الصحافي اليمني أحمد ماهر... متى ينتهي الكابوس؟

16 يناير 2023
الصحافي اليمني أحمد ماهر (فيسبوك)
+ الخط -

أعلن الصحافي اليمني أحمد عبد الله ماهر (27 عاماً) الإضراب عن الطعام مطلع الشهر الحالي إلى حين تنفيذ مطلبين رئيسين: الأول هو التحقيق في كل الانتهاكات التي تعرّض لها منذ القبض عليه في 26 أغسطس/آب الماضي، والثاني هو حقه في الحصول على محاكمة عادلة ونقله من محبسه لحضور جلسات محاكمته التي تأجلت ست مرات بسبب رفض إدارة سجن بئر أحمد في مدينة عدن (جنوباً) نقله إلى القاعة.
يعمل ماهر في الصحافة منذ 2013. وفي 2016 ركز عمله بشكل أساسي على الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة في محافظة عدن، ليتعرض لهجوم عام 2017 أثناء تغطيته لترحيل مواطنين يمنيين شماليين في محافظة عدن جنوب اليمن.
وقد كان ماهر أحد أكثر الصحافيين نشاطاً في التغطية الصحافية في الجنوب، كما كان ضيفاً متكرراً على الفضائيات العربية معبّراً عن وجهات نظر مناهضة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما يعتقد أنه السبب في إصدار مذكرة توقيف بحقه في 2019. يومها غادر عدن وعاد إليها بعد ثلاث سنوات إثر تشكيل المجلس الرئاسي اليمني.
لكن لم يكن مرحباً بعودته فألقي القبض عليه ليتعرض للاعتقال والتعذيب، مع شقيقه مياس. اختفى الشقيقان لثلاثة أيام، وعندما حاول والدهما التعرف إلى مكانهما رفضت الشرطة الإفصاح عن أيه معلومات، بل قيل له "ابنك (أحمد) إرهابي". ليتبين لاحقاً أن الصحافي محتجز في سجن بئر أحمد في البريقة شمالي عدن، وهو سجن كانت تديره المخابرات الإماراتية، وتديره حالياً قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
قال مياس عبد الله ماهر بعد الإفراج عنه إنّ شقيقه أحمد تعرّض للتعذيب في مركز شرطة دار سعد، وهناك لم يسمح له بأن ينام طيلة 30 ساعة: "أجبره رجال الشرطة على الوقوف، ولم يسمحوا له حتى بالاستناد على الحائط".
عقب ذلك، كان الصحافي ماهر ولمدة أسبوعين يقف ما يقرب من 16 ساعة في اليوم، إذ كانت عملية الاستجواب تستمر من الساعة 10 صباحا حتى 2.30 ليلا، وتترافق مع عمليات تعذيب "ضربوه على الأعضاء التناسلية، وعلى بطنه بالعصي وبأسلاك حديدية مغلفة بالبلاستيك، فأصيب في سرّته وما زال يعاني من النزيف حتى اليوم". 
يذكر مياس، أن شقيقه تعرض للصعق بالكهرباء وإغراق رأسه وسط المياه لمدة طويلة، "كان الجنود يحضرون قطعة ملابس قطنية وتُبلل بالمياه وتوضع على فم وأنف أحمد والضغط عليها من قبل أحد الجنود لبضع دقائق". كما تعرض للإعدام الوهمي، بعد تغطية عينيه وإطلاق النار بالقرب من رأسه لإجباره على تقديم اعترافات عن صلته بالإرهاب والمشاركة في التخطيط لاغتيال اللواء مثنى جواس. كما هدده أحد عناصر الشرطة بقتل طفلته، وقتل والده وشقيقه، وأيضا اختطاف زوجته واغتصابها.
وبعد كل هذه التهديدات والتعذيب أدلى باعترافات مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في سبتمبر/أيلول 2022. 
واستنكرت وقتها نقابة الصحافيين اليمنيين، الأسلوب القمعي الذي تمارسه الجهات الأمنية في عدن ضد ماهر، على خلفية ممارسته للمهنة وتعبيره عن مواقفه وآرائه. كما نددت بأساليب التعذيب التي تعرض لها وإجباره على "الإدلاء باعترافات كاذبة".

وأمام هذه الضغوط استمعت النيابة لأقوال ماهر في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بحضور عناصر الشرطة الذين قاموا بتعذيبه، وردد الصحافي للنيابة ما طلبه منه رجال الشرطة، أي أنه كان يعاني من مشاكل في سرّته لمدة عام أو عامين، وأنه لم يحاول الحصول على العلاج بسبب الكسل.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قام طبيب السجن بفحص الصحافي بعدما كانت معظم علامات الاعتداءات قد خفّت، إلا أن الأدلة على الإصابات كانت واضحة للعيان وقت الفحص، إذ كان هناك "القليل من الدم يتدفق من سرّته" فأوصى الطبيب "بعرضه على اختصاصي لمعرفة سبب النزيف".
قدم محامي الدفاع مازن سلام، طعناً في جميع الإجراءات التي اتُخذت ضد الصحافي أحمد ماهر، باعتبارها مخالفة للقانون الوطني والقوانين الدولية لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وطلب إعادة التحقيق من دون حضور جنود الأمن الذين مارسوا التعذيب بحقه. وأشار سلام إلى أن النيابة في البداية تمسكت بسلامة الإجراءات وحاولت تقديم ماهر للمحاكمة، من ضمن مجموعة من 18 فردا متهمين بتنفيذ عمليات إرهابية، وأضاف: "زعمت النيابة أن ماهر اعترف بينما هو في حقيقة الأمر عذب خلال التحقيق وأجبر على الإدلاء باعترافات، وهذا يخالف الضمانات الدنيا التي تنص عليها المادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على: ألا يكره المرء على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب".
وأكد المحامي أنه تقدم بطعن آخر أمام النيابة العامة، والتي بدورها قبلت الطعن وأمرت النيابة الجزائية المتخصصة بإعادة التحقيق مع ماهر، وهذا ما حصل، إذ قدمت النيابة ماهر للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بتهمة "تفكيك التماسك الاجتماعي وتكدير السلم العام، من خلال منشوراته الصحافية على مواقع التواصل الاجتماعي". وبحسب المحامي، فإنّ ذلك مخالفة قانونية، حيث إن محكمة الصحافة هي المحكمة المختصة بقضايا النشر.

المساهمون