الأغاني المصورة بطابعها السينمائي

05 ابريل 2022
أصبحت أغنية My Heart Will Go On أيقونة غنائية وسينمائية (محمد لونّاس/Getty)
+ الخط -

نذكر جيدًا كيف أصبحت أغنية My Heart Will Go On، التي أدتها الكندية سيلين ديون عام 1997، أيقونة في عالم الموسيقى والسينما، بعد تقديمها لتكون الأغنية الرئيسية لفيلم "تايتانيك" الشهير، للمخرج الكندي جيمس كاميرون.
خصوصية الحديث عن هذا المثال تمنحنا فرصةً لتسليط الضوء على الأعمال الغنائية المصورة بقالب سينمائي، أو جرى تنفيذها أو تركيبها بطابع سينمائي. ليس للأمر ارتباط حصري بشكل محدد من السينمات. فهناك أفلام الرسوم المتحركة والأبطال الخارقون، والدراما الرومنسية، وغيرها من أشكال تتوظف لخدمة الأغنية ونصها الشعري، خروجًا عن الشكل الشائع في تصميم الفيديو كليب. تُحصر الأغنية، غالباً، بتقديم المغني/ة، كبطل/ة لموضوع العرض وفكرته. فاختيار مقاطع سينمائية شهيرة جاهزة تلبي أدوات الأغنية، عربيةً كانت أم أجنبية، هو في ذاته يكون نموذجًا ناجعًا لمخاطبة سوق العرض والجمهور.


توجد بين النص الغنائي والحركة البصرية مساحة متوازية، لجهة توليد العواطف والمشاعر لدى المستمع والمشاهد. الأغنية، بمضمون شعري سردي، والصورة بمضمون شكلي، طرفان متعادلان في تكثيف عملية التذوق، والولوج إلى خيالات وأحاسيس دفينة وأخرى عائمة. هذه مساحة يستثمرها عديد من مشاهير الغناء في العالم. المغنية الأسترالية سيا طرحت أغاني عديدة، استلهمت من أفلام الأنيميشن والرسوم المتحركة، كأغنية One Plus One وأغنية Fly Me To The Moon. وكذلك فرقة الروك الأميركية Imagine Dragons، التي طرحت مجموعة من الأغنيات المصورة تحمل النموذج ذاته، مثل أغنية Wrecked وBirds، وأحدثها أغنية J.I.D Enemy، المستوحاة من مسلسل الأنيميشن الياباني Arcane، الذي بث أخيرًا على شبكة "نتفليكس".


لا شك أنّ خيار الشريط السينمائي وإدخاله إلى خط الفيديو كليب لهما فوائد إنتاجية وتجارية تضاف إلى قائمة العرض والطلب. الاستثمار فيه يتعدى مسائل التركيب والمونتاج والمكساج، لتسهيل عملية التنفيذ، وتجاوز لمتطلبات الصناعة وتكاليفها الباهظة من وقتٍ وكادرٍ ومغنين واستعراضيين. هذه أسباب كافية لتتطرق شركات الإنتاج الموسيقي، والمغنون والفرق الموسيقية، لهذه النماذج في أعمالها، وتوليها أهمية توازي أهمية إنتاجاتهم الأخرى.
وعلى صعيد آخر، إذا قمنا بعملية بحث على وسائل التواصل الاجتماعي، فسنجد أسرابًا من الفيديوهات والمقاطع الغنائية المركبة، وهي حالة نشطة منذ نحو عقدين من الزمن، انطلقت مع انطلاق عمل منصة "يوتيوب". هكذا، درجت مهن ووظائف جديدة خاصة بالمنصة بعد شهرتها العالمية، وعلى أثر ذلك، تعرف العالم على ما يعرف بصانع المحتوى، أو اليوتيوبرز، ممن لديهم قنواتهم وصفحاتهم الشخصية الخاصة، والتي عادة ما تكون نشطة وذات جماهيرية كبيرة على الموقع.
وهؤلاء، بدورهم، كانت لهم اليد الطولى بصنع وتركيب أغانٍ تحاكي نماذج سينمائية مختارة بعناية، بهدف التأثير والجذب لمنصاتهم الخاصة. ولعلّ أول الفيديوهات المركبة التي انتشرت في العالم العربي خصوصاً، أغنية "آسف حبيبتي" لراغب علامة، التي جرى دمجها مع مقاطع من أفلام هندية كانت دارجة بكثرة في تسعينيات القرن الماضي. إلى جانب أغاني الفنان المصري عمرو دياب، التي دمجت مع أفلام رسوم متحركة، وعلى رأسها أغنية "بعترف"، من ألبوم "تملي معاك" الصادر عام 2000.

هذا الدمج لا يرتهن لأهمية عنصر على حساب آخر، إذا ما نظرنا إلى بعض الأعمال السينمائية التي كان لها وجه معاكس وتفريغ مغاير ومناقض للنموذج سالف الذكر. فما تستطيع الأغنية المصورة تحميله وتوظيفه، لن يكون مستحيلًا في حالة المشهد السينمائي بعد تحميله وتوظيفه الأغنية. فيصبح الفيلم هو بحد ذاته فيديو كليب لنفسه، كما في حالة "التايتانيك"، أو أقرب إلى استعارة، كما فعل كل من مارك أنتوني وتينا أرينا في أغنيتهما الشهيرة I Want To Spend My Lifetime Loving You التي صدرت عام 1998، بعد صدور فيلم "قناع زورو" في نفس العام؛ إذ عمل الثنائي على محاكاة الفيلم بشكل مختلف؛ فقدما نموذجًا بصريًا أقرب إلى المسرحي منه إلى الفيديو المصور.

المساهمون