التكنولوجيا إذ تساهم في حمايتنا من الزلازل

12 سبتمبر 2023
سباق بين سرعة انتقال إشارات الهاتف وسرعة الزلزال (بولنت كيليك/ فرانس برس)
+ الخط -

خلال أشهر قليلة عرف العالم العربي زلزالَين مدمّرَين: الأول هو ذاك الذي ضرب سورية وتركيا في فبراير/ شباط الماضي، والثاني هو زلزال المغرب الذي لا تزال حصيلة ضحاياه وأضراره النهائية غير واضحة حتى الساعة، مع محاولات فرق الإنقاذ الوصول إلى من بقي من العالقين تحت الأنقاض.
ومع كل زلزال بهذا الحجم، تخرج أخبار وتحليلات على مواقع التواصل ووسائل الإعلام، تستعيد أحاديث و"تنبؤات" لعلماء، يفترض أنهم تنبأوا بالكارثة المقبلة، رغم أن الجيولوجيين أكدوا مراراً أن هذا النوع من استشراف المستقبل مستحيل ونوع من أنواع الدجل العلمي.
لكن بعيداً عما سبق، قد تلعب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي دوراً في خفض عدد الضحايا وإنقاذ الأرواح. لنعد إلى 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، إلى كاليفورنيا الأميركية تحديداً، التي عرفت يومها هزة أرضية بقوة 5.1 درجات على مقياس ريختر، وهي طبعاً أقل عنفاً من أي زلزال مدمّر. لكن المهم في هذا اليوم، هو أنّ كل السكان تلقوا قبل الهزة الأرضية، تنبيهات على هواتفهم.
كيف حصل ذلك؟ طوّرت "غوغل" بالتعاون مع هيئة المسح الجيولوجي الأميركية USGS وباحثين من جامعات كاليفورنية عدة، نظام تنبيه مبكر يبلغ المستخدمين بحصول هزة أو زلزال قبل بضع ثوان من وقوعها. إذ تظهر نافذة تنبيه قصيرة على الهواتف قبل ثوان من وقوع الهزة/ الزلزال، لكنه وقت كاف لاتخاذ تدابير الوقاية العالمية التي تخفف الضرر عند حصول كارثة مشابهة مثل الاختباء تحت طاولة أو مكتب. يمكن أيضًا أن تكون هذه الفترة كافية لتباطؤ قطارات السكك الحديدية، ومنع الطائرات من الإقلاع أو الهبوط، ومنع السيارات من دخول الجسور أو الأنفاق، بحسب ما يقول موقع "بي بي سي أفريقيا". وبالتالي، يمكن أن ينقذ هذا النظام الأرواح في حالة وقوع زلازل عنيفة أخرى.
استخدم هذا النظام بيانات من مصدرين. في البداية، اعتمد النظام على شبكة تضم 700 مثبت زلزالي - أجهزة تكتشف الهزات الأرضية - تم تثبيتها في جميع أنحاء الولاية من قبل علماء الزلازل من USGS ومعهد تكنولوجيا كاليفورنيا وجامعة بيركلي، بالإضافة إلى حكومة الولاية. لكن "غوغل" أنشأت أيضًا أكبر شبكة عالمية لاكتشاف الزلازل من خلال هواتف الجمهور العام. معظم الهواتف الذكية التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد من "غوغل" مزودة بمسارات التسارع المدمجة، وهي الأدوات التي تكتشف حركة الهاتف. غالبًا ما يتم استخدام هذه المسارات لتوجيه الهاتف لتدوير شاشته من وضع العرض إلى وضع الأفقي عند الميل، على سبيل المثال، وتسمح أيضًا بتوفير معلومات حول عدد الخطوات لتطبيق متابعة اللياقة البدنية المدمج من "غوغل".
وهذه المستشعرات تعمل في مختلف المناطق في العالم. إذ إنها حساسة بشكل مدهش ويمكن أن تعمل أيضًا كجهاز مثبت زلزالي صغير. قدمت الشركة وظيفة تسمح للمستخدمين بالسماح لهواتفهم بإرسال بيانات تلقائيًا إلى نظام تنبيه الزلازل Android Earthquake Alerts System، إذا اكتشف جهازهم اهتزازات قياسية للموجات الأولية (P) للزلزال. من خلال دمج بيانات الآلاف أو حتى الملايين من الهواتف الأخرى، يمكن للنظام تحديد ما إذا كان هناك زلزال وفي أي مكان. ثم يمكنه إرسال تنبيهات إلى الهواتف الموجودة في المنطقة التي من المحتمل أن تتأثر بالموجات الزلزالية، مما يوفر تنبيهًا مبكرًا.
ونظرًا لأن إشارات الراديو تسلك مسارها بسرعة أسرع من الموجات الزلزالية، يمكن أن تصل التنبيهات قبل بدء الهزات في المناطق البعيدة عن مركز الزلزال.

قبل أشهر، شرح مهندس البرمجيات في "أندرويد" مارك ستوغايتيس هذه التقنية قائلاً: "نقوم أساسًا بسباق بين سرعة الضوء (وهي بالتقريب سرعة انتقال إشارات الهاتف) وسرعة الزلزال. ومن حسن حظنا أن سرعة الضوء أسرع بكثير!". وكشف أن النظام التنبيهي للزلازل متاح الآن في أكثر من 90 دولة.
نظرًا لأن معظم البيانات مقدمة من قبل المجتمع، تفتح هذه التكنولوجيا الباب أمام رصد الزلازل في مناطق لا تحتوي على شبكات واسعة من مثبتات الزلازل عالية التكلفة. وهذا يعني أنه يمكن تقديم تنبيهات للزلازل في مختلف مناطق العالم.
على نطاق أوسع، من بين ما يقارب من 16 مليار هاتف جوال يتم استخدامه في العالم، يتمتع أكثر من ثلاثة مليارات بنظام أندرويد. لكن لا تزال قدرة هذا النظام محدودة بشكل أو بآخر، خصوصاً في المناطق النائية حيث ينخفض عدد  مستخدمي الهواتف.

المساهمون