استمع إلى الملخص
- بعض وسائل الإعلام، مثل نيوز كورب و"ذي أتلانتيك"، اختارت التعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي عبر اتفاقيات ترخيص، بينما تطور نيويورك تايمز أدوات ذكاء اصطناعي داخلية لتحسين تقاريرها وتجربة المستخدم.
- تستخدم نيويورك تايمز الذكاء الاصطناعي بحذر لإنشاء مسودات أولية، مع مراجعة بشرية دقيقة، وتواصل مقاضاة الشركات المخالفة مطالبة بتعويضات مالية.
قدمت صحف نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال ونيويورك بوست، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شكاوى قضائية ضد "بربليكسيتي"، واتهمت هذه الشركة الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي بانتهاك حقوق تلك الصحف في الملكية الفكرية. قبل ذلك، وتحديداً في إبريل/نيسان الماضي، رفعت ثماني صحف يومية أميركية (نيويورك ديلي نيوز، وشيكاغو تريبيون، ودنفر بوست، وميركوري نيوز، وسانت بول بيونير برس، وأورلاندو سينتنل، وأورينج كونتي رجيستر، وساوث فلوريدا سان سينتنل) دعوى قضائية ضد شركتي "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت"، مطورتي برمجية "تشات جي بي تي" القائمة على الذكاء الاصطناعي، وذلك بتهمة "اختلاس ملايين" المقالات الإخبارية المحمية بحقوق الطبع والنشر من دون إذن أو مقابل. سبقت "نيويورك تايمز" هذه الصحف إلى مقاضاة "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" في ديسمبر/كانون الأول 2023.
هذه الخطوات كلها قد توحي بطلاق ورفض قاطع من المؤسسات الإخبارية لشركات الذكاء الاصطناعي، لكن المسألة أكثر تعقيداً، علماً أن وسائل إعلام عدة اختارت توقيع اتفاقيات ترخيص لمحتواها مع شركات الذكاء الاصطناعي، كاتفاق مجموعة نيوز كورب المالكة لصحيفتي وول ستريت جورنال ونيويورك بوست مع "أوبن إيه آي". وكذلك فعلت "ذي أتلانتيك" و"فوكس ميديا". هنا، سنركز على تجربة "نيويورك تايمز" التي كشف تقرير إخباري أخيراً أنها نفسها كانت تطور "معادلاً داخلياً لبرنامج تشات جي بي تي" في 2023.
كيف تستخدم "نيويورك تايمز" الذكاء الاصطناعي؟
أوضحت الصحيفة الأميركية في بيان أنها تستخدم نماذج التعلم الآلي "لغربلة كميات هائلة من البيانات، من أجل إعداد تقارير استقصائية". وذكرت أنه في أحد التحقيقات "برمج صحافيونا أداة ذكاء اصطناعي لمسح صور الأقمار الاصطناعية بحثاً عن حفر القنابل، والتي راجعوها بعد ذلك يدوياً". وأضافت: "في أجزاء من صفحتنا الرئيسية وفي أسفل المقالات، نستخدم التعلم الآلي للتوصية بالمقالات بناءً على عوامل يمكن أن تشمل ما قرأته من قبل وموقعك التقريبي وما هو شائع بين القراء الآخرين (...) يساعدنا الذكاء الاصطناعي أيضاً في جعل وصول المزيد من الأشخاص إلى صحيفة نيويورك تايمز أكثر سهولة. يمكنك الاستماع إلى معظم مقالاتنا، من خلال تقنية الصوت الآلي، وقراءة المقالات باللغة الإسبانية التي تنشأ بمساعدة نماذج الترجمة. نحرّر الترجمات بدقة قبل النشر".
وقد يستخدم محررو "نيويورك تايمز" الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي تقوم عليه برمجيات مثل "تشات جي بي تي". وشرحت الصحيفة: "الأدوات اللازمة لإنشاء مسودات أولية للعناوين الرئيسية وملخصات مقالات نيويورك تايمز وغيرها من النصوص التي تساعدنا في إنتاج وتوزيع الأخبار. يتم ذلك دائماً بإشراف ومراجعة بشرية، وفقاً لمبادئنا لاستخدام مثل هذه الأدوات. نحن لا نستخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة المقالات، والصحافيون مسؤولون في النهاية عن كل ما ننشره".
استخدام الذكاء الاصطناعي ومقاضاته
تستخدم "نيويورك تايمز" الذكاء الاصطناعي التوليدي داخلياً بينما تقاضي شركاته خارجياً. فعلى عكس الكثير من المجموعات الإعلامية، ابتعدت صحيفة نيويورك تايمز عن اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولم توقع معهم اتفاقيات لاستخدام محتواها، بل رفعت عليهم دعوات ضد سرقة مقالاتها واستخدامها في تدريب روبوتات الدردشة. وتلاحق الصحيفة شركتي أوبن إيه آي ومايكروسوفت أبرز مستثمر فيها أمام القضاء بتهمة انتهاك حقوق المؤلف عند استخدام نماذج الشركة أعمال الصحيفة لتطوير وتسويق منتجاتها، والتربّح منها، من دون إذن الصحيفة. بحسب الشكوى، تقدر "نيويورك تايمز" الأضرار التي لحقت بها "بمليارات الدولارات".
هذا وطالبت صحيفة نيويورك تايمز شركة الذكاء الاصطناعي التوليدي بربليكسيتي إيه آي بالتوقف عن استخدام محتواها بصورة غير قانونية تحت طائلة الملاحقة القضائية، فيما نَفَت الشركة الناشئة ارتكاب أي انتهاك قانوني. واتهمت الصحيفة الشركة باستخدام منشوراتها لتغذية خوارزميتها، وعلى الرغم من التنبيهات والتحذيرات الكثيرة، فإن "محتويات نيويورك تايمز تظهر" في النتائج التي تولدها واجهة "بربليكسيتي إيه آي"، وفق الرسالة. وذكرت الصحيفة أن "شركة بربليكسيتي وشركاءها التجاريين أثرَوا محتواهم عن غير وجه حق، ومن دون إذن، باستخدام منشورات صحافية تطلّب إنجازها جهداً من البحث والكتابة"، وطلبت من الشركة الناشئة التوقف فوراً عن استخدام مقالاتها.