الإعلام السوداني... مصير مظلم بعد الانقلاب

31 أكتوبر 2021
استجاب صحافيون لمطالب العصيان المدني (فوك فالتيشك/ Getty)
+ الخط -

تواجه وسائل الإعلام السودانية، منذ الانقلاب العسكري في البلاد، الإثنين الماضي، جملة مصاعب حالت بينها وبين بعضها في مواصلة تقديم خدماتها للمتلقين.

على صعيد الصحافة السودانية الورقية، فمنذ الثلاثاء الماضي، اليوم الثاني من الانقلاب، احتجبت جميع الصحف، عقب صدور بيان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بإعلان حالة الطوارئ وحل الحكومة، وذلك لسببين:

الأول عدم رغبة عدد كبير من الصحافيين في العودة إلى العمل، واستجابةً منهم لدعوات الإضراب العام، والعصيان المدني المناهضة للانقلاب، والتي تحظى باستجابة عدد من القطاعات المهنية والنقابية الأخرى.

أما السبب الثاني المانع لصدور الصحف ومعانقتها القراء، فهو قطع الاتصالات الهاتفية في الأيام الأولى، والاستمرار في قطع خدمات الإنترنت حتى الآن، عدا مشكلات إغلاق الطرق والكباري والجسور، إما بواسطة سلطات الانقلاب، أو بواسطة الثوار المناهضين له، فيما يتوقع صدور صحف قريبة من معسكر العسكر غداً الإثنين أو بعد غد الثلاثاء.

وكانت سلطات الانقلاب العسكري قد داهمت قبل أيام مقر صحيفة "الديمقراطي" بمنطقة الخرطوم بحري، وأبقت عليه حراسة أمنية، وذلك عقاباً للصحيفة نتيجة مواقفها المساند بقوة للحكم المدني ومقاومتها للانقلاب، قبيل تنفيذه بأيام.

وأعطت الواقعة مؤشراً لتوجهات الانقلابيين في الفترة المقبلة وطريقة تعاملهم مع الإعلام، بإعادة أساليب وممارسات خبرها الصحافيون في نظام الرئيس المعزول عمر البشير، خلال 30 سنة من عمر نظامه.

واعتمدت هذه الممارسات على التضييق على الصحافة بالمصادرة والمراقبة القبلية والبعدية، واعتقال الصحافيين، ومنعهم من الكتابة.

ويقول رئيس تحرير صحيفة "السوداني"، محمد مختار، إن الصحف الورقية وبخلاف المسائل اللوجستية فإن من الراجح أن تواجه ضغوطاً متنوعة من الانقلاب، ومحاولات لتكميمها، لا سيما إذا لم تنفرج الأزمة السياسية الحالية، ولم يستعد الحكم المدني.

وأضاف مختار لـ"العربي الجديد" أن قطع خدمة الإنترنت، وعدم توفر وسائل النقل العامة، سيحولان دون صدور كل الصحف الورقية، خاصة أنه ومنذ أزمة فيروس كورونا ظل 50 بالمائة من الصحافيين يعملون من منازلهم نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة وتدني رواتبهم.

بشأن التلفزيون والإذاعة الحكوميين، فقد وقعا تحت سيطرة ضباط الجيش في الأيام الأولى للانقلاب، قبل إصدار قائد الجيش قراراً بعزل المدير العام للهيئة القومية للتلفزيون، لقمان أحمد، وتعيين إبراهيم البزعي مديراً للتلفزيون، والطيب قسم السيد مديراً للإذاعة.

وتلقت قنوات حكومية أخرى مركزية وولائية أوامر من سلطات الانقلاب بوقف بث أي برامج خاصة بها، والانضمام لبث التلفزيون الحكومي، أو الاكتفاء ببث الأغاني الوطنية.

بينما فضّلت القنوات الخاصة عدم بث أي برامج، مثل "سودانية 24" و"الهلال"، لذات أسباب العصيان المدني وقطع خدمات الإنترنت والهواتف.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويؤكد مصدر في قناة النيل الأزرق، فضّل حجب اسمه، أن القناة ترتب للعودة إلى المشاهد ببرمجة تعكس فيها الواقع الحالي بكل حيادية واستقلالية ومهنية وتوزان، وأنها لن تقبل بأي تأثير من أي جهة، وإلا ستضطر لوقف البرمجة والعودة للوضع الحالي ببث الأغاني الوطنية فقط.  

أما وكالة الأنباء الحكومية، فقد توقفت خدماتها الإخبارية منذ الإثنين الماضي، وأمس السبت، أصدر قائد الانقلاب قراراً بإقالة مديرها العام محمد عبد الحميد وتعيين الصحافية فكرية أبا يزيد، في مكانه.

ويشار إلى أن أبا يزيد تم إنهاء خدماتها قبل شهر بواسطة لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، وهي لجنة شكلتها الحكومة المقالة لتصفية تمكين نظام الرئيس المعزول عمر البشير في مؤسسات الدولة.

ويعوض السودانيون غياب وسائل إعلامهم المحلية أو سيطرة الانقلابيين عليها باللجوء إلى قنوات التلفزة الدولية، بينما يجتهد بعضهم في الحصول على خدمات الإنترنت من أي مصدر، لمتابعة ما يجري في وسائط التواصل الاجتماعي والبحث عن الحقائق بعيداً عن إعلامهم المحلي. 

المساهمون