اجتماعياً وثقافياً مع الأحداث في البلاد، وقرر أصحابه تقديم وجبات غذائية للنازحين، لأنه واجب علينا، وفعلاً نقدم يومياً من 800 إلى ألف وجبة توزع على 4 مدارس في منطقة رأس بيروت". وأوضح غصّان، لـ"العربي الجديد"، أن المبادرة أطلقها "ة" بداية، لكنها لاحقاً جذبت متبرعين من لبنان وخارجه (تبرعات نقدية وعينية)، مشيراً إلى أن بعض الأفراد يتبرعون مثلاً بـ5 دولارات، لأن هذه إمكانياتهم، "ونحن مستمرون من أجل هؤلاء". وحول المدة الزمنية التي يمكن أن يواصل بها مقهى ومطعم "ة" تقديم الغذاء للنازحين، صرّح قائلاً: "لا أعرف، ولا أستطيع أن أحدد تاريخاً... لكننا بأمان لمدة أسبوعين من الآن، أتمنى خلالهما أن تنتهي آلة الحرب ويعود النازحون إلى منازلهم بخير".
وإفساحاً في المجال للتبرعات و"على سبيل رفع الإحراج عن كاهل المتبرع والمتلقي"، فتحت "ة" المجال لأصدقائها وروادها بالتبرع خلال زيارتهم لها، أو طلبهم عبر خدمة التوصيل، وذلك باقتطاع عشرة في المائة من كل فاتورة وتحويل هذه النسبة إلى برنامج الدعم.
المراكز الثقافية... مراكز إيواء
في منطقة الحمرا أيضاً، وتحديداً في شارع ليون، فتح مركز دراسات الوحدة العربية أبوابه للنازحين. وشرح المدير المالي يونس خليل، لـ"العربي الجديد"، إن الإدارة تواصلت مع مالك المبنى حيث يقع مقر المركز، نظراً لوجود أربعة طوابق شاغرة، وسألته فتحها للنازحين، وهذا ما حصل؛ وافق المالك على طلب المركز، وانتدب مسؤولاً عن العائلات النازحة يؤمن لهم الاحتياجات اللازمة. وأكد خليل: "ما قمنا به هو واجب علينا من خلال عملنا في مركز ثقافي علمي. واجبنا مؤازرة الناس التي وجدت نفسها في لحظة بلا مأوى".
خارج بيروت، وتحديداً في بعلبك حيث استشهدت أسر بكاملها جراء القصف الإسرائيلي المتواصل، أعلنت "مَيلي"، وهي مكتبة ومقهى للنساء، أنها "في هذا الوقت العصيب، ومع استمرار إسرائيل بجرائمها الإبادية والقصف العنيف على منطقة بعلبك الهرمل، قررت العمل على الاستجابة الطارئة لمساعدة العائلات التي ما زالت في المنطقة؛ ستقوم عضوات المكتبة بالعمل على تأمين الموارد الأساسية للنساء في مراكز الإيواء في منطقة بعلبك عبر جمع التبرّعات".
أما المسرح الوطنيّ اللّبنانيّ المجاني فأعلن فتح أبوابه للعائلات للإيواء والضيافة في مدينتي طرابلس (شمال لبنان) وصور (جنوب لبنان)، مشيراً إلى أن جمعية تيرو للفنون ومسرح إسطنبولي ينظمان ورشاً تدريبية للأطفال والشباب النازحين من الحرب. وقال الممثّل والمخرج قاسم إسطنبولي (مؤسس المسرح الوطني اللبناني) لـ"العربي الجديد": "من المهم جداً اليوم التضامن في كافة المناطق الآمنة من أجل التخفيف من عناء التهجير كنوع من مواجهة العدوان على لبنان". وكان قد أشار إلى "ضرورة فتح المسارح للناس وكل المساحات بدلا من أن يكون أهلنا في الشوارع، وهذا جزء من المقاومة الثقافية والتضامن اللبناني وإقامة الورش التدريبية للأطفال والشباب تعتبر وسيلة لمواجهة تداعيات الحرب والضغوط النفسية وانعكاسها على الأطفال والشباب".