الرئيس التونسي يصف الإعلام المحلي بالكاذب ويتهمه باستهداف "الاستفتاء الإلكتروني"

11 يناير 2022
الرئيس التونسي لا يعقد مؤتمرات صحافية (الأناضول)
+ الخط -

شن الرئيس التونسي قيس سعيّد، أثناء لقائه مساء أمس الاثنين رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، هجوماً عنيفاً على الإعلام المحلي واصفاً إياه بالكاذب، واتهمه بتزييف الحقائق والاهتمام بالمسائل التافهة وعدم الاهتمام بالقضايا الجوهرية والهامة. وأكد أن "الحرية في تونس يعتبرونها عملية ثلب وشتم وقذف عن طريق وسائل الإعلام"، متهماً وسائل الإعلام بوقوف لوبيات وراءها توجهها وتمولها.

وهاجم الرئيس التونسي تعاطي الإعلام التونسي مع الاستشارة الإلكترونية التي أعلن عنها وتنطلق رسمياً يوم 15 كانون الثاني/ يناير الجاري، وهي استفتاء للتونسيين حول ستة محاور يعتبرها النظام مهمة لرسم معالم المستقبل. وقال مستغرباً: "كلّ يوم يضعون على أعمدة الصحف الاستفتاء الإلكتروني بين معقوفين، لو وضعوا أنفسهم بين المعقوفين لكان أفضل"، وأضاف: "هؤلاء ينطبق عليهم قول مظفر النوّاب يكذب يكذب يكذب كنشرة الأخبار".

وأكد نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين (مهدي) الجلاصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "ليس من دور الرئيس تقييم الإعلام فهناك هياكل مهنية تقوم بهذا الدور ومنها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) وما صرح به الرئيس يعتبر شكلاً من أشكال تسليط الضغوط على الإعلام التونسي الذي يقوم بدوره في طرح المشاكل التي تعيشها البلاد وليس من دوره الانحياز إلى أي طرف، رغم أن التلفزيون الرسمي (العمومي) وعلى عكس الإذاعة الرسمية (العمومية) منحاز لخيارات الرئيس قيس سعيد ويسوق لها".

نقيب الصحافيين التونسيين اعتبر أن قرار منع الأحزاب السياسية المعارضة لتوجهات سعيد والمساندة لها من المشاركة في البرامج التلفزيونية في التلفزيون الرسمي التونسي ليس بالأمر الجديد، فقد تمّ اتخاذه منذ 25 يوليو/تموز 2021 تاريخ إعلان سعيد عن قراراته الاستثنائية بتجميد عمل البرلمان وإقالة حكومة هشام المشيشي. 

الجلاصي أضاف "أن مثل هذه الإجراءات تعتبر تعسفية وتضرب تعددية المشهد الإعلامي التونسي في مقتل وتؤسس لمرحلة التفرد بالرأي وإخراس الأصوات المخالفة". 

من جانبها، اعتبرت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين المكلفة بالعلاقات الخارجية فوزية الغيلوفي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن ما قام به الرئيس التونسي "هجوم مجاني ومتواصل على الإعلام منذ توليه رئاسة الجمهورية".

وأضافت أنّ "الأمر ليس بجديد نظرًا لعلاقته المتوترة بالإعلام ورفضه التعامل معه بشقيه العمومي (الرسمي) والخاص، ولكن هذه المرة أصبح الهجوم معلنا أكثر ومباشرًا، من خلال استحضاره بيتاً شعرياً لمظفر النواب بتعلة أن الإعلام ينشر الشائعات ويزيف الحقائق، وتلك نتيجة حتمية لحجب المعلومة الرسمية الصحيحة ورفض التعامل والتواصل مع الإعلام من قبل الأجهزة الرسمية منذ تولي سعيّد الحكم". 

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وتابعت الغيلوفي: "لكن هذا لا ينفي وجود أجندات سياسية لبعض وسائل الإعلام وتماديها في بث الشائعات والأخبار الزائفة عن عمد". وطالبت الرئيس التونسي بـ"تغيير نظرته للإعلام وأن يفتح المجال أمام الصحافيين لاستقاء المعلومة، ويعقد ندوات صحافية برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وتوضيح المسائل الغامضة، كما على وسائل الإعلام النأي بنفسها عن التجاذبات السياسية وعدم تقديم المعلومة المشكوك في صحتها".

من جانبها، استنكرت منظمة "صحافيون بلا قيود" ومبادرة "الفيدرالية الوطنية للصحافيين التونسيين"، في بيان اليوم الثلاثاء، التعرض للصحافيين، داعيةً لإبعادهم عن التجاذبات والخلافات السياسية، كما حماية العاملين في مجال الصحافة والإعلام خلال القيام بعملهم. 

وعبر البيان عن رفض المنظمة والمبادرة لكلّ محاولات تطويع الإعلام أو التحكم في خط تحرير المؤسسات الإعلامية. كما دعا إلى احترام حرية التعبير والكف عن ملاحقة الصحافيين والمدونين بسبب آرائهم، وتسهيل نفاذ الصحافيين إلى المعلومات.

وحمّل البيان رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة القائمة مسؤولية سلامة الصحافيين. ودعا رئيسة الحكومة للتراجع عن المرسوم الذي وجهته إلى الوزراء وكتاب الدولة المتعلق بالتنسيق مع مصالح الاتصال برئاسة الحكومة بخصوص شكل ومضمون كل ظهور إعلامي، والامتناع عن الحضور والمشاركة في القنوات التلفزية والإذاعات التي ترى أنها مخالفة للقانون.

يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد دائم الانتقاد للإعلام التونسي، حيث يرفض الإدلاء بحوارات صحافية ولا يعقد ندوات صحافية، كما يرفض تعيين ناطق رسمي باسم الرئاسة التونسية، ما صعب عمل الصحافيين التونسيين والمراسلين الأجانب، الذين يعجزون عن الوصول إلى المعلومة في ظل رفض الرئاسة التونسية مدّهم بها.

المساهمون