الحيوانات ذات الدم البارد تتميّز بشيخوخة بطيئة

24 يونيو 2022
تعتبر السلاحف من الحيوانات المعمّرة على الأرض (جيانلويجي غارسيا/ فرانس برس)
+ الخط -

تدفع درجة الشيخوخة المتدنية التي لوحظت لدى الأنواع التي تتميّز بالدم البارد، على غرار السلاحف، إلى إعادة النظر، بحسب دراستين نُشرتا أمس الخميس، في الاعتقاد السائد بأنّ التدهور البيولوجي التدريجي الذي يؤدّي إلى نفوق الحيوانات أمرٌ لا مفرّ منه.

وقال المشارك في إعداد إحدى الدراستين المنشورتين في مجلة ساينس المرموقة ديفيد ميلر إنّ هذه المسألة لم تُدرس بشكل وافٍ يتجاوز حالات معينة، كذكر السلحفاة جوناثان الذي يبلغ من العمر 190 سنة.

وأشار ميلر، وهو باحث في علم البيئة لدى جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، إلى أنّ العلماء ركّزوا على دراسات قارنوا فيها بشكل كامل السلاحف بالعصافير وحيوانات أخرى تعيش في الطبيعة، وأضاف: "لكنّ المعلومات التي نعرفها عن البرمائيات والزواحف يأتي بعضها من دراسات أجريت على أنواع معينة، وجزء منها بفضل أبحاث خضعت لها أنواع أخرى".

وفي عمله البحثي، تولّى ديفيد ميلر جمع بيانات تابعة لأعمال بحثية ميدانية وطويلة الأمد شملت 107 مجموعات من 77 نوعاً برياً، من بينها سلاحف وبرمائيات وثعابين وتماسيح.

بيانات حول عمر الحيوانات

وفّرت هذه الدراسات من خلال تحديد أنواع من الحيوانات تمّت متابعتها على سنوات عدّة، تقديراً لمعدل نفوقها.

وجمع الباحثون بيانات محورها عمر الحيوانات بعد نضجها جنسياً، وتوصّلوا مستخدمين وسائل إحصائية إلى تحديد معدلات الشيخوخة وطول العمر، وهو ما يشير في هذه الحالة إلى العمر الذي يكون قد نفق فيه 95% من أعداد النوع الذي يخضع للدراسة.

وقالت عالمة الأحياء في جامعة نورث إيسترن الأميركية والمعدة الرئيسية للدراسة بيث رينكه: "وجدنا أمثلة على الحد الأدنى لدرجة الشيخوخة".

ومع أنّ هذه المعدلات كانت مُنتظرة لدى السلاحف تحديداً، إلّا أنّ نتائج مماثلة ظهرت لدى نوع واحد من كل مجموعة من الحيوانات التي تتميّز بالدم البارد، ومن بينها الضفادع والتماسيح.

وأشارت الباحثة إلى أنّ "الدرجة الأدنى للشيخوخة لا تعني أنّ الحيوانات لن تنفق"، بل تشير إلى أنّ احتمال نفوقها لا يرتفع مع تقدّمها في السن.

درجة الحرارة أهم من الأيض

تولّت معاهد الصحة الوطنية الأميركية تمويل الدراسة التي تسعى للتوصّل إلى فهم أفضل لشيخوخة الكائنات الخارجية الحرارة، والتي غالباً ما تُصنّف على أنّها كائنات تتميّز بـ"دم بارد"، ثمّ تطبيق المعطيات على البشر المعروفين بأنّهم كائنات داخلية الحرارة.

ولطالما اعتقد العلماء أنّ الكائنات الخارجية الحرارة تشيخ ببطء أكثر من تلك المصنّفة داخلية الحرارة، بسبب اعتمادها على البيئة لتعدّل درجة حرارتها، ما يساهم في إبطاء عملية أيضها، عكس الكائنات الداخلية الحرارة التي تتولى إنتاج حرارتها الخاصة وتتمتّع بعملية أيض أسرع من تلك الخاصة بالكائنات خارجية الحرارة.

وأظهر هذا الرابط صوابية لدى الثدييات، إذ إنّ الفئران تتمتّع مثلاً بعملية أيض أسرع من تلك الخاصة بالبشر بالإضافة إلى متوسط عمر أقصر.

لكن الدراسة الجديدة أظهرت، على عكس ما كان يُعتقد سابقاً، أنّ معدل الأيض لا يشكّل العامل الأساسي في عملية الشيخوخة.

وأتاحت نتائج دراسات أخرى التوصل إلى أدلّة بديلة لا يزال يتعيّن إخضاعها لدراسات.

ومن خلال رصد متوسط درجة الحرارة لدى أحد الأنواع بدلاً من تتبّع معدّل الأيض، توصّل معدو الدراسة إلى أنّ أنواع الزواحف التي تتمتّع بأعلى درجات حرارة تشيخ أسرع من الأنواع الأخرى، بينما تشيخ البرمائيات، وهي الأنواع ذات درجات الحرارة الأدنى ببطء أكبر.

منافع للبشر

أشارت الدراسة إلى أنّ الحيوانات التي تتمتع بمكوّن يوفر لها الحماية كقوقعة السلاحف أو تلك التي تنتج مواد سامة كبعض البرمائيات، تعيش لفترة أطول من الحيوانات التي لا تتميّز بأحد هذين العاملين.

وقال ديفيد ميلر "إنّ هذه الميزات تتيح للحيوانات أن تعيش لفترة أطول، وتسمح لعملية تطوّرها أن تتقدّم بطريقة تبطئ شيخوختها لتتمكّن هذه الكائنات من البقاء بحال جيدة حتّى لو امتنعت عن تناول الطعام".

أما الدراسة الثانية المنشورة الخميس والتي تولّاها فريق من جامعة جنوب الدنمارك إلى جانب مختبرات أخرى، فوفّرت نتائج تمّ التوصل إليها بعد تطبيق نهج عمل مماثل على 52 نوعاً من السلاحف البرية والبحرية ضمن مجموعات تابعة لحدائق حيوانات.

وتوصّل العلماء إلى أنّ 75% من بين هذه الأنواع أظهرت درجات متدنية من الشيخوخة.

وكتب الباحثان ستيفن أوستاد وكايلب فينش في مقالة علّقا فيها على دراستهما: "إذا توصّلت بعض الأنواع إلى إبطاء شيخوختها وقدّمت دراسات في هذا الشأن نتائج تنطوي على فهم الآليات الخاصة بإبطاء الشيخوخة، يمكن لصحة البشر وطول عمرهم أن يتأثّرا إيجاباً".

وأشار الباحثان إلى أنّ المشاكل الصحيّة المرتبطة بالعمر تزيد لدى بعض الأنواع رغم تمتّعها بمعدل نفوق لا يرتفع مع التقدم في السن.

وأضافا أنّ ذكر السلحفاة جوناثان البالغ من العمر 190 سنة "أصبح حالياً أعمى وفقد حاسة الشم ويتلقّى مساعدة لتناول الطعام".

(فرانس برس)

المساهمون