استمع إلى الملخص
- تكرار نمط البطل الخارق في الدراما السورية، كما في أعمال تيم حسن وغيره، يعكس تحدياً في تقديم شخصيات وقصص تلامس واقع وهوية المشاهد السوري والعربي.
- الحاجة إلى دعم الأفكار الجديدة والخروج من نمطية الإنتاج الدرامي المحدود، خصوصاً في ظل الإمكانيات الكبيرة لاستلهام قصص من الواقع السوري والتاريخ العربي، لإنعاش الدراما السورية بمحتوى متنوع ومعبر.
لا يمكن تقييم نجاح المسلسلات السورية بناءً على نسب المشاهدة حصراً، فهذه النسب عاملٌ أساسي بطبيعة الحال، لكنها ليست الوحيدة، خصوصاً في ظل اتجاه شركات إنتاج عدة إلى استنزاف الأفكار وإعادة تدوير التجارب الناجحة، بعيداً عن المحتوى الدرامي الجيد أو المختلف. شهدت السنوات السابقة إنتاجات سورية أو مشتركة مكررة، تتمحور حول البطل الذي لا يقهر.
بدأت هذه الموجة مع الجزء الأول من مسلسل "الهيبة" الذي عُرض في رمضان 2017 (إخراج سامر برقاوي وفكرة الكاتب السوري هوزان عكو)، مع الممثل السوري تيم حسن. سريعاً تحوّل العمل إلى ظاهرة، بأجزائه الخمسة، وتحوّل تيم حسن إلى نجم مطلق. ورغم انتهاء عرض "الهيبة"، كرّر تيم حسن دور البطل الخارق، في المسلسلات اللاحقة، مثل "الزند، ذئب العاصي" (رمضان 2023)، ثمّ "تاج" (رمضان 2024)، وها هو المنتج اللبناني صادق الصبّاح (شركة سيدرز آرت برودكشن) يعلن في تصريح له، أن تيم حسن سيقدّم عملاً "سوريّ الهوية" عام 2025. فهل تضع الشركة اللبنانية، نجومية حسن على المحك، خصوصاً بعد عجز "الزند، ذئب العاصي"، و"تاج" عن تحقيق الحالة الجماهيرية التي حققها "الهيبة" بأجزائه المختلفة؟
صورة هذا البطل انتقلت إلى أعمال أخرى، وممثلين آخرين غير تيم حسن. لنأخذ على سبيل المثال مسلسل "العربجي" (كتابة مؤمن الملا وعثمان جحا، إخراج سيف الدين سبيعي، إنتاج شركة غولدن لاين). حاول العمل خلال جزأين تقديم قصة ثائر (العربجي/ باسل ياخور) في وجه الاستعمار الفرنسي لسورية. تدور أحداث القصة بين الخير والشر، متمحورة حول شخصية فشلت في تكوين هوية واضحة، لتنتقل في فلك ساذج وكرتوني، وسط أحداث غير مبررة تحصل بين أفراد العائلة الواحدة التي تعمل في تجارة القمح، بحسب رؤية وتصور الرواية.
حالياً يبدو أن سيف رضا حامد يكتب سيناريو لمسلسل شبيه، مستوحى من البيئة الشامية في مسلسلي "سوق الحرير" و"سلاسل دهب". المسلسل الجديد يحمل عنوان "السبع ابن الجبل" وهي تسمية غير نهائية، والواضح أنها إعادة تدوير لشخصية "العربجي"، إذ يتردد اسم باسل ياخور أيضاً لتأديتها، لتحقيق نجاح متوقع، رغم أن الشخصية الأساسية في مسلسل "العربجي" نفسه لم تترك أثراً حقيقياً عند الجمهور، عكس شخصية "جبل شيخ الجبل" في مسلسل "الهيبة".
بين الماضي والاستعمار وبين مسلسلات البيئة الشامية وثبات الممثلين السوريين على نمط محدود في الدراما الخاصة بمواسم رمضان من كل عام، أسئلة كثيرة تُطرح حول رعاية الأفكار الجديدة للكتاب الشباب، والخروج حتى من نمطية الكاتب أو المخرج الواحد، المحسوب على شركة أو منتج ما، ومحاولة إنعاش الدراما السورية بما يتماشى مع أنواع المسلسلات التي تستحق المتابعة وتحقق النجاح، خصوصاً أن سنوات الحرب السورية، يمكن أن تنتج عشرات الأفكار الاجتماعية الحقيقية التي تلامس واقع المواطن السوري، بعيداً عن بطولات وهمية، وصراعات لا يجد فيها السوري أو العربي ما يشبهه.