الصحافيات اللبنانيات في الحرب: كل هذه الجبهات

04 نوفمبر 2024
مراسلة التلفزيون العربي جويس الحاج خوري (العربي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتواجد الصحافيات في الخطوط الأمامية لتغطية العدوان الإسرائيلي على لبنان، مثل جويس الحاج خوري التي تواجه تحديات في التوفيق بين عملها وحياتها الأسرية.
- ريف عقيل، مراسلة تلفزيون الجديد، تعمل كمراسلة حربية في قرية رميش، وتواجه مخاطر كبيرة بسبب نقص التجهيزات والتهديدات الإسرائيلية.
- تلعب الصحافيات دوراً مهماً في تغطية تبعات العدوان، مثل زينة برجاوي التي تتابع أحوال النازحين، وتتعرض لضغوط نفسية نتيجة القلق على عائلتها والصدمات المستمرة.

في الشهر الثاني لتصعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان، لا يزال المراسلون والمصوّرون موزعين على مختلف الجبهات في لبنان، سواء في الجنوب أو البقاع أو بيروت وضاحيتها الجنوبية. من بين هؤلاء صحافيات ومراسلات موجودات على خطوط النار، حتى منذ ما قبل التصعيد، أي منذ فتح جبهة الإسناد لقطاع غزة، في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
انتقلت مراسلة التلفزيون العربي جويس الحاج خوري، منذ أكتوبر 2023 إلى القرى الجنوبية لتغطية العدوان على الجنوب، ثم على كامل الأراضي اللبنانية. "منذ منتصف شهر سبتمبر/أيلول 2024 أنا موجودة في بلدة رميش، هنا لا يمكننا التحرّك باتجاه أي بلدة أخرى، والخروج من بلدة رميش يحتاج إلى مواكبة أمنية من الجيش اللبناني، ويقتصر فقط على التوجه إلى بيروت"، تشرح خوري لـ"العربي الجديد". وتضيف: "عام من التغطية كان التحدي الأساسي وما زال، أن نخرج من هذه الحرب سالمين، لكي نعود إلى عائلاتنا التي عانت أكثر منّا من هذا الفراق والغياب المستمر".
تلفت إلى أن الأصعب في هذا العام كان غيابها عن زوجها وأولادها ووالدتها وإخوتها: "نستطيع التأقلم مع عملنا لأننا نعرف طبيعة الأرض، ونستطيع أن نتعامل مع ما يواجهنا، لكن هم يخافون ويقلقون علينا، أولادي يقولون لي (لا نريد أن تموتي)، والدتي في أول الحرب كانت تطلب مني أن أبقى بجانب أولادي".
تعدّد خوري الضريبة التي تدفعها النساء بشكل خاص عند غيابهنّ من منازلهنّ لتغطية هذه الحرب "أحاول التخفيف عن أولادي وأعوض لهم عن غيابي باتصال هاتفي. بعض لحظات الغياب صعبة جداً، لأنك لن تكون حاضراً بلحظاتهم الصغيرة، في حفلة المدرسة، في أعياد ميلادهم، في نجاحهم، طيلة هذه السنة لم أكن بجانبهم وهذا صعب عليهم أكثر منّي، وأن يكون زوجي يحمل كل هذه المسؤولية فهذا تحدٍّ لي وله، والتحدي الأصعب كان في الأسابيع الأخيرة، لأن صار همّه سلامتي وسلامة الأولاد، لكن كل هذه اللحظات الصعبة تتعوض عندما أعود إلى البيت لفترة يومين أو ثلاثة، أحاول أن أكرّس كل لحظة للعائلة، من إعداد الطعام الذي يحبونه".
أما مراسلة تلفزيون الجديد، الصحافية ريف عقيل، فكانت تقدّم البرامج الاجتماعية، ثم انتقلت إلى تقديم الأخبار، لأنه كان بمثابة حلم بالنسبة لها، ومع بداية الحرب تحوّلت إلى مراسلة من أرض الميدان. تقول عقيل لـ"العربي الجديد": بدأت العمل مراسلة حربية من قرية رميش التي تبعد أمتاراً قليلة عن الحدود اللبنانية الفلسطينية، وكان الوضع الأمني صعب جداً، خاصة أنها أول تجربة لي أخوضها في هذا المجال، وكان الخوف مسيطراً بداخلي لأنني لم أخض هذه التجربة، ولم يكن لدي أي خبرة في الأمور العسكرية". 
وتبين أن المخاطر التي يواجهها الصحافي المحلي كثيرة، خصوصاً أنه لا توجد تجهيزات توازي تلك التي يحصل عليها العاملون في الصحافة العالمية والعربية، "كذلك يرى الاحتلال الإسرائيلي أن الصحافي اللبناني عدو له، وممكن في أي لحظة أن يستهدفه".
عقيل بدورها تعاني من غيابها عن عائلتها وابنتيها "في كل مرة وأنا في طريقي إلى الجنوب، أشعر أن من واجبي أن أطلب من زوجي الاهتمام بابنتيّ، مهما حصل"، في إشارة إلى إمكانية استهدافها، أو استهداف أي طاقم صحافي آخر، وهو ما كرره الاحتلال من 13 أكتوبر 2023 عندما استهدف تجمعاً للصحافيين في الجنوب، ما أدى إلى استشهاد مصوّر وكالة رويترز عصام العبد الله.
شبح استهداف الصحافيين يرافق عقيل، حتى عندما تكون في بيتها أثناء الاستراحة بين التغطيات "أحضّر لابنتَي طعاماً لأربعة أيام، ففي حال أصابني مكروه يكون لديهما طعام كاف لأيام مقبلة"، تقول.

لكن للصحافيات، بعيداً عن الجبهة، دور أيضاً في تأمين التغطية لتبعات العدوان. المنتجة في قناة الجزيرة الإنكليزية، زينة برجاوي، تتابع على الأرض أحوال النازحين من قرى الجنوب والبقاع والضاحية، "لا أخاف من الحرب، إلا أن خوفي الحالي على بناتي منعني من أكون في المناطق الخطرة، لكنني حاضرة على الأرض وأقوم بتغطية أحوال النازحين وإجراء المقابلات". تلفت إلى الضغوط النفسية التي يتعرض لها الصحافي في الحرب "أنا أم لكنني لا أستطيع البقاء في المنزل، أنا أقوم بعملي ولكن بحرص، خصوصاً أن بناتي يطلبن مني عدم التوجه إلى المناطق الخطرة، وفي كل مرة أخرج من البيت أرى القلق في عيونهنّ، ببساطة أشعر أنني أسبّب لهنّ قلقاً دائماً رغم ابتعادي عن الجبهة".
الدكتورة والمعالجة النفسية، نورما الحلو بيطار، تؤكد أن وجود الصحافيات في الخطوط الأمامية للقتال أثناء الحرب بهدف نقل الصورة والحدث بواقعية يعرضهنّ للخطر، وبالتالي إلى ضغوط نفسية مباشرة وغير مباشرة، في ظل الصدمات التي يتعرضن لها بشكل دائم.
وتقول إن الصدمات النفسية قد تؤثر فيهن، خصوصاً أن الدماغ يسجل كل الأحداث ويعيشها كأنه يشارك فيها، ما يخلق مشاعر الغضب والخوف والحزن والألم، فينعكس ذلك على محيطهن الاجتماعي.

المساهمون