قبل سنوات، لم يكن وارداً أن تتحول اللهجة اللبنانية إلى "ضرورة" لا يمكن الاستغناء عنها في مسلسلات مصورة، تُعرف بإنتاجات الدراما المشتركة.
خلال الأعوام السابقة، دُبلجت المسلسلات التركية باللهجة السورية، واستطاعت أن تتخطى الحواجز عبر العالم العربي، وتصبح لهجة معروفة في البيوت، وحققت بذلك الدراما التركية نسبة انتشار واسعة، وما زالت حتى اليوم من أكثر الإنتاجات مبيعاً وعرضاً على المحطات العربية عموماً.
لكن، قبل سنوات، قرّرت هيئة الإنتاج في المملكة العربية السعودية النزوح نحو تركيا، وتصوير مسلسلات معروفة في تركيا، بفريق كامل من الممثلين العرب. إلى يومنا هذا، نُفذ أكثر من عشرة مسلسلات تناولت حكايات اجتماعية، هويتها في الظاهر لبنانية، لكن ضمنياً هي مسلسلات تعتمد على فريقين من الممثلين؛ السوريين واللبنانيين. ويبدو أن النجاح كان محفزاً للاستمرار بهذا النوع من الإنتاج الذي يعود بالفائدة على الطرفين، سواءً للجهة التركية، أو للجهة المنتجة التي تعرض هذا النوع من الأعمال الدرامية، وتحقق نسبة مشاهدة عالية.
في تركيا، تُصوّر هذه المسلسلات. من آخر هذه الأعمال، مسلسل "كريستال" الذي يُعرض حالياً، وتلعب بطولته مجموعة وجوه لبنانية وسورية، أبرزها الممثل محمود نصر وباميلا الكيك، وستيفاني عطالله ولين غرة، وخالد شباط.
اللافت، في هذا السياق، كان دخول لين غرة إلى اللهجة اللبنانية كونها تجسد دور ابنة ناطور الفيلا، مع شقيقاتها الثلاث، وتتحدث بلهجة لبنانية جيدة، رغم أنها المرة الأولى التي تلعب فيها دور لبنانية.
لم تسلم لين غرة من انتقادات واسعة من السوريين حول دورها الأخير في "كريستال"؛ إذ طالبها بعضهم بالاعتذار، وقال آخرون إنه كان بإمكانها اختيار أي دور في المسلسل يظهرها بهويتها السورية، لكنها لم تفعل، لترد قبل يومين بأنها ممثلة عربية وتحترم جميع البلدان، وعملها كممثلة يفرض عليها التحدث بأي لهجة كانت، بحسب هوية أو جنسية المسلسل. المُستغرب، هنا، أن الجمهور يطالب الممثل بالدور الذي يريده، وكأنّ ليس هناك مخرج للعمل، يختار ما يتناسب ورؤيته.
بدوره، لا يقل الممثل السوري الشاب خالد شباط عن غرة في شيء، إذ يجسد دور باسل الذي يعاني صحياً منذ طفولته. ويمكن القول إن شباط يبدع في الدور المنسوب إليه، ويحاول قدر المستطاع التغلب على لهجته الأم كونه يلعب دور شخصية لبنانية، ويتحدث بطلاقة واضحة بهذه اللهجة.
لم يؤثر خيار الممثل السوري في عبور ودخول الدراما اللبنانية، على العكس فتح أمامه آفاقاً جديدة، تماماً كما هو الحال بالنسبة للممثل السوري جمال سليمان، الذي تخطى إطار الاحتراف في مصر حيث مقر إقامته، وكذلك الممثل مكسيم خليل الذي نجح أيضاً باللهجة المصرية في أكثر من عمل عرض في القاهرة، وكذلك يحسب لباسل خياط دخوله عالم الدراما المصرية بلهجة أهلها، وتحوله إلى نجم تتنافس عليه شركات الإنتاج؛ فأدى بعض الأدوار التي جعلته من أبرز ممثلي جيله في الدراما المصرية، وبعدها تحول إلى ممثل في الدراما المشتركة، ومنها مسلسله الأخير "الثمن" .