العاهل الأردني يصدّق على قانون "الجرائم الإلكترونية"

12 اغسطس 2023
إحدى الفعاليات الرافضة لقانون الجرائم الإلكترونية في الأردن (العربي الجديد)
+ الخط -

صدّق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم السبت، على 6 مشاريع قوانين، من بينها قانون الجرائم الإلكترونية الذي أثار جدلاً واسعاً في البلاد أخيراً، حول "العقوبات المشددة" الواردة فيه.

وسيصبح القانون الذي غلظ الكثير من العقوبات على الجرائم الإلكترونية، نافذاً بعد 30 يوماً من نشره في الجريدة الرسمية، إذ استكمل المراحل التشريعية كافة.

وأثار القانون انتقادات واسعة أطلقتها المنظمات الحقوقية الدولية ومؤسسات المجتمع المدني الأردنية، إذ يشدد القيود على الحريات العامة، وتحديداً حرية التعبير.

وقال رئيس الوزراء بشر الخصاونة، خلال مناقشات مجلس الأمة للقانون، إن الحكومة "لا ترى أن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية ينتقص من جوهر الحريات، ولا يمسّ بالدستور"، مضيفاً أن الحكومة "منفتحة تماماً إزاء أي من مظاهر النقد". ووفقاً للخصاونة، فإن "الجديد في القانون تنظيم وتحديد العقوبات في الفضاء الإلكتروني، والحكومة لا تقدم أي شيء فيه مساس بالدستور".

ومن أبرز التعديلات التي واجهت اعتراض مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والصحافيين، نص القانون على "معاقبة كل من قام قصداً بإرسال، أو إعادة إرسال، أو نشر بيانات أو معلومات، من طريق الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي، تنطوي على أخبار كاذبة أو ذم أو قدح أو تحقير أي شخص، بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، أو بغرامة لا تقلّ عن 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار) دينار ولا تزيد على 20 ألف دينار (28 ألف دولار)، أو بكلتا هاتين العقوبتين".

وتلاحق الجرائم من قبل النيابة العامة، "من دون الحاجة إلى تقديم شكوى أو ادعاء بالحق الشخصي، إذا كانت موجهة إلى إحدى السلطات في الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة أو إلى أحد أعضائها أو إلى أي موظف عام في أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها".

كما أن القانون "يعاقب كل من أشاع أو عزا أو نسب قصداً من دون وجه حق إلى أحد الأشخاص أو ساهم في ذلك من طريق الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي، أفعالاً من شأنها اغتيال شخصيته، وذلك بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، أو بغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار)، ولا تزيد على 20 ألف دينار (28 ألف دولار)، أو بكلتا هاتين العقوبتين".

كما "يعاقب كل من قام قصداً باستخدام الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو نظام المعلومات أو موقع إلكتروني أو منصة تواصل اجتماعي، لنشر ما من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو تستهدف السلم المجتمعي أو الحض على الكراهية أو الدعوة إلى العنف أو تبريره أو ازدراء الأديان، وذلك بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، أو بغرامة لا تقلّ عن 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار)، ولا تزيد على 20 ألف دينار (28 ألف دولار)، أو بكلتا هاتين العقوبتين".

تنطبق العقوبات السابقة أيضاً على "كل من نشر أو أعاد النشر قصداً أخباراً كاذبة في الفضاء الإلكتروني تستهدف الأمن الوطني والسلم المجتمعي أو ذم أو قدح أو تحقير أي شخص".

وفي هذا السياق، أعربت هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني الأردنية "همم"، في بيان مساء السبت، عن قلقها إزاء الأحكام القضائية التي صدرت أخيراً بفرض عقوبات سالبة للحرية على صحافيين نتيجة منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي، كان آخرهم أحمد حسن الزعبي الذي صدر حكم بحبسه سنة مع الغرامة، بتهمة ذم هيئة رسمية.

وأكدت "همم" أن حرية التعبير "قيمة أساسية يجب أن تحظى بالحماية والاحترام"، وأن "الدستور الأردني كفل حرية التعبير في المادة 15 منه". واعتبرت "همم" أن استخدام قانون الجرائم الإلكترونية لفرض عقوبات قاسية وسالبة للحرية ضد الصحافيين "مخالف لجوهر الحماية الدستورية"، كما دعت إلى إعادة النظر في "ذم هيئة رسمية"، من أجل "إلغاء تجريمه أو تأطيره بشكل يضع الحد الفاصل بين النقد المباح والإساءة، فلا يجوز أن تترك هذه النصوص بعموميات تسمح بالتوسع في استخدامها بما يخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان".

وعبّرت عن استغرابها من "التناقض" في السياسات العامة، "ففي الوقت الذي يعكف فيه الأردن على الدخول إلى مرحلة من الإصلاح والتحديث على مستوى سياسي وإداري، يتم تبني قوانين وممارسات تسهم في تقويض مشاركة الأفراد وتعبيرهم عن نقدهم للأداء الحكومي أو السياسات العامة".

ورأت أن تزامن هذه الأحكام بحق الصحافيين والناشطين مع النقاش السائد حول إقرار قانون الجرائم الإلكترونية الجديد "مفارقة توضح أن القانون بالفعل يمكن استخدامه للتضييق على حرية التعبير والإعلام، وتحصين الحكومة من النقد، على عكس ما أورده المدافعون عن القانون".

تضم "همم" تحت مظلتها 11 مؤسسة مجتمع مدني تعمل في مجالات مختلفة، وهي: مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، ومركز العدل للمساعدة القانونية، ومركز حماية وحرية الصحافيين، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وشبكة الإعلام المجتمعي، ومركز رشيد للنزاهة والشفافية (الشفافية الدولية)، وجمعية النساء العربيات، والشركاء الأردن، ومؤسسة أهل، ومؤسسة صداقة.

في الوقت نفسه، أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بياناً أيضاً حول ما شهدته الأيام القليلة الماضية من صدور أحكام قضائية بحقّ مجموعة من الصحافيين والناشطين، ومنهم الزعبي والدكتور إبراهيم المنسي والإعلامية هبة أبو طه.

وأشارت الجمعية إلى أن "حرية الرأي والتعبير والصحافة ونقد أداء السلطة التنفيذية لطالما كانت ضحية لقرارات السلطة التنفيذية، وذلك في ظل قوانين وتشريعات يعتبرها المجتمع القانوني والحقوقي مخالفة لمنظومة حقوق الإنسان والحقوق الدستورية".

وتساءلت: "كيف سيكون عليه الحال عند سريان قانون الجرائم الإلكترونية الجديد وما تضمنه من توسع في دائرة التجريم وتغليظ العقوبات، بالإضافة للنصوص والتعريفات الفضفاضة وصلاحيات مقيدة للقاضي في القرارات"؟

وناشدت السلطات القضائية والتنفيذية والحقوقية ونقابة المحامين الأردنيين مخاطبة وزير العدل، للطلب من رئيس النيابة العامة عرض ملفات الدعاوى المتعلقة بالمواطنين على محكمة التمييز، لأن الأحكام الصادرة قد اكتسبت الدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة التمييز التدقيق فيها.

واعتبر معهد الصحافة الدولي، في بيان سابق، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية "ضربةً لحرية الصحافة في الأردن"، ونبه من "أن تسيء السلطات استخدامه لاستهداف الصحافيين والمنتقدين".

وكانت اللجنة التنسيقية للمطالبة بسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، وتضم أحزاباً ومؤسسات مجتمع مدني، قد أعلنت استمرار فعالياتها الاحتجاجية حتى إلغاء القانون أو إجراء تعديلات جوهرية عليه.

كما انتقدت وزارة الخارجية الأميركية، نهاية الشهر الماضي، القانون الذي اعتبرت أنّ "من شأنه عرقلة الاستثمار المستقبلي في قطاع التكنولوجيا، وتقويض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي"، ووصفت بنوده بالغامضة. ورأت أن القانون "الذي غلظ العقوبات وضاعفها يقلل من الحيز المدني المتاح أمام عمل الصحافيين والمدونين وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في الأردن".

المساهمون