لا تزال الدراما العربية تواجه تحديات كثيرة، أبرزها ندرة الكتّاب، إضافة إلى خضوعها للمحسوبيات والمصالح الضيقة والخاصة. لم يحمل عام 2022 أي تقدم يذكر على صعيد الأعمال الدرامية، لا في القاهرة، ولا في دمشق، ولا حتى في ما يعرف بالدراما العربية المشتركة.
أكثر من 86 عملاً درامياً أنتجت عام 2022، منها ما كان مخصصاً للمنصات الرقمية، وبعضها مخصص لموسم الدراما الرمضاني.
نالت الدراما العربية المستنسخة عن الدراما التركية مساحة أوسع، والسبب هو إصرار المنتج السعودي على تقديم هذا النوع من الأعمال الدرامية لأسباب تسويقية، تمكنت من تحسين نسبة المشاهدة على المنصّات بداية، وحصد نسبة جمهور عبر المحطات التلفزيونية.
لم تشهد بداية العام الحالي إنتاجات جيدة، بل ظلت عادية، حتى بلوغ موسم الدراما في رمضان، وحشد مجموعة لا بأس بها من المسلسلات.
لم تقدم القاهرة ما يستحق أن يصنف في خانة التفوق. مجرد أعمال اعتمدت على الأجزاء اللاحقة، منها "جزيرة غمام" و"الاختيار" و"الكبير أوي". مسلسلات حققت نسبة جيدة من المتابعات، فيما أحرز مسلسل "بطلوع الروح" لكاملة أبو ذكري المؤلف من 15 حلقة، تقدماً جيداً لجهة طرح مواضيع وقضايا دقيقة، كالتجنيد في "داعش"، ما بين مدينة الرقة السورية، وتركيا، في أداء جيد لإلهام شاهين ومنّة شلبي وأحمد صلاح السعدمي، إضافة إلى تقديم محمد حاتم دوراً لافتاً.
في الدراما السورية هناك ثلاثة مسلسلات، رغم اختلاف مستوى تنفيذها، حازت على تقييم جيد، وأعادت الضوء إلى الدراما السورية بشكل مقبول. في "مع وقف التنفيذ"، لعلي وجيه ويامن حجلي، وإخراج سيف الدين سبيعي، محاولة جديدة من الثلاثي المنفذ لتقديم محتوى درامي جيد لا يعلو عن سقف الدراما السورية الذي يراعي أصول اللعبة والأداء لدى الممثلين (فادي صبيح وشكران مرتجى وسلاف فواخرجي وعباس النوري). ولم يغب مسلسل "كسر عظم" (إخراج رشا شربتجي) عن المراتب الأولى، في طرح آخر للوضع السوري القائم، بتفاصيل خاصة، كتبها علي معين صالح، وجسد دور البطولة فيها فايز قزق (الحكم) في واحد من أفضل الأدوار التي قدمها، إلى جانب كاريس بشار، ونادين تحسين بيك، وعدد من الممثلين الخريجين، منهم يزن خليل. ممثلون ظهروا كمؤدين، رغم معاناة المخرجة شربتجي مع الوقت، واستمرارها بالتصوير حتى الأيام الأخيرة من رمضان.
بدورها، استطاعت الممثلة أمل عرفة إحراز تقدم واضح في مسلسل "شرف" الخاص بالمنصات (إخراج مجيد الخطيب وكتابة ديانا جبور)، فكان بمثابة "وجبة" فيها من المحتوى ما يليق بالدراما من نص وسيناريو، ولقطات وطرح درامي مؤثر، وفريق ممثلين بشكل عام. فيما أدى الممثل السوري الشاب جوان خضر دوره بإتقان، ما مهد له لبلوغ الصفوف الأمامية بين أبناء جيله.
في الأعمال المُشتركة، كان الغياب سيد الموقف، ولم يخرج إلى الضوء إلا مسلسل "للموت" في جزء ثان، من كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر. حقق العمل نسبة جيدة من المشاهدة، خصوصاً مع جهود المخرج في إدراج بعض الأحداث والوجوه الجديدة، مثل ليليان نمري التي لعبت واحداً من أصعب الأدوار، رئيسة لعصابة من الأطفال.