بعد ستة عقود على رحلة يوري غاغارين، تسعى موسكو إلى تحقيق تقدم جديد على الأميركيين في السباق إلى الفضاء، لكن هذه المرة من خلال سعي الروس لأن يكونوا أول من يصوّر فيلماً خيالياً في مدار الأرض خارج نطاق الجاذبية.
أُوكلت المهمة إلى الممثلة يوليا بيريسيلد (36 عاماً) والمخرج كليم تشيبنكو (38 عاماً) اللذين سينطلقان من قاعدة "بايكونور" الفضائية مع رائد الفضاء أنتون شكابليروف، على متن صاروخ "سويوز"، لبلوغ محطة الفضاء الدولية في الفترة بين 5 و17 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ويتقدم المشروع الروسي بذلك على عمل سينمائي آخر معلن عنه في هذا الإطار لنجم أفلام "ميشن: إيمبوسيبل" توم كروز (58 عاماً)، ومخرج "مستر أند ميسز سميث" دوغ ليمان (55 عاماً). لم يكشف أبطال العمل الأميركي لوكالة "فرانس برس" أي تفاصيل عن الجدول الزمني للمشروع الذي كان مقرراً إنجازه بالتعاون مع "وكالة الفضاء الأميركية" (ناسا) وشركة "سبيس إكس" التابعة للملياردير إيلون ماسك.
وبالتالي يطمح الفيلم الروسي الذي يحمل عنوان "فيزوف" (التحدي أو النداء بالروسية) إلى التقدم على الولايات المتحدة في أحد أبرز مجالات التفوق الأميركي. وكتبت الممثلة يوليا بيريسيلد عبر "تويتر": "نمنا بما فيه الكفاية. فلنصبح أبطال بلدنا!".
وتقول الممثلة الشابة التي تصف نفسها بأنها "وطنية لكن من دون تعصب"، لوكالة "فرانس برس": "أن نكون في الطليعة أمر مهم، لكن أن نكون الأفضل أهم"، آملة في أن يعيد المشروع لموسكو موقعها كأحد أبرز غزاة الفضاء. وتضيف الممثلة "بجمالهم وأجسامهم الرياضية وقدراتهم الفكرية، على رواد الفضاء لدينا العودة إلى احتلال أغلفة المجلات".
ومن بين منتجي الفيلم الروسي رئيس وكالة الفضاء "روسكوسموس" ديمتري روغوزين، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء معروف بمواقفه المناهضة للغرب. ومن الأسماء الأخرى المشاركة في المشروع أيضاً كونستانتين إرنست صاحب قناة "بيرفيي كانال" التلفزيونية الذي يصوّر منذ أكثر من عقدين بعضاً من أهم لحظات الرئيس فلاديمير بوتين من عروض عسكرية وحفلات تنصيب رئاسية ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي.
وكشف روغوزين للإعلام الروسي عن طموحاته في هذا المجال. وقال، منتصف يونيو/حزيران الماضي لصحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الشعبية، إن "السينما لطالما شكلت سلاحاً للدعاية السياسية".
يشكل ذلك لموسكو وسيلة لتسجيل نقاط بعد الإخفاقات الكثيرة التي منيت بها في السنوات الأخيرة على صعيد إطلاق الأقمار الاصطناعية والرحلات المأهولة أو المهمات العلمية، خصوصاً بفعل نقص الابتكار والفساد المستشري.
وكشف ديمتري روغوزين أخيراً أن كروز وليمان اتصلا مطلع العام الماضي بوكالة "روسكوسموس" لتصوير الفيلم، غير أن "قوى سياسية" لم يسمها ضغطت عليهما للتراجع عن مشروع العمل مع وكالة الفضاء الروسية. وقال لـ"كومسومولسكايا برافدا" إنه فهم بعد هذه القصة "أن الكون هو سياسة"، و"من هنا نشأت فكرة ضرورة إنتاج فيلم" روسي.
ولم تُكشف بعد قصة الفيلم الروسي الطويل، لكن وسائل الإعلام أفادت بأنه يتناول مهمة طبيبة أُرسلت على عجل إلى محطة الفضاء الدولية لإنقاذ رائد فضاء. ولا تزال موازنة الفيلم أيضاً طي الكتمان، إلا أن المعيار الوحيد الذي يمكن الاستناد إليه هو أن "وكالة الفضاء الأميركية" كانت تدفع عشرات الملايين من الدولارات للحصول على مقعد في "سويوز".
ولم تفصح يوليا بيريسيلد عن أي معلومات إضافية خلال لقاء أجرته معها وكالة "فرانس برس" في متحف الفضاء في موسكو، بعد حصة تدريبية في مركز تدريب رواد الفضاء الشهير حيث تستعد منذ نهاية مايو/أيار.
تفخر يوليا بكونها تمكنت من تجاوز جهاز الطرد المركزي، وتستعد أيضاً للبقاء في بيئة معادية وللهبوط. ويشكّل الحجم الصغير لموقع تصوير الفيلم الذي يقتصر على نحو 230 متراً مكعباً من القسم الروسي من محطة الفضاء الدولية، تحدياً إضافياً للمخرج الذي سيتولى كذلك بنفسه التصوير والإضاءة وتسجيل الصوت والماكياج.
وتقول الممثلة "سنضطر إلى أن نصوّر في الفضاء أموراً يستحيل تصويرها على الأرض". ولم تحلم يوليا يوماً، هي المتحدرة من عائلة رسام أيقونات، بأن تكون رائدة فضاء، على عكس العديد من الشباب السوفييت. وعندما اختيرت من بين ثلاثة آلاف مرشح، اعترفت بأنها كانت "خائفة". وتؤكد أنها ليست "بطلة خارقة"، موضحة أنها تستمد الأسباب التي تحفزها من الأطفال ذوي الإعاقة الشديدة الذين تدعمهم من خلال مؤسسة "غالتشونوك". وترى الممثلة أن "هؤلاء الأطفال ينبغي أن يؤمنوا بالمستحيل. فحمل الملعقة باليد هو بالنسبة إلى شخص ذي أعاقة بمثابة تحدٍ، كما هو الذهاب إلى الفضاء بالنسبة إليّ".
(فرانس برس)